لا أفهم، ماذا يعني إجبار الناس علي الاختيار بين أشياء كلها ضروري، لا يغني أحدها عن الآخر، ولا يمكن أن يمثل بديلاً عنه؟! لماذا علينا أن نختار بين هيبة الدولة واستمرار الثورة في انجاز أهدافها؟ لماذا يجب ان نفاضل بين ارساء دعائم نظام جديد وقيام الحكومة بعملها بغض النظر عن كونها معنية إما بالتسيير أو البناء؟! لماذا يضع نفر منا الوطن في مقابل ديانة بعض مواطنيه؟ لماذا لا يتصور الذين تستهويهم المقابلات أن يكون هناك وطن يستظل بحكومة، ويحتضن ثورة، ويحافظ شعبه علي نظام يعبر عن آماله، والكل يحرص علي كيان دولة ذات هيبة؟!.. لماذا يصر البعض علي أن المسألة تتطلب ان يكون ثمة اختيار طوال الوقت بين أشياء لا يمكن الاستغناء عنها، ربما تفرض طبيعة المرحلة ترتيبا ما للأولويات لكن ليس علي طريقة: إما.. أو. كفانا ما أضعنا من وقت كان يمكن توظيفه بصورة مُثلي، لو لم نقع أسري »إما.. أو« عن غفلة أو غرض، وكنا عندئذ امتلكنا دستوراً يرشد ويضبط حركتنا، وكنا أيضاً استعدنا الأمن بعيداً عن محاولات إجبار للاختيار بين إما عودة الشرطة لممارسة واجبها لكن بشروطها، أو الخضوع للبلطجة والرضي بالانفلات وكأنه قدر!. في مرحلة هي الأخطر في كل تاريخنا، لا محل لصيغة لا تؤدي إلا لإهدار الفرص واحدة تلو الأخري، بينما نستطيع أن نتقدم صوب غاياتنا إذا لفظنا ما بين القوسين »إما.. أو«.. بعدما خلعنا صاحب نظرية »إما أنا أو الفوضي«!