شهر رمضان بجانب انه شهر الصيام فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن » شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًي لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَي وَالْفُرْقَانِ» البقرة، ولذلك يحرص المسلمون فيه دائما علي تلاوة القرآن أناء الليل وأطراف النهار، يقول د. عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن »أسيد بن خضير» هو الصحابي الجليل الذي كان يستحضر معاني القرآن حين تلاوته وكان يعيش مع التلاوة بعقله وروحه وذات ليلة وهو يقرأ القرآن وكان له ابنا يسمي »يحيي» وكان هذا الغلام قريبا من فرس أبيه فلما أخذ والده في القراءة جالت الفرس فلما سكت عن القراءة سكتت الفرس، يقول أسيد : فنظرت فوقي فإذا مثل الظلة تكسو السماء نورا فخفت علي أبني فتوقفت عن القراءة فلما أصبحت ذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقصصت عليه ما حدث لي فقال يا أسيد تلك الملائكة دنت لسماع صوتك ولو بقيت تقرأ لبقيت الملائكة حتي تصبح فتراها الناس، وفي هذه القصة من اللطائف والدروس التي يجب أن تعيها الأمة وهي كيف نربي أولادنا علي حب كتاب الله وكيف يكون حالنا مع القرآن وإذا قرأناه نقرأه قراءة المتدبر الوجل الخائف المستحضر لعظمة المتكلم وهو الله، فلا يكون هم أحدنا آخر السورة بحيث يقرأ الفرد بنظره أو ينطق بلسانه ولا يعيّ قلبه ما يقرأ ولا يُعمل عقله متدبرا فيما يقرأ إنما علينا أن نتدبر كتاب الله حتي نتخلق بأخلاقه ونتأدب بآدابه، وعلي من يقرأ القرآن أن يقرأه بأحكامه فيراعي للحرف حقه ومستحقه ولذلك جاء في الحديث » الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة» والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران أجر التلاوة وأجر التعتعة، ومن لم يستطع ان يتعلم أحكام التلاوة فيكفيه أن يذكر الله ويسبحه ويستغفره، كما يجب ان نعلم شبابنا وأبناءنا أن يكون القارئ بالقرآن والماسك بالمصحف علي وضوء أي طاهرا من الحدثين الأصغر والأكبر، وأن من يقرأ القرآن ليعلم أن هناك عباد لله وهم الملائكة المقربون يحضرون فيستمعون تلاوته للقرآن فعليه أن ينشغل به لا أن ينشغل بغيره، وعلي شبابنا أن يجملوا ويحسنوا أصواتهم بالقرآن لقول النبي صلي الله عليه وسلم » حسنوا أصواتكم بالقرآن» ولقد أستمع النبي صلي الله عليه وسلم إلي قراءة أبي موسي الأشعري رضي الله عنه فطرب لها فلما رآه قال له يا أبا موسي والله لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داوود ، فما أحوج المجتمع ان يأخذ من هذه القصة العبرة والعظة حتي تقع قراءة الناس للقرآن كما أراد الله لها أن تقع فالله تبارك وتعالي يقول » وَرَتِّلْ الْقُرْآن تَرْتِيلًا».