في ضوء الانخفاض المتتالي في سعر الدولار تجاه الجنيه المصري.. فإن ما يحدث ليس سوي تطور طبيعي يتماشي والتحسن في أوضاعنا الاقتصادية.. حول هذا الشأن أقول للمتشككين الذين يفتقدون الثقة في نتائج مسيرتنا الاقتصادية الناجحة أن هذا التطور شيء طبيعي. هذه الحقيقة تتفق وما سبق أن صرح به مسئولو صندوق النقد الدولي وفي مقدمتهم مدام لاجارد رئيسته. قالوا إن السعر العادل للجنيه المصري مقابل الدولار كان يجب ألا يتعدي 14 جنيها فقط.. فما بالك بعد تحسن الأوضاع الاقتصادية بشهادة كل المؤسسات الاقتصادية الدولية. إن توافر الدولار لدي البنك المركزي والبنوك هو عامل أساسي في هذا الانخفاض وصولا إلي قيمته الحقيقية وفقا لمبدأ العرض والطلب. هذه الوفرة التي بلغت أرقاما قياسية في هذه البنوك تحققت علي واقع نجاح الاصلاح الاقتصادي. إن من أسبابها تدفق رؤوس الأموال الدولارية الاستثمارية إلي السوق المصري وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج بالاضافة الي عائد السياحة المنتعشة وقناة السويس التي تتزايد عوائدها. لا جدال ان الثقة في الاقتصاد المصري يعد عاملا ايجابيا في توالي الزيادة في قيمة الجنيه وهو ما يعني نجاحنا في عبور المرحلة الصعبة من الاصلاح الاقتصادي. ما حدث كان نتيجة الالتزام ببرنامج هذا الاصلاح الذي كانت بدايته قرار البنك المركزي باطلاق حرية صرف العملات والعمل علي زيادة الاحتياطي لديه من العملات الأجنبية. يضاف إلي ذلك إقدام القيادة السياسية علي اتخاذ العديد من القرارات الصعبة بجرأة وشجاعة كانت وراء أهم ركائز ما يشهده هذا الاقتصاد من انتعاش غير مسبوق. لا يمكن أن نغفل ونحن نتحدث عن هذا النجاح الدور الوطني للشعب الذي تقبل وتحمل أعباء هذه القرارات الاقتصادية وهو الأمر الذي يجعله البطل الحقيقي وراء تحقيقه. كل هذه العوامل الإيجابية كانت السبب الرئيسي للوصول الي هذه المرحلة المبشرة التي أصبح عليها اقتصادنا القومي. إن الحفاظ علي هذا الانجاز التاريخي يحتم استمرار الالتزام الحازم بكل متطلبات تواصله وتصاعده. لا جدال أن هذا النجاح وهذا الإنجاز هو ركيزة قوية لعملية بناء الوطن علي أسس سليمة ودائمة. من ناحية أخري فإنه ومع تواصل الارتفاع في قيمة الجنيه المصري وما يصاحبه من انتعاشات ان ينعكس ذلك في أسعار الاحتياجات الإنتاجية والمعيشية بالإضافة الي انخفاض اعباء الدولة. من المؤكد ان الظروف ستكون مواتية لتحقيق هذه الآمال وهذه التطلعات لو أصبح العمل والانتاج شعارا نافذا وفاعلا من جانب الشعب والحكومة. التوصل الي هذه الغاية يتطلب قوانين واجراءات وقرارات لاعلاء هذا الشعار والالتزام بمتطلباته علي كل المستويات.