لم تذق مصر طعم الراحة منذ نشأة جماعة الإخوان عام 1928، لم تمر حقبة زمنية في هدوء، دون مشاكل وإضرابات واغتيالات، تسعون عاماً من الإرهاب الذي لم يتوقف. إذا اشتدت قبضة الدولة، دخلوا تحت الأرض، يطلقون عليه »كمون»، يختفون وسط الناس، وينكرون انتماءهم، ويقولون جملتهم الشهيرة »أنا مش إخوان». وإذا خفت قبضة الدولة، خرجوا مرة أخري يستعرضون قوتهم، ويفرضون سطوتهم، ويخوضون حرباً حقيقية بكل الأسلحة، من الدولار لتخريب الاقتصاد، حتي السلاح لإضعاف الأمن. تسعون عاماً من الإرهاب، مع كل الأنظمة التي حكمت مصر، قبل ثورة 23 يوليو وبعدها، وفي عصور كل الرؤساء الذين حكموا حتي الآن، وكانت الطامة الكبري عام حكمهم. تحالفوا مع الملك فاروق قبل الثورة وقبله فؤاد، ثم انقلبوا عليهما، واغتالوا القاضي الجليل الخازندار، وحاولوا اغتيال النحاس باشا، وأحرقوا القاهرة. كانوا أصدقاء جمال عبد الناصر والثورة بعد 23 يوليو 1952، ولما أرادوا أن يسيطروا علي مجلس قيادة الثورة ويحكموا البلاد، تخلص منهم عبد الناصر في حملتين كبيرتين 1958 و1964. لم ينسوا ولن ينسوا لجمال عبد الناصر ضرباته القاصمة لجماعتهم، وتظل الستينيات الخوف والرعب الذي اجتاح قواعدهم، وتأكدوا من خطورة اللعب بالنار مع ناصر. حادث المنشية في الاسكندرية لم يكن تمثيلية، كانوا يقسمون أن ناصر دبر الحادث للتخلص منهم، ولكن بعد 25 يناير اعترف قادتهم بأن الجماعة هي التي دبرت محاولة الاغتيال، ونشروا أسرارها كاملة. ثورة 23 يوليو لم تبدأ بالعداء بل بالمصافحة، وحاولت احتواءهم والسماح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية، لكنهم تآمروا وانقلبوا فلا يريدون مشاركة بل »الخلافة». الرئيس السادات أخرجهم من السجون فقتلوه، ولم يحفظوا له عهداً، رغم تقربه منهم ومن مرشديهم، ومحاولاته حسنة النية لتضميد جراحهم، وضمهم تحت راية الوطن. أخطر ما فعله الإخوان في حكم السادات، أنهم سيطروا علي طلبة الجامعات خصوصاً في الصعيد، وجعلوهم أمراء للإرهاب، ولا تزال مصر تدفع الثمن حتي الآن. أدرك السادات في أيامه الأخيرة خيانة الإخوان، واتهمهم في خطاب علني بأنهم صناع الإرهاب، وأنه »كان غلطان» بإخراجهم من السجون، ولكن بعد فوات الأوان.. المنصة. كان طريق الإخوان مفروشاً بالورود بعد 25 يناير، للعودة إلي المجتمع، في محبة وهدوء وسلام، ولكنهم أذاقوا البلاد كؤوس الدم، فكانت نهايتهم في 30 يونيو. إذا أردنا أن نعرف كيف يحولون الشباب إلي اجساد متفجرة، علينا أن نفحص جيداً قصة حياة إرهابي الدرب الأحمر. الفقر لا يصنع الإرهاب، ولكن تصنعه العقول التي تستغل الدين، لتبيح سفك الدماء، حتي لو كان الضحية مسلما، يصلي ويصوم، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.