مذكرات رجل الأعمال محمد منصور تظهر بعد عامين من صدور النسخة الإنجليزية    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    من بيتك في دقائق.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل (الرسوم والأوراق المطلوبة)    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    «النصر للسيارات والصافي» يعلنان عن طرح 9 سيارات جديدة في مصر... (قائمة الأسعار)    إيرادات أزور تتجاوز 75 مليار دولار ومايكروسوفت تحقق أرباحا قياسية رغم تسريح الآلاف    الطعام فقط ومكافأة حماس.. هل يعترف ترامب بدولة فلسطين؟    بمليارات الدولارات.. ترامب يكشف تفاصيل اتفاقية تجارية جديدة وشاملة مع كوريا الجنوبية    الانقسام العربي لن يفيد إلا إسرائيل    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    الزمالك يتلقى ضربة قوية قبل بداية الدوري (تفاصيل)    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    دنيا سمير غانم تخطف الأنظار خلال احتفالها بالعرض الخاص ل«روكي الغلابة» ( فيديو)    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    يعشقون الراحة والسرير ملاذهم المقدس.. 4 أبراج «بيحبوا النوم زيادة عن اللزوم»    لحماية الكلى من الإرهاق.. أهم المشروبات المنعشة للمرضى في الصيف    مدير أمن سوهاج يقود لجنة مرورية بمحيط مديرية التربية والتعليم    روسيا: اعتراض وتدمير 13 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق منطقتي روستوف وبيلجورود    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    الوضع في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان محور مباحثات مسؤول روسي وأمين الأمم المتحدة    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    3 مصابين فى تصادم «توكتوك» بطريق السادات في أسوان    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    لطفي لبيب.. جندي مصري في حرب أكتوبر رفض تكريم سفارة عدو جسّده سينمائيا    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    المصري يواجه هلال مساكن فى ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    ترامب: وزارة الخزانة ستُضيف 200 مليار دولار الشهر المقبل من عائدات الرسوم الجمركية    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى وإيطاليا يدعمان السلطة الفلسطينية ب23 مليون يورو.. وفلسطين تدعو استونيا وليتوانيا وكرواتيا للاعتراف بها.. ومباحثات روسية سورية غدا بموسكو    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    مدير أمن القليوبية يعتمد حركة تنقلات داخلية لضباط المديرية    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    «أمطار في عز الحر» : بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    25 صورة من تكريم "الجبهة الوطنية" أوائل الثانوية العامة    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 720 للجنيه اليوم الخميس بالصاغة    ب 3 أغنيات.. حمزة نمرة يطلق الدفعة الثانية من أغنيات ألبومه الجديد «قرار شخصي» (فيديو)    مونيكا حنا: علم المصريات نشأ فى سياق استعمارى    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    محمد أسامة: تلقيت عرضا من الأهلي.. وثنائي الزمالك لا يعاني إصابات مزمنة    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    وزير الرياضة يتفقد نادي السيارات والرحلات المصري بالعلمين    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حماية السيادة الوطنية من المحكمة الجنائية الدولية

‏ سيحسب لشباب مصر صمودهم أمام العنف والتنكيل الذي استخدم ضدهم لتحقيق مطالب ثورتهم وأهمها القضاء علي الفساد الذي استشري كالسرطان بين العديد من ذوي السلطة وأثرعلي سير كافة مرافق الدولة‏‏ . وضحي أبناء مصر وسقط الآلاف من الشباب ما بين قتيل وجريح‏ وهناك إجماع شعبي علي أنه يجب ألا يذهب ما تمت ارقته من الدماء هدرا‏,‏ ويجب محاكمة المسئولين‏,‏ أيا كانت مناصبهم‏,‏ عن تلك الجرائم الشنيعة وإذا لم تجر محاكمتهم في مصر والقصاص منهم فأبواب المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الجهات القضائية الدولية الأخري مفتوحة أمام الجميع‏,‏ ولم يعد شرطا أن تكون الدولة عضوا في المحكمة‏.‏ ويبدو أن هدف بعض قادة الدول العربية من عدم المشاركة في المحكمة الدولية هو عدم وقوعهم تحت طائلة عقاب هذه المحكمة‏.‏
إلا أنه يمكن تحويل هذه القضايا من خلال الأمم المتحدة ويمكن للمنظمات والأفراد التقدم لمقاضات هؤلاء المسئولين دوليا ولذلك علينا حماية سيادتنا الوطنية وهيبة القضاء المصري أمام العالم بمحاكمة المجرمين وأعوانهم‏..‏ وهذا ما يطالب به بعض القانونيين والساسة وأصحاب الرأي بضرورة محاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمة ضد المصريين تخفيفا لآلام الشعب‏.‏
المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض ورئيس إدارة البحوث والتوثيق والعلاقات الدولية بمحكمة النقض يعرض أفكارا تساهم في تشكيل خارطة طريق تضمن محاكمة مرتكبي الجرائم الجسيمة ضد المتظاهرين من أبناء الشعب المصري‏.‏
‏‏ ارتكبت العديد من الجرائم الوحشية خاصة ضد الشباب في ثورتهم البيضاء فتحولت لثورة حمراء ملطخة بدماء الشهداء الأبرياء‏..‏ من هو في تقديركم المسئول عن ارتكاب تلك الجرائم؟
يجيب المستشار عادل ماجد‏:‏ وطبقا للقواعد القانونية المتعارف عليها علي المستويين الوطني والدولي فإن الرئيس أو القائد سواء كان عسكريا أو أمنيا أو مدنيا يكون مسئولا مسئولية مباشرة عما يرتكبه مرءوسوه أو تابعوه من جرائم مادامت هذه الجرائم تمت بأمر أو تعليمات أو تحريض منه‏,‏ وليس من المستلزم في تلك الحالة أن يصدر الأمر كتابة‏,‏ بل إن إثبات صدور هذا الأمر يمكن أن يتم التدليل عليه بأي أدلة أو قرائن‏,‏ وبالتالي يكون رئيس الوحدة العسكرية أو الشرطية مسئولا عما يرتكبه الجنود الذين يعملون تحت إمرته‏,‏ كما يكون ضابط الشرطة مسئولا عما يسقط من ضحايا بفعل الجنود التابعين له مادام قد أصدر هو الأوامر لهم بذلك‏,‏ وتمتد المسئولية لتشمل رؤساءه بحسب التسلسل القيادي مادامت ارتكبت تلك الجرائم طبقا لتعليماتهم أو توجيهاتهم حتي تطول أعلي الرتب والمناصب‏.‏ وتساعد قاعدة التسلسل القيادي جهات التحقيق علي تحديد القادة المسئولين عن إطلاق الذخيرة علي المتظاهرين‏,‏ من خلال معرفة الهيكل التنظيمي والرتب النظامية لجهاز الشرطة واختصاصات وزير الداخلية ومساعديه ومديري الإدارات العامة‏.‏
‏‏ وهل يمكن لرجال الشرطة ممن أطلقوا الرصاص علي المتظاهرين دفع المسئولية عنهم بمقولة أنهم كانوا ينفذون أوامر صادرة من قادتهم؟
استهل المستشار عادل ماجد الإجابة عن هذا التساؤل بقوله‏.‏ ووضع القانون والقرارات الوزارية المتعلقة به حدودا وضوابط استعمال الأسلحة النارية ضد المتجمهرين والمتظاهرين‏,‏ وبعد استنفاد كل السبل القانونية‏,‏ وبالتالي إطلاق النار علي المظاهرات السلمية جريمة يجب أن يحاسب عليها مرتكبوها عسكريا وجنائيا‏.‏ مع الإشارة إلي أنه لا يمكن استخدام السلاح لفض المتظاهرين إلا بناء علي أمر من رئيس أو قائد تجب طاعته‏,‏ وأن طاعة المرءوس لرئيسه لا تكون في أمر من الأمور التي يحرمها القانون وبالتالي فإن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلي ارتكاب الجرائم‏.‏
‏‏ وماذا عن المسئولين والقادة الذين لم يأمروا صراحة أو يصدروا تعليمات بارتكاب تلك الجرائم؟
استقرت القواعد القانونية المطبقة في هذا الشأن‏,‏ علي النحو الذي تأكد في العديد من الأحكام الصادرة عن المحاكم الوطنية والدولية‏,‏ أن القائد العسكري أو الأمني يكون مسئولا مسئولية مفترضة عما يرتكبه الضباط أو العسكر الذين يعملون تحت إمرته حتي إذا لم يخطط أو يأمر هو شخصيا بارتكابها‏,‏ وذلك لامتناعه عن وقف ارتكابها أو اخفاقه في اتخاذ الإجراءات الضرورية والمعقولة لمنع ارتكابها‏,‏ مادامت له سيطرة فعلية علي تابعيه‏.‏
‏‏ وهل يمكن أن تمتد المسئولية هنا لتطول غير العسكريين من رجال السلطة أو رجال الأعمال الذين حامت الشبهات حولهم؟
نعم بطبيعة الحال مادام قد ثبت أنهم قد اتفقوا أو حرضوا أو ساعدوا علي ارتكاب تلك الجرائم‏,‏ وهي أمور هنا تتصل بمسألة الإثبات الجنائي التي تضطلع بها سلطات التحقيق‏,‏ التي يجب ألا يقتصر دورها علي التحقيق مع مرتكبي الأفعال المادية من رجال شرطة أو بلطجية أو خلافه‏,‏ بل يجب أن يتم التوسع في التحقيقات للتوصل إلي من أمر أو أوعز لهؤلاء بارتكاب تلك الجرائم‏,‏ أو يسر ارتكابها‏,‏ أو من أمدهم بالمال والسلاح والعتاد في سبيل ذلك‏,‏ مع تحديد مصدر الأسلحة والعتاد وكيفية الحصول عليها والقصد من ذلك‏,‏ إلي غير ذلك من العناصر التي يجب أن تنصب عليها التحقيقات الجنائية في تلك الحالة‏,‏ وصولا إلي تحديد المسئولين ولو كانوا من رجال السلطة المدنيين‏.‏
‏‏ وهل يمكن أن ترقي تلك الجرائم لمرتبة الجرائم ضد الإنسانية؟
لابد من توافر عدة أركان لكي يمكن أن نطلق علي ما ارتكب من جرائم خلال أحداث التظاهر جرائم ضد الإنسانية‏,‏ تكون الجريمة منظمة إذا تم ارتكابها في إطار سياسة عامة مدروسة‏,‏ ويعني تعبير علي نطاق واسع أنها ترتكب ضد مجموعة من الأشخاص المدنيين‏,‏ وهم في الحالة الراهنة المشاركون في التظاهرات السلمية‏,‏ بغض النظر عن الحيز الجغرافي الموجودين به‏,‏ أو هويتهم أو أشخاصهم‏,‏ وسواء كانوا محددين من قبل الجناة أم لا‏,‏ وفي حقيقة الأمر فإنه بتطبيق القواعد القانونية المستقرة في الاتفاقيات الدولية وفي العديد من القوانين التي تعاقب علي هذه النوعية من الجرائم يمكن أن نخلص إلي أن ما تم ارتكابه في حق المتظاهرين من أبناء الشعب المصري الذين وقع منهم مئات القتلي وآلاف الجرحي‏,‏ في محافظات مختلفة وبدون تمييز‏,‏ يرقي إلي مرتبة الجرائم ضد الإنسانية‏.‏
‏‏ وما هو دور لجنة تقصي الحقائق في ذلك؟
تتمتع لجان تقصي الحقائق عادة بطبيعة فنية وليست قضائية فعملها هو في حقيقته يركز علي النواحي الفنية والإطار السياسي الذي تم من خلاله ارتكاب الجرائم‏,‏ وهي تختص أساسا بجمع المعلومات واستقصاء الحقائق بشأن وقائع أو إدعات معينة‏,‏ مع محاولة معرفة الأسباب التي أدت للانتهاكات والأضرار في حاله تحققها‏,‏ والمسئولين عنها إذا أمكن ذلك‏,‏ وهي لا تتمتع بسلطات التحقيق المخولة للنيابة العامة بطبيعة الحال‏,‏ فلا يمكنها اتخاذ إجراءات قسرية كالتحفظ والحجز والحبس‏,‏ وطبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم‏294‏ لسنة‏2011‏ تختص اللجنة بتقصي الحقائق واتخاذ ما تراه من إجراءات بشأن الاحداث التي شهدتها الساحة المصرية وواكبت الانتفاضة السلمية للشباب منذ‏25‏ يناير‏2011,‏ وعلي الاخص وضع إطار ونظام عمل لتنفيذ مهمتها وتقصي الحقائق بشأن الممارسات غير المشروعة التي خرجت من الأحداث المشار إليها عن الوجه الحضاري للمظاهرات السلمية للشباب وكذلك تختص باتخاذ ما تراه لازما من سماع شهود واستيفاء معلومات واستدعاء من تري استدعاءه ممن اتصل بالأحداث المشار إليها‏,‏ ويلزم القرار كافة أجهزة الدولة والجهات المختصة بتزويد اللجنة بكل المعلومات والبيانات التي تطلبها بخصوص المهام المنوطة باللجنة‏.‏
‏‏ وبسؤاله عن مدي إمكانية محاكمة رؤساء الدول مرتكبي هذه المجموعة من الجرائم الجسيمة أجاب‏:‏
ينبغي الإشارة بداية إلي أن الحصانات الممنوحة لرؤساء الدول هي في حقيقتها حصانة إجرائية وليست موضوعية‏,‏ وأنه لا حصانة عن ارتكاب الجرائم ضد الشعب‏,‏ لأن الدساتير التي هي مصدرها الشعب لم تمنح الحصانة لرؤساء الدول لقتل أبناء شعوبهم‏.‏ فإذا ثبت أن رئيس الدولة قد أعطي الأوامر بالقتل أو شارك في التخطيط لارتكاب تلك الجرائم أو حرض عليها‏,‏ أو علم بأنها سوف ترتكب ولم يحرك ساكنا‏,‏ فإنه يكون مسئولا مسئولية جنائية فردية‏,‏ ومتي ثبت تورط أي مسئول في إحدي حلقات أو عناصر ذلك المشروع الإجرامي تنعقد المسئولية الجنائية بشأنه‏,‏ وذلك بغض النظر عن الدور الذي لعبه كل في تنفيذه‏.‏
وما هي استراتيجيات التحقيق المطلوب اتباعها لإثبات المسئولية عن تلك الجرائم؟
لبلوغ الأهداف المتوخاة في هذه النوعية من التحقيقات التي تنطوي علي ارتكاب جرائم جسيمة‏,‏ يجب وضع استراتيجية عامة للتحقيق تتضمن تكوين فرق وخطط عمل لضمان التوصل إلي تحديد الجرائم المرتكبة وبيان عناصرها وكيفية ارتكابها والمسئول عنها‏.‏ ومن المهم سرعة القيام بجمع الأدلة والتحفظ عليها وإجراءات المعاينات وكشوف الطب الشرعي اللازمة خشية العبث بها أو التأثير علي شهودها‏.‏
‏‏ هل من الممكن أن يتم محاكمة مرتكبي تلك الجرائم أمام المحاكم الدولية؟
يقول المستشار عادل ماجد إنه عندما يتم التحدث عن المحاكم الدولية فالمقصود هنا بالأخص المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي‏,‏ واختصاصها يشمل الدول المصدقة فقط علي نظامها الأساسي علما بأن مصر غير مصدقة علي نظامها الأساسي‏.‏
‏‏ وهل معني ذلك أن مرتكبي الجرائم الجسيمة ضد المتظاهرين في مصر بمنأي عن الوقوف أمام القضاء الدولي؟
هناك بعض الحالات الاستثنائية التي يمكن لأجهزة المحكمة التصدي فيها لتلك الوقائع‏,‏ كما إذا تمت إحالتها عن طريق مجلس الأمن طبقا لنص المادة‏13/‏ ب من النظام الأساسي لها‏,‏ علي النحو الذي تم بالنسبة لأحداث دارفور بالسودان‏,‏ ولا نتوقع إطلاقا أن يلجأ مجلس الأمن إلي ذلك بالنظر إلي أن ما حدث في مصر لا يصل إلي درجة جسامة الجرائم التي تم ارتكابها في إقليم دارفور‏,‏ فضلا عن أن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول العظمي أعضاء مجلس الأمن يهمها في الوقت الراهن المحافظة علي استقرار الأوضاع في مصر‏.‏
وهناك حالة أخري يمكن من خلالها بسط المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها علي الدول غير الأعضاء‏,‏ إذا قبلت الدولة المعنية اختصاص المحكمة طبقا لنص المادة‏2/13‏ من ذات النظام‏.‏ ونعطي مثالا لذلك بالوضع الحالي في ليبيا‏,‏ فإذا تم إزاحة النظام الحالي علي سبيل المثال‏,‏ يمكن للنظام الجديد القبول باختصاص المحكمة‏,‏ وبالتالي يمتد اختصاص المحكمة لما يقع من جرائم علي الإقليم الليبي‏,‏ وحاليا تقدم مجلس الأمن بطلب محاكمة الرئيس الليبي ومعاونيه‏,‏ ويمكن للمحاكم الوطنية الأجنبية التي تطبق مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي والذي تستطيع بمقتضاه تلك المحاكم أن تدعي اختصاصها علي الجرائم الخطيرة التي ترتكب خارج اختصاصها الإقليمي حتي في حالة ارتكابها من غير رعاياها‏,‏ وذلك عند زيارة مرتكبي تلك الجرائم أو وجودهم بإقليم تلك الدول‏,‏ وهو الأمر الذي تم بالفعل ضد العديد من رؤساء الدول السابقين وغيرهم من الوزراء ورجال السلطة أمام محاكم بلجيكا وأسبانيا وإنجلترا وألمانيا‏,‏ ولذلك فيجب أن تعمل السلطات الوطنية في مصر علي التحقيق في تلك الجرائم وفقا لأعلي المعايير المطبقة في هذا الشأن حتي لا تسلب محاكم أجنبية اختصاص محاكمنا الوطنية‏.‏
‏‏ وهل تساعد التشريعات المصرية السارية علي التصدي لهذه النوعية من الجرائم؟
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة ضرورة النظر في تطوير التشريعات الوطنية الداخلية بشأن سياسات التجريم والعقاب‏,‏ بحيث يتم المعاقبة علي هذه النوعية من الجرائم الجسيمة‏,‏ مثل الجرائم ضد الإنسانية‏,‏ التي تتميز بعناصر وأركان خاصة‏,‏ وذلك لعدة أسباب منها ضمان عدم إفلات البعض من العقاب وخاصة القادة والرؤساء الذين قد تعجز النصوص العادية التي يتضمنها قانون العقوبات وما يتصل بها من قواعد للمسئولية عن ملاحقتهم قضائيا مما قد يؤدي إلي إفلاتهم من العقاب‏,‏ فضلا عن أن مسألة تضمين هذه النوعية من الجرائم الجسيمة التشريعات الداخلية هي ليست ببدعة‏,‏ فجميع الدول المتقدمة قد ضمنتها تشريعاتها الوطنية‏,‏ بل إن الامر أمتد ليشمل أيضا العديد من الدول النامية بدول العالم الثالث‏,‏ كما أن تضمين تلك الجرائم بما تفرضه من عقوبات شديدة بالتشريعات الوطنية سوف يشكل في حد ذاته رادعا لأي من تسول له نفسه التعدي علي أبناء الشعب المصري علي النحو الذي تم‏.‏
‏‏ وهل يمكن أن تنظر المحكمة الجنائية الدولية فيما يحدث في ليبيا من النظام الحالي من وقائع دموية شرسة ضد المتظاهرين ؟
يجيب أنه بالنظر إلي جسامة الجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين من الشعب الليبي ووقوع عدد كبير من القتلي والجرحي‏,‏ لا يمكن تصنيفه إلا بأنه جرائم دولية وليس مجرد أحداث داخلية تنطوي تحت عباءة السيادة الوطنية‏,‏ كما يحاول القذافي ونظامه أن يصوره‏,‏ وإن استخدام نظام القذافي للمرتزقة‏,‏ الذين يقتلون أبناء الشعب الليبي بلا رحمة‏,‏ ويعقبون ذلك بحرق الجثث وإخفائها لهو دليل علي ما وصل إليه هذا النظام من وحشية وعدم اكتراث بأرواح بني وطنه‏,‏ بل أن الأمر ممكن أن يستفحل لكي يتم اتهامه بجريمة الإبادة الجماعية‏,‏ خاصة بعد أن أطل علي شعبه يهددهم بالإبادة كالجرذان من بيت إلي بيت‏,‏ وقام بإبادة مجموعة كبيرة من الجنود الذين رفضوا الامتثال لأوامر قادتهم بتوجيه النيران ضد أبناء الشعب الليبي العزل‏.‏ وبالفعل تم طرح الحالة الليبية أمام مجلس الأمن نظرا لسعي العديد من الدول والمنظمات الدولية لوقف المجازر في ليبيا ومحاسبة مرتكبيها‏.‏
‏‏ وهل تري مانعا من انضمام مصر للمحكمة الجنائية الدولية؟
إن الأسباب التي دفعت ببعض الدول مثل إسرائيل عن الامتناع عن الإنضمام إلي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تتفاوت ما بين كون بعض من تلك الدول تخشي من أن يصبح جنودها وقادتها عرضة للخضوع لنظام قضائي جنائي عالمي قادر علي محاكمتهم عما يرتكبونه من تجاوزات ضد دول أو شعوب أخري خلال عملياتهم العسكرية‏.‏ أو كون بعض من تلك الدول قد اشتهر عنها خرق قوانين وأعراف الحروب خلال الحروب التي خاضتها مع دول أخري أو قمع واضطهاد شعوب الأراضي التي تحتل أراضيها أو إبادة طوائف عرقية معينة غير مرغوب فيها علي أراضيها‏.‏ وإن الأمر يختلف تماما بالنسبة لمصر وجيشها وشعبها الذين عرف عنهم منذ القدم احترامهم لقوانين وأعراف الحروب‏.‏
‏‏ لكن‏..‏ كيف نحمي السيادة الوطنية المصرية وهيبتنا أمام العالم من تدخل القضاء الدولي؟
يؤكد المستشار عادل ماجد أنه طبقا لمبدأ الاختصاص الجنائي التكميلي الذي تقوم عليه المحكمة الجنائية الدولية فإن قيام السلطات القضائية الوطنية المصرية بالتحقيق في الجرائم الجسيمة التي ارتكبت بطريقة محايدة ودقيقة بما يضمن محاسبة مرتكبي الجرائم علي أكمل وجه وإيقاع العقوبات المناسبة للجرم الذي وقع علي المواطنين‏,‏ هو وسيلة تجنب تدخل القضاء الدولي في هذا الشأن‏.‏
وننتهي مما تقدم إلي أنه يجب إصدار تشريع وطني يعرف الجرائم الدولية علي النحو الوارد بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ويقرر العقوبات عليها أسوة بما تم في بعض العديد من الدول‏,‏ وذلك سواء صدقت مصر علي اتفاقية إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أو لم تصدق‏,‏ فإن ذلك يشكل ضمانا لسيادة الدولة علي ما يرتكب في أراضيها من جرائم جسيمة في جميع الأحوال‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.