بما إني شرفت بتقديم برنامج يومي علي راديو مصر تحت عنوان عالمصري دور لمناقشة القضايا والظواهر التي نعيشها في واقعنا اليومي، لم أجد في حلقات الأسبوع الماضي أجمل من تقديم بعض المواهب الإذاعية ممن ينتظرون ربع فرصة أمام الميكروفون،لكنني فوجئت بنصيحة من صديق مصري أصيل معجون بأخلاقيات الحاضر الدخيلة وهو يلومني بشدة علي تقديم بعض المتميزين المؤهلين لخطف مقعدي الإذاعي _علي حد قوله_ ولم يكتف بذلك بل اتهمني بالسذاجة والبراءة المفرطة لمجرد منح الفرصة لمن ينتظرها وكأنه كرسي العرش وليس مجرد مقعد جلس عليه الكثيرون من موهوبي ماسبيرو ولازال ينتظر المزيد من المجيدين الذين يبحثون عن تحقيق أحلامهم وتقديم مايليق ببلادنا الجميلة. تذكرت هذه الواقعة وانا أتابع بسعادة غامرة الشاب المصري الأصل رامي مالك وهو يتسلم الجائزة الاغلي في عالم السينما العالمية أوسكارز أفضل ممثل، لن أنساق وراء النغمة المعتادة التي تروج لفكرة الهجرة للخارج سعيا نحو الحلم المنتظر، وذلك ليقيني أن هناك مصريين في الخارج ممن لم يحققوا شيئا يذكر وآخرين بالداخل حققوا النجاح والمال والشهرة المستحقة، الفارق الواضح بينهم كان الرغبة والإصرار علي النجاح أيا كانت الظروف وإلا لما رأينا محمد صلاح المثابر المتطور الذي خرج من نجريج إلي القاهرة إلي اوروبا في خطي ثابتة واثقة. ولكن ما يجب أن نعترف به أننا في حاجة لتحسين مناخ النجاح في مصر رسميا وشعبيا، علي الحكومة أن تطور طريقة التعامل مع الموهوبين بألا تتركهم فريسة لموظف تقتصر علاقته بالفن أو الرياضة أو الثقافة علي كونه وصل إلي درجة مدير عام في وزارة تنفق ميزانيتها علي الأجور والبدلات وتترك الفتات لدعم من يستحق من الموهوبين. كذلك المصريون أنفسهم باتوا في حاجة ملحة لتغيير نظرتهم إلي الموهوبين ومنحهم الفرص المستحقة في ظل فكر عقيم لمن تربوا في مدرسة إلقاء السلم الخشبي المؤدي إلي القمة فور وصولهم إليها، نمتلك نماذج رائعة لأصحاب النفوس الجميلة ممن يفسحون الطريق أمام الموهوبين ويحصدون الثمار الطيبة من هذه السياسة الراقية، لدينا تامر حسني في الغناء وأشرف عبدالباقي في التمثيل، وكذلك لدينا نجوم كبار يشعرون وكأنهم محور الكون وشمس الشموس ولا أحد من بعدهم أبدا، دعونا نعترف أننا مؤخرا لم نكف عن منح الفرصة لبعض الحمقي لكي يصعدوا سلم النجومية في السوشيال ميديا، بينما تجاهلنا الموهوبين الحقيقيين رسميا وشعبيا وقد جاءت أوسكارز رامي مالك لتثبت أن المصري يستطيع بالفعل بشرط توفر الأجواء والمناخ المناسب للنجاح.