بين قيام ثورة تونس وقيام ثورة مصر نحو شهر. وبين انتصار ثورة تونس وانتصار ثورة مصر نحو شهر. وبين أول انتخابات جرت في تونس بعد الثورة وأول انتخابات تجري في مصر بعد الثورة نحو شهر. ثورة تونس قادها شباب غاضب وكذلك ثورة مصر. الجيش في تونس والجيش في مصر اختار الانحياز للشعب. الجيش في تونس أقنع زين العابدين بن علي بالتنحي والفرار والجيش في مصر أقنع حسني مبارك بالتنحي لكنه اختار البقاء. مبارك وزين العابدين وجهان لعملة واحدة اتسمت بالزيف والفساد وكذلك حزباهما. التقارب بين الثورتين زمانيا والتشابه بينهما حدثيا لم يستمر. سلكت كل منهما سبيلا مختلفا. تونس وفقا للدستور القائم وقت الثورة اختارت رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رئيسا مؤقتا رغم أنه أحد رجال بن علي. الرجل استوعب فيما يبدو درس الثورة جيدا ومن ثم بدأ الاعداد لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد يعقبه انتخاب برلمان ورئيس. مبارك عهد بادارة شئون البلاد الي المجلس الاعلي للقوات المسلحة. لم يخلص بعض من مستشاري السوء النصيحة. تم ادخال مصر في حالة من التوهان المتعمد. الغاء دستور 1971 أم تعديله. استفتاء علي تعديل ثم تعديل المستفتي عليه ثم الغاء الدستور كلية. نضع الدستور أولا أم ننتخب برلمانا ينتخب لجنة تضع دستورا ثم ننتخب رئيسا. دولة مدنية أم دولة تسلطية يتم الادعاء بأنها تمثل صحيح الدين وهو منها براء لأنها آراء أفراد. فتنة طائفية تهدد باحراق الاخضر واليابس. غياب أمني مريب وبلطجة علي »قفا من يشيل«. اضرابات واعتصامات واحتجاجات فئوية طالت حتي القضاة والمحامين واقتصاد يترنح. رموز فساد العهد الماضي يتسللون كالافاعي صوب البرلمان الجديد وصناع الثورة من الشباب مستبعدون عجزا أو تفتتا ولان الكتاب يقرأ من عنوانه فما سوف نشهده لن يكون سوي برلمان »سمك لبن تمرهندي« وهو خليط من شأنه أن يقلب المعدة وليس أن يسد غائلة الجوع. تونس لعبتها صح حتي الآن علي الاقل.. لكن السؤال هو.. طيب مصر إيه؟