محافظ المنوفية يقدم التهنئة لمدير أمن المنوفية الجديد.. صور    أوقاف شمال سيناء تشارك في ندوة توعوية بعنوان: "معًا بالوعي نحميها"    ميناء دمياط يعلن وصول سفينة القمح الكندية الضخمة    بتخفيضات 30%.. محافظ كفر الشيخ يتفقد سوق «اليوم الواحد» بمطوبس    محافظ المنيا: تخصيص أراضٍ لإنشاء 20 مدرسة جديدة بمختلف المراكز    «مدبولي» يلتقي رئيس شركة «شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة» (تفاصيل)    إنفوجراف| كلمة الرئيس السيسي حول الأوضاع في غزة    في إطار التحالف الوطني للعمل الأهلي.. «مصر الخير» تستعد لإطلاق قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى غزة    إسرائيل هيوم: تقديرات إسرائيلية بأن احتلال غزة بات قريبا    «القاهرة الإخبارية»: غزة تحت نيران القصف.. والمجاعة تحصد أرواح الأطفال    لا مزيد من المجانية| ترامب يفرض على أوروبا معادلة «الحماية مقابل الدفع»    لافروف: سنواصل تنفيذ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وسنمنع انضمام كييف للحلف    ماستانتونو يستعد للانضمام لمران ريال مدريد    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    تراوري ينضم لمعسكر الإسماعيلي اليوم في برج العرب    بعد ضم فيليكس.. لاعب جديد من تشيلسي على أعتاب النصر السعودي    نائب رئيس اتحاد الجوجيتسو ورئيس لجنة الMMA يشهدان بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة بالإمارات    زد يعلن انتقال محمد إسماعيل للزمالك    تحرير 119 ألف مخالفة مرورية وإيجابية عينة المخدرات ل 266 سائقًا    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    بالأسماء والمجموع.. أوائل الثانوية العامة علمي رياضة في جنوب سيناء    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة وشقيقتها بإمبابة    بعد وفاة مدير أمن الوادي الجديد قبل تسلمه عمله.. نقل جثمان شرطي توفي متأثرا بالإصابة في الحادث    بيروت توّدع زياد الرحباني.. فيروز أمام الوداع الأخير لابنها | فيديو وصور    رئيس حزب الاتحاد: كلمة الرئيس السيسى أكدت أن مصر لم ولن تتأخر عن دعم فلسطين    الأعلى للإعلام: حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    هدى المفتي تكشف: شائعة «البخت» أزعجتني نفسيًا.. ولم أتلقَ عرض زواج حتى الآن    وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية الطبي تحصل على اعتماد «WSO»    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة ألف إمام وخطيب    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    فرقة الآلات الشعبية وكورال السويس يتألقان في رابع أيام "صيف السويس"    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الزمالك يدرس التعاقد مع صفقة رومانية.. وعائق وحيد يمنع حسمها    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخبار تحاور د. محمد علاء الدين الخبير الدولي للتنمية
كم مليار دولار حصلت عليها مصر من المعونات وأين ذهبت؟
نشر في الأخبار يوم 17 - 10 - 2011

حمل علي عاتقه حلم العمل لتوحيد الأمة العربية من خلال مشروعه »أهلاً العربية« الذي يجمع أبناء الوطن العربي عن طريق طرح الأفكار والآراء التي تصب جميعها لتحقيق هدف الوحدة العربية.
ورغم أنه بدأ مشروعه قبل ثورة يناير بعام واحد، إلا أنه يعيش مثل كل المصريين انتصارات الثورة وإخفاقاتها. هو عالم مصري تعلم في مصر وتخرج في جامعة الإسكندرية عام 1976 ثم سافر لأمريكا للحصول علي الدكتوراه. وبعد الحصول عليها من جامعة ميرلاند عمل بالتدريس ثم عمل بالأمم المتحدة وتدرج في المناصب حتي أصبح مديراً إقليميا للمنطقة العربية والأوروبية ووسط آسيا في إحدي المنظمات الرئيسية بالأمم المتحدة، كما عمل في البنك الدولي كخبير في المعونة الأمريكية. إنه الدكتور محمد علاء الدين يتحدث في حوار خاص للأخبار.
في البداية ما هي قصة مشروع أهلا العربية الذي يهدف إلي تحقيق الوحدة العربية في عشر سنوات؟
وحدة الأمة العربية هي الحلم الذي دفعنا للتفكير في عمل يكون نواة لإعادة إحياء هذا الحلم العربي من جديد، وذلك دون التفكير في تحقيق أية مكاسب شخصية. والفكرة كانت أن تقوم جهات أهلية ببدء مشروع للوحدة العربية علي المستوي الأهلي والشعبي، وليس الحكومي، وذلك بعد حالة الشتات والضعف التي أصابت الوطن العربي منذ سنوات طويلة. وقد بدأنا مشروع أهلاً العربية أنا وعدد من أصدقائي المتحمسين للفكرة ومنهم علماء مصريون وعرب يعيشون في أمريكا وأوروبا، وبدأ التفكير في تصميم المشروع في يناير 2010 وفي يوليو 2010 تبلور المشروع بإصدار العدد الأول من الجريدة الإلكترونية »أهلاً العربية« AHLAN.com ويشاء الله أن تشهد هذه الفترة، في النصف الثاني من عام 2010 الأحداث المتسارعة والمتتابعة التي انتهت بثورات عربية مازالت تتوالي. وقد كان لأهلاً العربية شرف دعوة المصريين للخروج والتظاهر في الخامس والعشرين من يناير 2011.
لماذا حلم الوحدة العربية في عشر سنوات؟
الهدف الذي وضعناه أن نساهم في تحقيق الوحدة خلال عشر سنوات ما بين 2010 و2020 حتي تكون الأمة العربية قد شهدت تعديلات وتغيرات للأحسن في اتجاه الإصلاح.
ماذا عن فترة عملك كخبير مع المعونة الأمريكية في مصر؟
كان عملي كخبير مع المعونة الأمريكية من أصعب فترات حياتي المهنية الممتدة أكثر من ثلاثين عاماً. فقد حضرت إلي مصر كي أساهم في مشروع هام من أجل التطوير والتنمية وقد كنت معجباً بهذا المشروع عندما قرأته علي الورق ولكنني وجدت الواقع شيئاً آخر وفوجئت بما لم أتوقع من أنواع التجاوزات والفساد وكيف أن أموال المعونة تحسب دينا علي مصر في حين لا يستفيد منها شعب مصر. ناهيك عن شروط الكثير من المنح الدولية التي هي في حقيقتها شروط مجحفة لمصر، فتركت المشروع بعد سنة واحدة وكان ذلك سبباً في محاولات يوسف بطرس غالي وأعوانه للإساءة إلي سمعتي المهنية ومحاولة تلفيقات لا أساس لها من الصحة ، ولكن هذا لم يمنعني من العودة إلي مصر حتي قبل سقوطهم، وقد ساهمت في الحراك الشعبي في مصر من أوائل 2010.
الشئ الأهم في حديثنا عن المعونة الأمريكية يتلخص في سؤال يجب أن نطرحه علي النظام السابق وهو كم مليار دولار حصلت عليها مصر من المعونات الأمريكية والأجنبية؟ وأين ذهبت هذه الأموال؟ هل نهبها وسرقها النظام السابق ولم يحاسبه عليها أحد حتي الآن؟ هناك مئات المليارات من الدولارات دخلت مصر ولا نعرف مصيرها؟ وما يحزننا الآن أنه علي الرغم من قيام ثورة يناير، مازال هناك وزراء في مناصبهم من النظام السابق! فكيف مازلنا نأتمن هؤلاء علي المعونات التي تأتينا من الخارج؟
والجزء الآخر المتعلق بالمعونة، وربما الأكثر أهمية لأنه مرتبط بالمستقبل وليس بالماضي، وهو هل مصر تحتاج لمعونات مالية من مصادر أجنبية؟ مصر التي بها نهر النيل وسواحل ممتدة علي البحرين الأحمر والمتوسط وقناة السويس وسيناء وحضارة عشرة آلاف سنة بالإضافة لأمتلاكها للثروات البشرية والطبيعية.. فكيف أعطانا الله نعمة وجود النيل في زمن نحن مقبلين فيه علي حرب من أجل المياه ومع ذلك نهدر مياه النيل دون الاستفادة منها. وأنا أؤكد لك أن مصر لا تحتاج لمعونات مالية من مصادر أجنبية إذا أحسنت استخدام وإدارة مواردها البشرية الطبيعية.
فكرة الحصول علي دعم خارجي أو معونات أصبح يشوبها الكثير من المساوئ والمخاوف في الفترة الأخيرة.. خاصة مع الحديث عن الدعم الأمريكي المشبوه لمنظمات عربية.. فكيف نعرف المساعدات التي تهدف للإصلاح والتنمية من تلك المشبوهة؟
بداية، أية جهة أو دولة مانحة عندما تعطي دعماً فإن لديها أهدافها تريد تحقيقها من إعطاء الدعم، قد نتفق مع هذه الأهداف أو نختلف عليها، لكن في كل الأحوال علينا أولاً أن نعرف أهداف تلك الدول أو الجهات المانحة وأجندتها المتعلقة بالمعونات الخارجية، وإذا كانت الأهداف المعلنة أو غير المعلنة للمعونات لا تتفق مع مع خططنا للتنمية أو تتعارض مع سيادة الدولة أو حتي تقوم علي شروط مجحفة فلا يجب أن نقبل تلك المعونات، ذلك مع العلم اعتماد أية دولة علي معونات خارجية للتنمية بدون خطط واضحة ومحددة للإستغناء عن المعونات في أسرع وقت، إنما يخلق بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية كارثية ومدمرة للكيان الوطني لأنها تؤدي إلي الاعتماد المتزايد علي المعونات وتعطيل بناء القدرات الوطنية وما يتبع ذلك من تبعية سياسية واقتصادية واجتماعية للدول والجهات المانحة ومصادر المعونات.
ويوجد في مصر الآن الكثير من الجهات الأجنبية والعربية التي تضخ الكثير من أموال "المعونات" داخل مصر، وبالتأكيد من هذه الجهات من يهدف إلي إفشال ثورة مصر ومحاولة إعادة مصر إلي الوراء، ليس هذا فقط بل يوجد دعم مغرض من بعض الدول العربية التي تسعي لإسقاط مصر وتمارس سياسة "الإلتفاف والحضن" كي تدمر ثورة مصر
الثورة نجحت
كيف تقيم ما حققته الثورة حتي الآن؟
الثورة كي تنتصر يجب أن تحقق أهدافها المعلنة والتي قامت من أجلها ولقد نجحت الثورة في حشد المصريين ونجحت في إجبار الرئيس مبارك أن يتخلي عن منصبه وعن مشروع التوريث الذي كان يسير بخطي سريعة. وفي هذا السياق يجب أن نتنبه إلي أن ما حدث من انتقال السلطة في مصر ليس دستورياً ويمكن أن يكذبه مبارك في أي وقت، فلم يخرج علينا الرئيس السابق ليخبرنا أنه تخلي عن الرئاسة كما لم يصدر مرسوماً يحمل توقيعه بهذا المعني، فاستقالة الرئيس والانتقال الشرعي للسلطة لهما آليات حددها الدستور، وما حدث بالفعل ليس له علاقة بالدستور، والعديد من المحللين يطلقون عليه "إنقلاب عسكري هادئ". ويمكن القول أننا أسقطنا مبارك ولكننا لم نسقط النظام، فالكثير من المؤسسات لم يطالها أي تغيير. وأنا أشبه ما حدث بأن هناك قوي من النظام السابق إستأصلت جزءاً من النظام كي يعيش باقي النظام. وكان يجب علي كل من انتمي لنظام مبارك أن يستقيل من منصبه فور سقوط مبارك
ما رأيك في المحاكمات التي تتم الآن لمبارك وأعوانه؟
أنا لم أوافق في البداية علي فكرة إذاعة محاكمة مبارك لأننا في النهاية أظهرنا أحد رؤساء مصر خلف القضبان، والأمر ليس له علاقة بمبارك، فأنا لم أوافق علي أي من سياساته وهاجمته في كل ما كتبت، إلي أن تنحي، ولكن الفكرة أننا بمثل هذه المحاكمات ننال من هيبة مصر.
تحدثت عن علماء مصر في الخارج وإيمانهم بمشروع الوحدة العربية.. كيف نرسم مستقبل مصر دون وجود علمائها؟
النظام السابق إستبعد علماء مصر ووضع قوانين ظالمة تحرم أي عالم مصري من الإسهام في تنمية مصر في الفترة القادمة، فالعالم المصري لا يتولي أي منصب طالما أنه يحمل جنسية أجنبية كما أن المصريين في الخارج عموماً لا يشاركون حتي في الحياة السياسية لأنهم محرومون من حق التصويت والانتخاب. وأنا أعرف مئات من العلماء المصريين في شتي المجالات مستعدون للمشاركة في بناء مصر ولكن القوانين الحالية تمنعهم. وكأنهم سافروا بإرادتهم. كثير منا سافر للغرب لأننا لم نجد مناخ يشجع علي العلم ونظراً لتدني الأوضاع في الجامعات المصرية ومحاربة النظام السابق وزبانيته للعلماء الناجحين والتضييق عليهم ومنح المناصب القيادية في الجامعات لأعضاء الحزب الوطني فقط، كنا نعيش ظروفا صعبة دفعتنا للسفر. والأخطر الآن أن هناك من يحاسبنا علي ذلك بدلا من الترحيب بأي عالم مصري يريد أن يخدم بلده. فالعلماء المصريون بالخارج هم ضحية النظام السابق الذي طاردهم حتي دفعهم للهجرة مضطرين لها، وما تبع ذلك من ضرورة حصول معظمهم علي جنسيات أجنبية حتي يتمكنوا من العمل في البلاد التي هاجروا إليها.. فلا يجب أن نجعل علماء مصر ضحية مرة أخري بعد الثورة بسن قوانين تمنعهم من تولي مناصب قيادية في مصر، علماً بأن مصر تحتاج إلي علمائها بالخارج ربما أكثر من إحتياجهم للعودة والعمل في مصر، فلا يجب أن نحرم مصر من هذه الطاقة البشرية الهائلة المتمثلة في علمائنا بالخارج.
وأنا شخصيا تعرضت لحملة تشويه بشعة وأنا في الأمم المتحدة للأسف بأيدي مصريين، كانوا يحاربونني لأفقد منصبي في الأمم المتحدة، وقد أحزنني ذلك
ماذا عن العلماء الموجودين في مصر؟
العلماء الموجودون في مصر بعضهم كان جزءاً من عجلة الفساد في النظام السابق وهؤلاء لا تنتظري منهم شئ والبعض الآخر طاله بعض الغبار ولكن هذا لا يمنع وجود الكثيرين من الشرفاء القادرين علي العطاء في كافة المجالات لو توفرت لهم الظروف المناسبة ولو أبعدنا كل من شارك في الفساد الإفساد سواء في الجامعات أو مراكز البحوث أو الوزارات والهيئات الحكومية والبحث العلمي في مصر.
المشهد السياسي في مصر الآن غير واضح المعالم ..ما أهم الملامح التي تقلقك كمصري مما يحدث؟
في البداية أنا لم أنتم طوال حياتي لأي حزب سياسي لا في مصر ولا خارج مصر، ومع ذلك أنا مهتم بكل ما يدور في عالم السياسة والسياسيين وأري أن الوجوه الموجودة في مصر الآن بعضها لا يدرك أنه عفا عليه الزمن وفقد دوره منذ سنوات، والغالبية هدفهم الوصول للحكم دون النظر لمصلحة مصر. فأمريكا الدولة العظمي في العالم الآن مثلاً بها حزبين رئيسيين فقط (الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي) أما نحن فلو سرنا بهذا المعدل سيصبح لدينا 400 حزب مشتتة ولا يوجد من يريد أن يتحد مع الآخر من أجل مصلحة مصر وهو شئ مؤسف. ويمكننا القول أن ما يحدث الآن هو إعلاء للذات وإقلال للشأن المصري العام. وهناك من يسمون أنفسهم "مجالس الحكماء" الذين يدعون الوطنية ومنهم أصحاب مليارات انتفعوا من فساد النظام السابق والكثيرون منهم في حقيقة الأمر جزء من الفساد ومكانهم الطبيعي كان يجب أن يكون السجن وليس الفضائيات ومجالس الحكماء.
الفيتو الأمريكي
بصفتك صاحب أحد المشاريع المنادية بالوحدة العربية، ما رأيك في الفيتو الأمريكي الرافض للدولة الفلسطينية رغم الإجماع العربي علي تحقيق هذا الهدف؟
قبل أن نناقش الفيتو الأمريكي يجب أن نسأل أين الفيتو العربي؟ الإجماع العربي وحده لا يكفي بدون عمل عربي موحد يدعمه. عندنا بيت للعرب اسمه الجامعة العربية فلماذا لا نجتمع علي قلب رجل واحد ونحدد رد فعل قوي لما تفعله أمريكا قبل أن تتخذ قرارها، ونقوم بإخطارها أنها إذا استخدمت الفيتو لهزيمة المطلب الفلسطيني المشروع بإنضمام دولته المستقلة، بحدود 4 يونيو 1967 للأمم المتحدة.. أقول نخطر الولايات المتحدة الأمريكية إذا استخدمت الفيتو الأمريكي فإننا سنستخدم آليات الضغط العربية الكثيرة، وذلك سيجعل أمريكا تنظر لإسرائيل علي أنها مصدر خسارة، وتعيد النظر في موضوع الفيتو.
لماذا لا يمثل العرب والمسلمون قوة مؤثرة في السياسة الأمريكية كما هو الحال مع اللوبي اليهودي؟
عدد اليهود في أمريكا يقرب من ستة ملايين يهودي وعدد العرب والمسلمين أربعة أضعاف هذا العدد ويزيد، لكن اليهود لهم وزن سياسي لأنهم منظمون ومتحدون فأنشأوا الآلاف من منظمات المجتمع المدني التي تتدخل في الحياة السيايسية الأمريكية، أما العرب فأغلب منظماتهم دينيه وهي ليست كثيرة ولا فعالة وغالباً ما تكون منغلقة علي ذاتها غير منفتحة أو متفاعلة مع المجتمع الأمريكي. كما أن المنظمات اليهودية تعمل وفق آلية منظمة ففي كل انتخابات تقسم المنظمات اليهودية نفسها نصفين أحدهما يؤيد المرشح الديمقراطي والنصف الآخر يؤيد المرشح الجمهوري وبذلك يضمنون قوة التأثير في حال نجاح أي من الطرفين. وإذا حسبنا عدد اليهود في الكونجرس الأمريكي سنجد أن نسبتهم أكبر بكثير عن نسبتهم في المجتمع الأمريكي.
وطوال السنوات الماضية سيطر اليهود علي المهن الهامة في المجتمع الأمريكي مثل الإعلام والمحاماة والطب وسوق المال والبنوك والجامعات ومراكز البحوث العلمية الأمريكية. والشئ الأهم أنهم لا يحاربون بعضهم البعض مثلما يفعل العرب.
أهلا العربية
وهل تري أن مشروع الوحدة العربية الذي تتبناه سيحقق ثقلاً للعرب في الخارج؟
فكرة الأمة أفضل بكثير من كلمة الوحدة ويجب أن يكون لدينا "مشروع أمة" لأنه المشروع الوحيد القادر علي إنهاء أية حساسية أو أية خلافات عربية. ويجب أن يفهم العرب أن هذا ليس ضد الوطنية أو استقلالية أية دولة، وخير مثال علي ذلك الدول الأوروبية التي كان بين الكثير من دولها حروباً دموية لسنوات طويلة، ومع ذلك نجحت في التوحد وجعل ذلك من أوروبا قوة سياسية واقتصادية عالمية. لذا يجب أن نعيد طرح هذا المشروع القومي "مشروع الأمة" أو "مشروع أهلاً" حتي ننظم صفوفنا وطنيا وإقليميا وعالميا كي ننفذ مشروع نهضة عربية حقيقية. أما عن الثقل العربي.
هل تتوقع أن تؤدي الثورات العربية إلي تحقيق مشروع الأمة العربية؟
الصحوة الشعبية العربية لم يتوقعها أحد في جيلنا وكنا ننتظرها أن تحدث منذ سنوات والجميع فوجئ بما يحدث حتي من قاموا بالثورات أنفسهم، وكي ننجح يجب ان نحافظ علي الربيع العربي ولا نسمح لأحد أن يسرقه منا خارجياً أو داخليا. نجاح الثورات العربية في حشد الجماهير وحده لا يكفي، ولكن لكي يتحقق النصر للثورات العربية يجب أن تنجح أيضاً في تحقيق أهدافها.
أخبرتني أنك تجد مقارنة ومفارقة بين ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير.. كيف ذلك؟
المقارنة أن الثورتين وجهان لعملة واحدة، فثورة 23 يوليو بدأت انقلاب عسكرياً أيده الشعب، فتحول الانقلاب العسكري إلي ثورة شعبية أخذت شكلها النهائي بعد ظهر جمال عبد الناصر قائداً للثورة وتجسيداً لها. أما ثورة 25 يناير فقد بدأت ثورة شعبية وتحولت إلي انقلاب عسكري هادئ أسقط الرئيس مبارك وأمسك بزمام الأمور.
والمفارقة أن ثورة 25 يناير قامت بدون قائد وكان هذا أحد أسباب نجاحها في بدايتها فلم يكن هناك قائد يمكن لجهاز أمن الدولة تعقبه وإعتقاله، أما الآن فعدم وجود قائد أو قيادة قد يكون سبباً لفشل ثورة 25 يناير. وهذا ما بدا واضحاً بعد فترة قصيرة من بداية الثورة، وقد شعرنا به جميعاً، وهو ما فتح الباب علي مصراعيه أمام راكبين الأمواج والفاسدين والمتحولين والمتلونين وأدي إلي إستئثار البعض بالمشهد السياسي علي حساب الشعب كله.
أتمني أن يظهر قائد لثورة 25 يناير ولا يشترط أن يكون شخصاً بعينه.
ولكن ألا تري أن الأمور ستتحسن مع إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية؟
لا يعقل أن يكون بين المرشحين للرئاسة من هم فوق السبعين سنة، مع إحترامي للجميع، كما أن هناك غموضا غريبا يحيط بالبرامج الإنتخابية للمرشحين، نحن نحتاج الآن من كل مرشح أن يخبرنا ببرنامج واضح ويفصح لنا عن حقيقة علاقته بالنظام السابق، فالكثير من المرشحين كانت لهم علاقات بالنظام السابق. وإذا كان الجميع فعلاً يبحثون عن مصلحة مصر، كما يقولون، يجب أن نري في الأسابيع القادمة إنسحاب بعض المرشحين وتأييدهم لمرشحين آخرين ويجب أن ينحسر عدد المرشحين إلي عدد لا يزيد علي عشرة علي الأكثر في المرحلة الحالية، فهل سيحدث نوع من التنظيم بين صفوف الثورة لمواجهة الثورة المضادة وفلول النظام السابق التي أعادت تنظيم نفسها؟
بصفتك خبيراً دولياً في التنمية.. كيف نحقق نهضة في مصر في الفترة القادمة؟
مصر بلد غنية بمواردها وغنية بأهلها وموقعها وغنية بتاريخها، فنحن لدينا موارد ليست موجودة في أي بلد أخر ويجب أن نحسن إستخدام مواردنا لتحقيق النهضة، ومن مواردنا الطبيعية مياة النيل وقناة السويس التي مازالت بالنسبة لنا صندوقا أسود مغلقا لا نعرف كيف نستغلها كما يجب. وقد عشنا لسنوات طويلة دولة منهوبة، دولة يساء إدارة مواردها، دولة لا تستخدم مواردها بل تهدرها، ولكننا لسنا دولة فقيرة.
في الفترة القادمة نحن بحاجة إلي مجموعة من المشاريع الوطنية الكبري، نبدأها بمشروع وطني للإصلاح السياسي فيجب أن يحدث إصلاح سياسي حقيقي ولا يمكن أن يحدث إصلاح سياسي في ظل وجود نفس النظام الفاسد، كما لا يمكن التطهير باستخدام أدوات ملوثة. نحتاج إلي مشاريع كبري اقتصادية واجتماعية وثقافية. نحن في حاجة لأن نبدأ مرحلة "المشاريع الكبري" مثل مشروع السد العالي ومشروع قناة السويس. ومصر الآن في أمس الحاجة لمجموعة مشاريع مماثلة. فلنفكر كيف نستغل نهر النيل فمن غير المنطقي أن تظل كل هذه المساحات الشاسعة من الصحاري في مصر ونحن نلقي بمياه النيل في البحر، وهناك هيئات درست "مشروع نهر النيل" لإنشاء فروع للنيل في الصحراء الشرقية والغربية.
ويجب إحياء مشروع محو الأمية مع تغيير الاسم إلي »مشروع إقرأ« أو "مشروع القلم" مثلاً بالإضافة إلي ضروة الإسراع بإصلاح منظومة التعليم في مصر التي طالها الفساد في السنوات الماضية، كذلك ضرورة الإسراع بإصلاح باقي أجهزة ومؤسسات مثل الصحة والبنية الأساسية، ومن أهم المشاريع الكبري التي تحتاجها مصر هو مشروع وطني لتدريب وتشغيل الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.