مع انتهاء قبول أوراق المرشحين لانتخابات مجلسي الشعب والشوري يوم السبت القادم، تكون أهم خطوات تشكيل أول برلمان مصري حقيقي بعد الثورة قد بدأت، ويستعد أبناء الوطن لإقامة حياة ديمقراطية سليمة، حرمنا منها منذ ما يقرب من ستين عاما، وعاش فيها الجميع تحت سيف الاستبداد والظلم والفساد. وفي تقديري يمكن إجمال أهم ملامح البرلمان القادم فيما يلي: إنه أول برلمان مصري حر يتشكل بعد ثورة مصر العظيمة في يناير الماضي، لن تتدخل فيه السلطة الغاشمة، من خلال أجهزتها الأمنية القمعية أو سلطتها السياسية الفاسدة، بالدعم والمساندة والتزوير لهذا المرشح أو ذاك، كما أنها لن تتدخل بالمنع والاعتقال والقهر والإرهاب حرمانا لهذا المرشح أو ذاك، ولن ينجح أحد بعد الآن في الوصول إلي البرلمان بتأثير المال أو النفوذ أو البلطجة، أو لأنه مسنود من هذه الجهة أو تلك، فهذه مرحلة انتهت من تاريخنا إلي الأبد بفضل الله. إنه أول برلمان مصري منذ زمن، يعبر فيه الشعب عن حقيقة مكوناته الذاتية وقواه الطبيعية وتياراته الوطنية، بعيدا عن قهر السلطة وعدوان الحكومة وتغول الحزب الوطني المنحل، وسطوة الأجهزة الأمنية والسياسية والحزبية، وبالتالي تظهر فيه النسبة الحقيقية لأصحاب الرؤية الإسلامية من رموز الإخوان المسلمين ومن غيرهم، التي تقوم علي العدالة والمساواة واحترام كرامة الإنسان، ورفع الظلم ومحاربة الفساد، وتحقيق حياة كريمة لكل من يحيا علي أرض مصر الطيبة. إنه أول برلمان مصري حقيقي تعلو فيه مصلحة الوطن العليا فوق كل مصلحة، وتترسخ فيه قواعد الحرية والعدالة والمساواة والأمن لكل مواطن، وتناقش فيه ملامح صورة مصر التي نتمناها في الحاضر والمستقبل، ومن خلاله يتم تشكيل أول حكومة وطنية قوية تحظي بأغلبية برلمانية صحيحة، وتعرض برنامجها أمام الشعب، ويقوم بدوره كذلك في إصلاح وتعديل المنظومة التشريعية والقانونية والإدارية، ويمارس حقه الطبيعي في الرقابة الإيجابية والفعالة علي أداء الحكومة. إنه أول برلمان مصري حر يحظي بأهمية كبري، لأنه يضع الأسس والقواعد والخطط السليمة لبناء مصر المستقبل، من خلال وضع الدستور الجديد، الذي يتطلع إليه الشعب المصري كله، متوازنا في الحقوق والحريات والواجبات، مدافعا عن حرية الإنسان وكرامته وحقه في الأمن والعمل والتنقل والعمل العام، حاميا لمبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، صارما وحاسما في مواجهة الاستبداد والظلم والفساد، ونموذجا يحتذي لأشقائنا العرب. وأتمني أن يكون مجلس الشعب الجديد أول برلمان يتم فيه انتخاب الأقباط بعدد مناسب في القوائم والفردي وليس تعيينهم، وأن تمثل فيه المرأة المصرية بنسبة أكبر، وأن تشارك فيه كل التيارات والقوي السياسية، كما أتمني أن يكون آخر برلمان يؤسس علي نسبة ال 50٪ عمال وفلاحين. أيها الزملاء الإعلاميون الكرام في الصحف والفضائيات: من فضلكم لا تشغلونا بالحديث عن الفلول وبقايا العهد البائد، ولا تضخموا الظواهر السلبية والشاذة في هذه المرحلة الدقيقة، ولا تعكروا علي أبناء الوطن فرحة الاستعداد للمشاركة في أول انتخابات حرة ونزيهة، ولا تحرموا هذا الشعب الصابر من فرحته باختيار برلمان مصر الحر لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، واغرسوا الأمل في نفوس الناس، واصنعوا مستقبل مصر المشرق، واحملوا راية العبور إلي الغد الجميل. أهلا ببرلمان مصر الحرة الأبية، وأهلا بالرجال والنساء الأوفياء الشجعان، الذين يتقدمون لحمل الأمانة الوطنية والمسئولية القومية في هذه المرحلة التاريخية، ويصنعون الغد المشرق لمصر الاستقرار والأمان والكرامة والنهضة والبناء والإنتاج والحضارة.