كما توقعنا.. لن يمر القانون الموحد لدور العبادة بعد أن اتفقت المؤسستان الدينيتان الكبيرتان »الأزهر الشريف والكنيسة المصرية« علي رفضه، ومع ذلك فإن في الموقف الكثير من العناصر الايجابية التي ينبغي البناء عليها لإزالة الاحتقان الطائفي والسير علي الطريق الصحيح للحفاظ علي وحدتنا الوطنية بعيدا عن أسلوب العناق أمام الكاميرات بينما يبقي، »اللي في القلب في القلب« كما يقال!! الآن.. يناقش الموضوع بجدية، وتقال الاعتراضات في العلن، ورفض القانون الموحد يأتي مع التأكيد علي ضرورة صدور قانون خاص لبناء الكنائس، وترك قضية بناء المساجد للائحة التي تحكمه، حتي لا يكون الربط بين الاثنين طريقا للمزيد من المشاكل. أيضا.. هناك القرار الخاص بتقنين أوضاع الكنائس التي مازالت تواجه مشاكل الحصول علي التراخيص، أو التي أغلقت أبوابها بسبب النزاعات التي ثارت حولها، وهو قرار نرجو تفعيله والانتهاء من تطبيقه علي الأرض فورا ودون إبطاء حتي يدرك الجميع أن الدولة جادة فيما تفعل. والأهم من ذلك هو صدور التعديل التشريعي الخاص باضافة نص جديد لقانون العقوبات لمنع التمييز بسبب الدين أو الجنس أو النوع أو العقيدة أو الأصل، واعتبار هذا التمييز جريمة يعاقب عليها بالحبس والغرامة. وما نرجوه ألا يترك التعديل الجديد ثغرات للافلات من هذه الجريمة التي لا تثير فقط الفتنة الطائفية، ولكنها أيضا تقهر المرأة وتمثل إذلالا للفقراء حتي لو تفوقوا حين تحجز الوظائف المرموقة للمحظوظين من الأبناء والمحاسب وأصحاب السلطان!! وتبقي كل هذه الخطوات مجرد بداية إذا كنا جادين في التعامل مع آثار أربعين عاما من نشر ثقافة التعصب والكراهية التي أصابت مصر كلها- بمسلميها واقباطها- في مقتل، والتي وضعت وطنا كان المثال في المحبة والتسامح علي شفا الحرب بين ابنائه. اننا أمام مجرد بداية لمعركة طويلة لابد ان نخوضها في المدارس والجامعات، وفي الثقافة والاعلام، وفي المساجد الكنائس، لكي نستأصل ثقافة الكراهية ونحاصر دعاة التعصب والتطرف من الجانبين، ولكي ننتصر لدولة القانون والمواطنة التي تساوي في الحقوق والواجبات بين كل أبنائها. نعرف ان المؤامرات لن تتوقف، وان التطرف ليس بالعدو السهل، وان الهوس يقود البعض إلي مشارف الخيانة حين يتحدثون عن استدعاء التدخل الأجنبي المرفوض من كل شعب مصر القادر دائما علي التوحد في مواجهة الخطر.. وهل هناك خطر أكبر من تهديد وحدتنا الوطنية؟!