.. والفشل ولم تؤثر علي من شاهدها لانها باختصار دموع في عيون وقحة لاشك ان الاحداث الاخيرة امام ماسبيرو تستوجب علينا ان نتقدم بخالص التعازي لاسر الضحايا ايا كانت هويتهم بايمان عميق ان الدماء التي سالت هي دماء مصرية بغض النظر عن ديانة اصحابها كما تستوجب ان تقوم الجهات المسئولة باجراء تحقيقات عاجلة لمعرفة كافة تفاصيل وملابسات هذا الحادث الاليم وصولا الي محاسبة مرتكبيه ومعاقبة المعتدين فيه ايا كان موقعهم وانتماءاتهم كما تحتاج منا الي وقفة مع النفس لنتعلم منها دروسا وننصح من خلالها كأخوة متحابين من يحتاج الي النصيحة حتي ولو كانت انفسنا وقبل ان ادخل في الموضوع اود ان اؤكد علي انني اتعامل دائما مع اخواني المسيحيين باعتبارهم شركاءنا في هذا الوطن الحبيب لهم مالنا وعليهم ماعلينا واننا معهم في كل مطالبهم المشروعة وليس ذلك من باب الفضل بل هو واجب شرعي امرنا الله عزوجل به في كتابه حيث قال (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين) كما انه واجب وطني وخصوصا اذا عرفنا ان اعداء الوطن الذين يتربصون بنا يعملون وبكل جهد وقوة علي ادخالنا في نفق مظلم من خلال فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين او من خلال وقيعة بين الجيش والشعب الامر الذي يفرض علينا ان نتصدي له بكل قوة وصلابة فالايام اثبتت ان قوة هذا الشعب تكمن في وحدة ابنائه وان التفرق والتشرذم هو سبيل الفشل وما حرب اكتوبر 1973 التي سالت فيها دماء المصريين مسلمين ومسيحيين الا خير شاهد علي ان النصر انما يأتي مع الوحدة وايضا ثورة 25يناير اكدت علي هذا المعني وما اروع ان تشاهد مظاهره في مصر ولا تستطيع ان تحدد ديانة المشاركين فيها وما ذلك الا لانهم رفعوا راية مصر فقط واستظلوا بظلها بعيدا عن اي شعارات دينية او رايات طائفية وقد اعلنت هذا الامر في اكثر من مناسبة عامة واذكر انني قلت ذلك في ميدان التحرير في خطبة الجمعة التي كانت بعنوان الوحدة الوطنية في 11-3-2011 واكدت عليه في جمعة الوحدة الوطنية الثانية في 13-5-2011 بل وتعرضت لهذه القضية في جمعة لم الشمل 29-7-2011 والتي حضرها مئات الالاف من الاخوة الاسلاميين عند حديثي عن المادة الثانية من الدستور حينما وصفتها بانها كجبل المقطم وقلت انها الضمانة الحقيقية لان يعيش اخواننا المسيحيون في امن وامان باعتبارهم شركاءنا في هذا الوطن لهم مالنا وعليهم ماعلينا ومن هذا المنطلق وبعد ماشاهدت احداث ماسبيرو المؤسفة وسمعنا للاحاديث والروايات المختلفة حول الاحداث رأيت انه من باب الحرص علي وحدتنا وعلي اطفاء نار الفتنة الطائفية ان اوضح بعض النقاط مجملة في عدة رسائل لاخواني ابناء هذا الوطن العظيم وهنا اقول: علم مصر اذا كان الاخوة المسيحيون يريدون ان يتعامل المجتمع مع مشكلاتهم علي انها مشاكل مصرية لبعض المصريين بعيدا عن تديين القضية وعدم صبغتها بالصبغة الطائفية ولكسب وتأييد الشارع المصري لهم ولقضيتهم فهذا يتطلب منهم مايلي: أولا: اتمني علي اخواني المسيحيين عدم رفع الصليب في المظاهرات ورفع علم مصر بدلا منه لان رفع الصليب يعطي المظاهرة شكلا من اشكال التدين الامر الذي قد يستفز البعض فيرفع المصحف في المقابل وكأنها حرب طائفية وخصوصا اذا خرجت المظاهرة للمطالبة بمطالب خاصة بهم دون غيرهم اما اذا خرج الكل في مظاهرة للمطالبة بمطالب مجتمعية او للوقوف امام من يريد تقسيم هذا الوطن فلا مانع ان يرفع المسيحيون شعارهم وان يرفع المسلمون ايضا شعارهم للتعبير عن الوحدة فيما بينهم مثلما حدث في ثورة 1919 وفي ثورة 25 يناير المجيدة. ثانيا: اناشد اخواننا المسيحيين عدم ترديد اي شعارات دينية مثل (ارفع راسك فوق انت قبطي) او (الصحافة فين الصليب اهوه) فان هذه الشعارات ايضا تصبغ المظاهرات بصبغة طائفية ومن الافضل اذا كنا لانريد تديين القضية ان نستبدلها بشعارات اخري تؤكد علي مصريتنا ووحدتنا فنقول كما كنا نقول في التحرير (ارفع راسك فوق انت مصري) او (الصحافة فين المصريين اهم) حتي لايفهم احد ان هذا الفريق قد خرج لمواجهة فريق اخر. ثالثا: افزعني منظر بعض الاخوة الذين كانوا في المظاهرة وهم يرتدون ثياب الكفن ومكتوب عليه جملة (شهيد تحت الطلب ) الامر الذي قد يفهم منه انهم خارجون في مهمة انتحارية (ياقاتل يامقتول) وكان من الاولي ان يكتبوا عليه (سلمية سلمية) حتي لايفهم احد ان الامر له ابعاد اخري وان كنت اثق في سلامة نية اخواني ممن فعلا ذلك الا ان طريق الفتنة احيانا يكون مفروشا بالنوايا الحسنة كما ان الطريق الي جهنم ايضا مفروش بالنوايا الحسنة ولا تكفي النية في مثل هذه المسائل فلا يطلع علي القلب الا مقلب القلوب سبحانه وتعالي اما نحن وغيرنا فلا نحكم الا بالظاهر. لماذا ماسبيرو رابعا: اذا اتفقنا ان القضية مصرية فلماذا يصر الاخوة المسيحيون علي ان يخرجوا من الصف المصري باختيارهم مكان ماسبيرو بالذات للتظاهر او الاعتصام اليس في ذلك تمييزا لهم عن غيرهم و كان من الاولي ان يكون مكان التظاهر هو ميدان التحرير باعتباره قبلة المصريين جميعا لكل من يريد ان يعبر عن نفسه او عن مطالبه ومشكلاته بشكل سلمي دون تعطيل للمصالح طالما ان القضية مصرية وهو ايضا المكان الذي احتضننا جميعا مسلمين ومسيحيين ايام الثورة، ان الاصرار علي اختيار مكان ماسبيرو بالذات هو اصرار علي التمييز والخروج علي وحدة الصف وان كنت اثق ان كثيرا من اخواني المسيحيين لايقصد هذا المعني ولكنه في النهاية هو الانطباع الذي يصل للرأي العام. خامسا: الواجب علي الاخوة المسيحيين عدم استغلال الموقف للضغط من اجل تحقيق مطالب او مصالح بعيدة عن جوهر المشكلة ولذلك دهشت حينما سمعت ان من ضمن مطالب المعتصمين امام ماسبيرو عمل كوتة للاقباط في مجلسي الشعب والشوري، ان مايحدث ذكرني برجل حدثت لابنه مشكلة في المدرسة فأخذ اقاربه ومعارفه واعتصموا امام المدرسة وحينما خرج لهم المسئول ليتفاوض معهم في كيفية فض الاعتصام رفضوا، الا ان تتحقق مطالبهم التي من بينها تزويج اخيه الاكبر وتعيين اخته في وظيفة حكومية الامر الذي يضع المسئوليين في ازمة ويقلب عليهم الرأي العام وخصوصا ان المجتمع بكل طوائفه يعاني مايعاني من مشكلات كثيرة ولو كان هذا هو الاسلوب العام في تعامل أي فئة مع مشكلتهم لخرج الناس كلهم واعتصموا في الشوارع وطالبوا بما هو حقهم وبما ليس من حقهم واعتقد ان العقلاء من ابناء الوطن يرفضون هذا الاسلوب في التعامل سادسا : اتمني عند اي مشكلة عدم الخروج عن حدود المشكلة الزمانية والمكانية بمعني لاتكون المشكلة في مكان والتظاهر في مكان اخر ولا تكون المشكلة في شهر اكتوبر 2011 فنتذكر ماحدث من قديم الزمان ونسترجع من الذكريات المواقف القديمة سواء للحكومة او لأحد الشخصيات بين المسلمين اوالمسيحيين عبر مقاطع فيديو او برامج تليفزيونية او مقالات صحفية لنزيد المشكلة تعقيدا ونؤجج نار العداوة والبغضاء. سابعا: عند محاسبة المتورطين في اي عمليات تخريب او هجوم علي احد او هدم او حرق ممتلكات الدولة يجب الايخرج احد في مظاهرات او اعتصامات ليطالب بخروج هؤلاء الاشخاص وعدم محاسبتهم قانونيا وخصوصا اذا كانت التهمة ثابتة في حقهم بالادلة والقرائن الامرالذي يضع المسئولين امام خيارين كلاهما اسوأ من الاخر اما خروج هؤلاء واهانة القانون وضياع العدالة واما الاعتصام او الاضراب وتعطيل البلاد . ان من يفعل ذلك يساهم بشكل او بآخر في نشر الفوضي وضياع هيبة القانون بل ويعطي المجرمين ضوءا اخضر ليفعلوا ما يشاءون في حق هذا الوطن وهم واثقون انهم لن يحاسبو وان هناك من سيطالب بالعفو عنهم عند القبض عليهم او محاكمتهم. ثامنا: حينما قلت ان الجيش خط احمر لم اعن بذلك انه خط احمر علي المسيحيين فقط بل هو خط احمر علي كل من يريد حرق الوطن وتخريب البلاد ايا كانت ديانته فالجيش هو جيشنا جميعا مسلمين ومسيحيين وهو الذي يحمي مؤسسات الدولة المملوكة للشعب وهو نسيج من ابناء هذا الوطن مسلميه ومسيحييه وبالتالي الاعتداء عليه هو اعتداء علي هيبة هذا الوطن العظيم وبهذه المناسبة اود ان اؤكد انني مع حق التظاهر السلمي وضد استخدام العنف ضد اي متظاهر سلمي كما انني ضد اي شخص يهاجم الجيش او يعتدي علي مؤسسات الدولة فثورتنا سلمية ولا ينبغي ان يخرج احد عن هذا الاطار. تاسعا: اتمني علي اخواني المسلمين ان ينتصحوا (لله عزوجل) بما نصحت به اخواني المسيحيين فوالله ماكتبت في هذا الموضوع إلا حبا في هذا البلد وحرصا علي وحدة ابنائه فلن ينجو الوطن من شبح الفتنة الطائفية الا اذا استظل الجميع مسلمين ومسيحيين براية مصر فقط بعيدا عن اي راية حزبية او طائفية وبعيدا عن ترديد اي شعارات دينية غير منضبطة تؤجج نار الفتنة الطائفية لان مصر ملك لنا جميعا وليس من حق احد ان يفرض وصايته علي احد وكل منا له حقوق وعليه واجبات. عاشرا: تحية من القلب الي الاوفياء المخلصين من ابناء هذا الوطن من المسلمين والمسيحيين الذين لايتعصبون الا لمصلحة مصر ويعملون ليل نهار علي وأد الفتنة ولم الشمل ووحدة الصف في مواجهة اعداء الامة المتربصين بنا بعيدا عن المصالح الشخصية. دموع في عيون وقحة تابعنا وتابع العالم كله أحداث صفقة القرن كما وصفها البعض بين اسرائيل وحماس حيث تم الافراج عن 1027 اسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الاسرائيلي المختطف جلعاد شاليط وهذه الصفقة دللت علي قدرة رجال المخابرات المصرية في انجاز المهام الصعبة واعادت لمصر ثقلها الذي بات مهددا طيلة العهد الماضي فتحية لرجال المخابرات المصرية ولكن ادهشني لقاء الاسري الفلسطينيين الابطال باهلهم وذويهم واستقبالهم استقبال المنتصرين وتعجبت كثيرا من حالة الصمود التي ظهرت علي وجه هؤلاء الذين تعرضوا لابشع صور القهر النفسي والمعنوي علي يد رجال الجيش الاسرائيلي الغاشم ان طموحات اسرائيل تبددت امام هذا الصمود الفلسطيني اما في الجانب الاخر فقد حاولت اسرائيل ان تجمل وجهها وترفع معنويات جنودها باستقبال رسمي حضره بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل للجندي الذي فشلت اسرائيل بكل اجهزتها وفشل الموساد المتغطرس ان يصلوا الي مكانة طيلة خمس سنوات الامر الذي ان دل فانما يدل علي وهن هذا الكيان وهزلية اجهزته وفشلهم في انجاز اي مهمة بشرف وكعادة الاعلام الاسرائيلي بدلا من ان يتحدث عن خيبة اجهزة دولته في الوصول الي مكان الجندي وفشل الموساد في تحديد مكانه وان يتوجه بالشكر لرجال مصر الاوفياء الذين انجزوا هذه الصفقة الرابحة لهم تحولوا الي قذائف نارية في وجه الاعلام المصري واتهموه بانه ارتكب جرما كبيرا حينما اجري حوارا مع شاليط وانني عاتب علي الاعلام المصري الاكتفاء باجراء حوار فقط مع شاليط فقد كان من المفروض ان يستغل الموقف ويصور فيلما او مسلسلا عن قصة شاليط منذ اختطافه وحتي تسليمه ويقدمه هدية لاسرائيل حتي تستفيد من قصته عساهم ان لايقعوا في هذه الحفرة مرة اخري. ان ماحدث ذكرني بخيبة جهاز الموساد في كشف جمعة الشوان وغيره والقصة معروفة للجميع . ان الدموع التي كانت في اعين الفلسطينيين عند استقبال اسراهم هي دموع الصمود والانتصار والامل وابكت كل من شاهدها لانها دموع صادقة في عيون الحق اما الدموع التي سالت علي وجه الاسرائيليين عند رؤيتهم للجندي جلعاد شاليط فهي دموع الخوف واليأس