أحداث التاريخ ليست للقراءة والتسلية، وإنما لاستيعاب الدروس، وعندما قال الرئيس السادات قبل اغتياله »أنا كنت غلطان إني خرَّجت الإخوان من السجون، كان لازم يفضلوا في مكانهم»، فالدرس المستفاد هو: الندم. يجيدون الاختفاء تحت الأرض »الكمون» عندما تشتد قبضة الدولة، ويخرجون ويستعرضون عضلاتهم في أوقات الاسترخاء، وما أصعب أن يظل المجتمع مشدود الأعصاب تحسباً لغدرهم. عداوتهم هذه المرة لا مثيل لها، فقد كانوا يتربعون فوق كرسي الحكم، وحلموا بخلافة تستمر نصف قرن، علي غرار ما فعله الأتراك، وأسقطهم الشعب والجيش والرئيس، ولن ينسوا ذلك أبداً. الإخوان لم ينسوا لعبد الناصر أنه وضعهم في السجون، فكيف ينسون لمن أسقطهم من فوق كرسي الحكم.. أيام عبد الناصر لم يكونوا يحكمون بل يتآمرون، وبعد أحداث يناير حكموا وتحكموا، وحققوا الحلم الغائب منذ نشأتهم. ويا حسرة من ذاق نعيم السلطة ثم اكتوي بمرارتها، ومن كان يستعرض حرس الشرف، ثم أصبح ينحني أمام السجان، ومن كان يتمرغ في القصور، ثم يغلق عليه باب الزنزانة.. هم الذين اختاروا مصيرهم. » لو » عاد الزمن بالسادات فلن يخرجهم من السجون، بعد أن اعترف بخطئه، وقال في خطاب ما قبل الاغتيال، أن أخطر شيء في الإخوان، هو الأفكار التي يزرعونها في عقول الشباب، ومن يغازلهم أو يقترب منهم، يرتكب جريمة لا تغتفر في حق مصر. السادات راح ضحية للحاكمية، التي حذر منها في خطابه، وشرحها تفصيلاً بتطويع عبارة »الحكم بما أنزل الله»، إلي رفض الدستور والقوانين، والاصطدام بالدولة الكافرة والقضاء عليها. وحدث ما كان يخشاه وحذر منه، وقتلوه في المنصة في ذكري انتصاره عام 1981، وكانوا يخططون لإثارة الفوضي والرعب والاستيلاء علي الحكم، وأنقذت العناية الإلهية مصر من شرهم. أحداث التاريخ ليست للتسلية ولكن للعبرة والعظة. أخطر ما فيهم الأفكار التي يملأون عقول الشباب بها، وشبابهم هو الجيل الجديد الذي يمتطي الشائعات، بشكل سافر وعدواني وكريه، والأخطر منهم »إخوان المهجر»، الذين يحملون جنسيات أمريكية وأوربية وقطرية وتركية، وغابت عن عقولهم معاني الانتماء والولاء للوطن والعلم والنشيد. شباب الإخوان لا يجدون عيباً هم يتظاهرون في الخارج ضد بلدهم ورئيس دولتهم أمام البيت الأبيض والكونجرس، ولا يشعرون عاراً في تأجير جنسيات أخري ليتظاهروا معهم، ومفهوم الفخر عندهم هو الاعتداء علي المصريين المخالفين لهم في الرأي. لا يحدث حتي في جمهوريات الموز، أن توجد جماعة تراهن علي شيئين: إما اختطاف السلطة، أو إعلان الحرب، مع أن من ينتمون إليهم يعيشون كغيرهم من المصريين، دون أن يمسهم أحد، إلا في حدود القانون الذي يطبق علي الجميع. ولا في جمهوريات الموز توجد جماعة تعادي وطنها، ثم يظهر من ينافق ويناور ويتلاعب، والدرس المستفاد من السادات، أن من فعلوا ذلك، ساعدوا في وصول البلاد إلي حادث المنصة. المنصة لم تكن اغتيال الرئيس السادات ورجال الشرطة فحسب، ولكن الغدر والخيانة والشر، حتي انكشفت منصتهم الكبري في أحداث يناير وما تلاها، وكان القرار: مصر لن تكون لكم.