كلما تأملت أحوالنا.. أحزن لما وصلنا اليه.. حكومة هشة ضعيفة.. مجلس عسكري يدير كل شيء.. ولا يعترف أن الاحداث أقوي منه.. وأنه لم يفلح حكم عسكري في إعادة بناء دولة في العالم.. العسكر يعرفون طريقهم في مواجهة العدو وصيانة حدود الدولة.. واقرار الأمن الخارجي وهذا ما حدث في انتصار أكتوبر 3791 العظيم.. ولا مانع من المساهمة في إعادة البناء في وقت السلم.. لكنهم لا يستطيعون أن يتحملوا مثلا ما يحدث من حوار وجدل ونقاش حاد حول وثيقة الدستور أو الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية.. وهم أصلا ممنوعون من التصويت في الانتخابات بحكم القانون.. إذن لو عرف المجلس الأعلي للقوات المسلحة دوره الحقيقي لامتنع عن اقحام نفسه في السجال السياسي والثقافي والاجتماعي والديني الدائر علي الساحة السياسية المصرية. تبقي لنا الحكومة.. وهي كيان قائم علي قواعد هشة.. سبق وتحدثنا عنها في مقالات سابقة لاداعي لأن نكررها الآن.. وعيوبها مازالت قائمة.. سواء في شخوص رئيس الوزراء والوزراء أنفسهم أو في إمكانياتهم وقدراتهم وشجاعتهم علي مواجهة المشكلات العويصة التي تعاني منها مصر.. وهي تضم نفراًَ من الوزراء ضد ثورة 52 يناير.. كما تضم وزراء يعملون لاسقاط زملائهم في الحكومة بأي شكل! وتضم وزيرا انبري إلي تفتيت العمل النقابي والمهني في مصر تحت دعوي الحريات النقابية.. العالم يعرف أن الحريات النقابية هي حرية المهنيين والعمال في اختيار من يمثلهم.. وممارسة أنشطتهم المهنية والنقابية والعمالية بحرية تامة.. وان الكلمة الأولي الملزمة لمجلس النقابة هي كلمة الجمعية العمومية والتي تضم كل الاعضاء في النقابة.. أما مسألة تفتيت النقابات.. لأن يكون من حق أي عدد من الاعضاء تأسيس نقابات مستقلة فهذا تخريب للعمل النقابي والمهني.. فلا يكون مثلا لدينا 3 أو 4 نقابات للصحفيين.. أو اتحاد عمال مواز للاتحاد العام للعمال.. أو نقابة للمهندسين غير النقابة المعروفة التي ستختار جمعيتها العمومية 52 نوفمبر نقيبها ومجلس النقابة.. أو نقابة أخري للاطباء غير التي فاز بمنصب نقيبها د. خيري عبدالدايم.. وهكذا. أري أن في ذلك تفتيتاً للعمل المهني والنقابي.. وأري أن الحرية تتحق بتقوية وتفعيل الجمعية العمومية ومنح السلطات القانونية لمجلس النقابة.. وتيسير الخدمات الحكومية لاعضاء النقابات المهنية مثل تمليك الاراضي والمساكن والرعاية الصحية والدعم المالي.. الخ. أعود الي الحكومة الهشة الضعيفة والتي تركت المحليات تعيش في برك الفساد.. والاهمال.. وبدأت منها شرارة المظاهرات والمليونيات.. يقول الدستور إن مصر تقسم الي وحدات ادارية (محافظات- مدن- قري) تتمتع بالشخصية الاعتبارية.. ومعني الشخصية الاعتبارية ان لها استقلالية ولها سلطة اتخاذ القرارات ولها اقامة الدعاوي علي الغير كما للغير اقامة الدعاوي عليها. ونص الدستور علي أن يكفل القانون دعم اللامركزية وينظم وسائل تمكين الوحدات الادارية من توفير المرافق والخدمات المحلية.. والنهوض بها وحسن ادارتها.. أين الحكومة من هذا؟.. لقد صدر القانون 34 لسنة 9791 بشأن الادارة المحلية.. وظهرت به عيوب وثغرات وخالف النصوص الصريحة للدستور وتم تشكيل لجان لتعديله منذ صدوره وحتي الآن لم يتم التعديل.. ولم تهتم الحكومة بتصحيح الاوضاع الشرعية للمحليات خاصة بعد حكم القضاء ببطلان تشكيلات المجالس الشعبية المحلية بالمحافظات.. ويكفي أن أقول لكم إن ما يجري في المحليات باطل وإن المحافظ أو رئيس المدينة يمارس اختصاصا في غير محله. لقد حدد الدستور من يدير المحليات في المادة (261) منه حيث ذكر »تشكل المجالس الشعبية المحلية تدريجيا علي مستوي الوحدات الادارية عن طريق الانتخاب المباشر علي ان يكون نصف اعضاء المجلس الشعبي علي الاقل من العمال والفلاحين ويكفل القانون نقل السلطة اليه تدريجيا اذن المجالس الشعبية المحلية (المنحلة حاليا) هي الادارة الدستورية والسليمة للمحليات.. وليس المحافظ أو رئيس المدينة او القرية! وهذا التقاعس المتعمد من الحكومتين السابقة والحالية عن حل مشكلة المحليات ومواجهة مشاكلها يزيد من أوجاع مصر.. ويزيد من الاحتقان الذي نراه في القري والنجوع والمدن والمحافظات.. ويؤثر في شرعية الحكم.. ويضع وصاية علي الشعب.. فأيهما أقدر علي معرفة احتياجات القرية شعبها أم الوزير الجالس في مكتبه المكيف.. أو المحافظ الذي يجلس في غرفته بديوان المحافظة ولا يدري ما يحدث خارج الديوان! لم يعد مقبولا بعد ثورة يناير أن تدوس الحكومة علي الشرعية الدستورية ولم يعد مقبولا ان تتباطأ الحكومة في اتخاذ ما يلزم لاصدار قانون الادارة المحلية. ويجب ان يقوم علي المفهوم الديمقراطي. من خلال قيم واخلاق وثقافة وتقاليد المجتمع ونظم معلومات متاحة للجميع ومجتمع مدني فعال ودعم وتعميق مفهوم وثقافة المشاركة والتحمس والشعور بالملكية الجماعية.. وإعلام حر وبناء مؤسسي قانوني شرعي دائم وفعال وقطاع خاص شريف ومواطن متعاون وقبل كل ذلك حكومة وادارة محلية قادرة علي تعبئة الطاقات والاستخدام الرشيد للموارد.. كل ذلك يصب في هدف اكبر هو التنمية بالحوكمة. الدكتور عصام شرف.. أنت إلي الآن رئيس وزراء مصر أو كما يسميك البعض رئيس حكومة تسيير الاعمال.. يجب ان تراجع نفسك وتتيقن أنك وحكومتك لم تفعلا شيئا.. سافرت كثيراً وعدت بوعود لإنقاذ مصر من الإفلاس ولم تصلك أية مساعدات أو حتي قروض من أي دولة.. ومازال الدين في حدود ال561 مليار جنيه التي تحدث عنها د. حازم الببلاوي وزير المالية.. وأتت حكومتك علي الاحتياطي النقدي لمصر والذي كان قد بلغ العام الماضي 63 مليار دولار والمخصص لتمويل التزامات مصر الخارجية.. والآن اصبح 12 مليار دولار.. من أين ستعوض الخسارة وقد انخفضت أنشطة مهمة مثل السياحة والمقاولات والاستثمارات بسبب الفوضي التي تعيشها مصر والانفلات الامني الذي تعيشه ربوع مصر.