تجتاح تيارات الربيع الأوروبي دول وشعوب القارة بأكملها.. ومشاهد الربيع الأوروبي منذ بدء العام شملت أولا: انفضاح قضية الديون اليونانية والتي وصل حجمها إلي 235 مليار دولار في منتصف عام 0102، وثانيا: محاولات قادة وساسة الاتحاد الاوروبي المضنية والمتواصلة لايجاد حل جاء متأخرا ما يقرب من سنة عن موعده، ثالثا: انفضاح الواقع الاقتصادي لدول أوروبا ومنها ديون ايطاليا بحجم 3.1 تريليون يورو وبنسبة 031٪ من الناتج المحلي الاجمالي وايرلندا والبرتغال بل المانياوفرنسا ونسبة كل منهم 38٪ من اجمالي الناتج المحلي، رابعا: سقوط الحكومة اليونانية ودفع باباندريو الثمن السياسي لمحاولة الانقاذ الاقتصادي لليونان ولامتصاص الغضب الشعبي، وخامسا: سقوط بيرلسكوني »أطول رئيس وزراء حكم ايطاليا« وحكومته التي كانت عنوانا للإفساد السياسي والأخلاقي، وسادسا: تظاهرات الشباب والسخط الشعبي في انجلتراوفرنسا واليونان واسبانيا وغيرها من الدول، وسابعا: اجماع شعبي أوروبي بضعف القادة السياسيين والسياسات المطبقة لا تلبي طموحات الأجيال الجديدة في فرص عمل وتعليم وعلاج وتأمين وغيرها، وثامنا: غزو اقتصادي غير مسبوق لاوروبا للصين وفائض في خزائنها يتجاوز ثلاثة آلاف بليون دولار، تاسعا: طبقات متوسطة وفقيرة مطحونة، عاشرا: هجرة للمال والاستثمار خارج دول القلق والكوارث.. وخطورة ما يحدث في أوروبا أنه يهدد مباشرة حدوث ركود عالمي حاد اذ سقطت اليونان أو إحدي الدول الاوروبية ذلك من انتفاضات شعبية ونكسات مالية وانهيار للأسواق وما قد يتبعه من انهيار للسوق الاوروبي ولأسس الاتحاد الاوروبي بعد سقوط وخروج دولة أو أكثر منها.. زلزال الديون الاوروبية جعل كل قادة أوروبا يجتمعون بالأيام وليس بالساعات في محاولات مضنية لانقاذ المستقبل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لدول الاتحاد الاوروبي.. وهناك من يري أن الساسة تأخروا كالعادة في ايجاد الحلول الحاسمة التي تنقذ الدول وتلبي احتياجات الشعوب.. فهل بدأ الربيع الأوروبي.. الربيع يعني تغييرا.. وتغيير يزدهر للأفضل.. فهل سنري سياسيين اكثر قدرة وقوة لريادة الدول والشعوب أولا: لقيادة حكومات انقاذ مثل ما يحدث الآن في اليونان وايطاليا، وثانيا: لقيادة حكومات تغيير مثل ما سيحدث في فرنسا بل وانجلترا ايضا، وثالثا: إلي قيادة حكومات نماء وتقدم وازدهار مثلما يحدث في الدول الاسكندنافية.. وقد يتساءل البعض ما هو تأثير واهمية الربيع الاوروبي علي الربيع العربي؟.. مما لا شك فيه اننا كمصريين لا نعيش بمعزل عن العالم حتي لو دفعتنا الاحداث اليومية والانهيارات المستمرة إلي غيبوبة متواصلة لا نري ولا نسمع ولا نتابع إلا مشاهد الهدم والفوضي والتدمير.. وعلي وجه المقارنة بين الربيعين.. الربيع الأوروبي ركيزته الديمقراطية ودوافعه اقتصادية وتنموية يقوده ساسة محترفون يسمعون صوت الطبقات المتوسطة والكادحة والشابة يحترمون القانون والحوكمة ويبنون علي نظم راسخة في حالة تطوير مستمر دون هدم للجيد فيها، أساسه معلومات وشفافية وقيادة في النور. بينما الربيع العربي ركيزته القضاء علي الدكتاتورية وبناء ديمقراطية، دوافعه كانت تتركز علي العدالة والتكافؤ والحرية، تفجرت بزهور الشباب والشعوب الثائرة، وخطفت في طريقها بتيارات دينية تساندها وتساعدها وتمكنها حكومات ضعيفة وقيادات حكومية مؤسفة تسببت في انهيار غير مسبوق اقتصادي وسياسي واجتماعي واخلاقي وامني اعادت الدول الراسخة مثل مصر إلي عصور العنف والظلام واخفاء المعلومات.. الربيع الاوروبي هو دعوة للبناء والتقدم.. الربيع العربي انزلق إلي الانهيار والهدم.. واخشي أن تكون ارض مصر والعرب تقفز لخريف قارس وقاس لديكتاتوريات جديدة تولد باسم ديمقراطية مزيفة غير كاملة الاركان.. وكأن التاريخ يعيد نفسه.