لعله يشبه الواقفين علي الطريق، أو هو يشبههم بالفعل... يوزعون التمر والماء والعصائر، وينثرون المحبة والود علي المارة ساعة الإفطار.. قال لهم سائق السيارة التي أوقفوها: لكني مسيحي!!..ردوا جميعا (علي اختلاف أماكنهم) وهم يمدون يدهم بالتمر وأكياس الكركديه (كلنا واحد)!!... الكاتب المسرحي والسيناريست كرم النجار يفعل مثلهم منذ أكثر من عشرين عاما، يحمل نقاء قلوب الواقفين علي الطريق بالمحبة وسماحتهم.. ما أن يأتي شهر رمضان، حتي يتحول بيته وبيوت بناته (نجوان ونوران) إلي طقس رمضاني مبهج وحميم.. تزين نوران جدران البيت بالأقمشة والمفروشات الرمضانية الشعبية المزركشة والأعلام والفوانيس.. ويحرص كرم النجار علي إقامة إفطار رمضاني، يدعو إليه كثيرا من الكتاب والفنانين والمبدعين الأصدقاء.. ويخصص غرفة في البيت للصلاة، لضيوفه المسلمين... يوم للمحبة ليس مجرد تقليد ورثه عن والده، وكان يفعل ذلك قبل ثلاثين أو أربعين عاما في بلدتهم بالمحلة الكبري.. ليس مجرد تقليد، وليس معني استعراضيا، وليس شعارا متعمدا ومقصودا للوحدة الوطنية.. لكن قيمة راسخة وأصيلة، ومحبة عميقة داخل قلوب المصريين جميعا، سواء في موائد رسمية تحرص عليها الكنائس المصرية دائما، أو موائد شعبية يقيمها المواطنون بشكل فردي.. ربما كانت بداية الموائد القبطية الرمضانية في شبرا ومائدة (العيش والملح) القمص صليب متي ساويرس في كنيسة مار جرجس.. وربما كانت مع مائدة حنين أسحق، أو مائدة مكرم عبيد، أو مائدة القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919... تاريخ طويل من المحبة والتلاحم والتماسك، نسيج واحد للمصريين.. ومائدة كرم النجار وإفطاره الرمضاني، واحدة من أهم الطقوس الرمضانية الحميمة، الحريصة أنا وكثيرون علي تلبيتها.. كلنا واحد بالفعل.