في حواره الأخير مع قناة الجزيرة تساءل الأستاذ محمد حسنين هيكل: كيف استمر الرئيس السابق ثلاثين سنة في الحكم؟ كان يشير إلي محدودية الحساسية وانعدام خبرته في العلاقات الدولية وفنون الصراع سواء كان علي السلطة أو في مجال السياسة ومع ذلك تمكن من توطيد أركان حكمه وأمسك بجميع الخيوط وبعد أن بدأ نزيها، يتباهي بارتدائه ملابس صناعة مصرية، وأبدي الزهد والتعفف، بدأ مسلسل التحولات الذي انتهي إلي ما انتهي إليه، ولولا ثورة يناير التي جاءت نتيجة التكوين الخاص للشعب المصري لاستمر الأمر إلي ما لا يمكن تخيله والسؤال الذي يجب أن يطرح هنا بالتوازي: لماذا سكت الشعب المصري ثلاثين سنة؟ للإجابة عن السؤالين لابد من الإحاطة بالتاريخ المصري، أثق أن الأستاذ يعرف الجواب جيداً لكنه ينبه ليس بحثاً عن الأسباب في الماضي، ولكن تنبيه وتحذير لما يحمله المستقبل، بعض المرشحين للرئاسة يطالبون باستمرار النظام الرئاسي ويرفضون البرلماني، وأكاد ألمح عيونهم متجهة إلي إمكانيات النهب وتكوين الثروة الطائلة التي يكفلها النظام الرئاسي الذي يصبح فيه رئيس مصر مطلق السلطان، يتصرف في مصر كأنها تركة شخصية له بثرواتها وإمكانياتها، وينتهي الأمر بعد تدرج ومراحل تكررت مراراً في التاريخ إلي كونه شخصية مطلقة، هو الدولة والدولة هو، العصر المملوكي في رأيي مازال مستمراً بقيمه التي تقوم علي تقريب الأشخاص وليس الاعتماد علي المؤسسات، هذا الاحتمال وهذا التكوين مازال قائماً في النظام السياسي المصري الذي يمنح الرئيس سلطات مطلقة، فهو القائد الأعلي، ورئيس مجلس القضاء، والشرطة، وتنظيم الأسرة، والاقتصاد وهو من يصدر القرار النهائي في كل شيء. ولذلك لا ضمان لأي شيء مادامت الأوضاع الحالية باقية إلا إذا تم تعديل الدستور وجري تركيز علي دور الرئيس وتقليص سلطاته، الملاحظ أن أطول سلاطين مصر عمراً في العصر المملوكي كانوا أضعفهم شخصية وأقلهم إمكانية، لكن، بمجرد صعوده إلي مكان الذروة وإمساكه بالتلابيب هنا وهناك يبدأ شعوره بهذه الجملة التي كان يرددها ابن إياس مع ظهور التحولات علي السلطان الذي كان زاهداً، محارباً، شجاعاً، ورعاً، تقياً، كل هذا يتغير مع بدء تذوقه لحلاوة السلطنة، حلاوة السلطنة، كما قال ابن اياس هي مفتاح الجواب للسؤال الذي طرحه الأستاذ.