»العلم في الراس لا في الكراس«، بُحت أصوات جيل عظيم من المعلمين مع جيلي، مؤكدين دائما علي ان العبرة ليست بالحفظ وإنما بالفهم، والأمر ينسحب علي كل ما يتعلق بالسلوكيات والقواعد الاخلاقية والمعايير التي يجب أن تحكم الضمير، فالمسألة لا تتوقف علي إصدار مدونات، أو حتي قوانين، لكنها ترتهن أساسا بالدرجة التي تتحول عندها تلك النصوص إلي أفعال تعكسها التصرفات، لتصبح سلوكا ملموسا واضح الأثر. تذكرت الجملة المأثورة عندما قرأت خبر اصدار مدونة -هي الأولي من نوعها- هدفها تحديد القواعد والسلوك الاخلاقي لرجل الشرطة، ولاشك أنها مبادرة طيبة علي المستوي النظري، ويبقي المحك العملي وحده الكفيل بإصدار حكم عادل بمدي التزام الشرطة في جميع مواقعها بتلك المدونة التي تعد ميثاقا يضبط علاقة شابها الكثير من التشوهات بين المواطن والشرطي علي مدي عقود. اشتاق المصريون الي عودة شعار »الشرطة في خدمة الشعب« بعد غياب قسري طويل، سادت خلاله الممارسات التي قادت لتوتر العلاقة في ظل أداء كان التجاوز والظلم هو الأساس، وما دونه الاستثناء النادر! أخيرا؛ صدرت مدونة للعمل الشرطي، لكنها مبادرة تتطلب التفعيل السريع والمقنع لكل من يتعامل مع جهاز الأمن، فالتزام رجاله بما تضمنته أقصر طريق لعودة الهيبة دون ترهيب، وبالمقابل انقشاع أسوأ سحابة سوداء عرفتها مصر اسمها: »الانفلات الامني«.