هل نقبل هذه »العجرفة»، وهذا »الازدراء». وهذا »المخطط» أم أن النخوة العربية سوف تنتفض. لأنها »مصر» بتاريخها العريق، وارتباطها الوثيق بإفريقيا، ودورها العميق في مساندة ودعم دول افريقية عديدة في حركات التحرر والاستقلال. ولأنه »السيسي» الذي لم يقبل بأن تستمر حالة الجفاء والمقاطعة والتجميد التي تعرضت لها مصر من أشقائها الأفارقة في أعقاب »ثورة 30 يونيو»، فتحرك ليل نهار لإصلاح ما أفسده آخرون -داخليا وخارجيا- حتي إنه زار دولا افريقية »22 مرة» وأنشأ بأسلوبه الودود الواعي علاقات طيبة جدا مع عدد كبير من الرؤساء والزعماء.. كما أوضح للجميع كيف نجحت وتنجح مصر في معركتي »البقاء والبناء» مما جعلها تمتلك رصيدا هائلا من الخبرات في محاصرة وضرب الإرهاب، وإطلاق المشروعات العملاقة التي تغلق طريق الفقر والعوز والمعاناة، وتفتح أبواب التقدم والانطلاق نموذجا لما يمكن تحقيقه في قارتنا السمراء. باختصار: لأنها »مصر» ولأنه »السيسي» كان من الطبيعي أن تعود إفريقيا إلي أحضان مصر وتسلم رايتها لقائدها وزعيمها وسط ترحاب رائع من الرؤساء والملوك والزعماء وتصريحات بالغة الدلالة، كما قال -مثلا »بول كاجامي» رئيس الاتحاد الافريقي المنتهية ولايته: »أسلم الرئاسة إلي أخي وصديقي عبدالفتاح السيسي وأنا أثق في أنه سيأخذ اتحادنا إلي آفاق أكبر وأرحب وأحدث». وما قاله أيضا: »موسي فيكي» رئيس مفوضية الاتحاد بالحرف الواحد: »إنني علي قناعة تامة بأن رئاسة السيسي ستدفع بالاتحاد الافريقي إلي الأمام. وذلك لما تتميز به سياسته من خصال نبيلة ومنظور واعد فضلا عن مكانة مصر التاريخية والحضارية العريقة وما قدمته للقارة من دعم هائل أثناء حكم الزعيم عبدالناصر». وقد كان من الطبيعي أيضا أن ينطلق العمل بالإيقاع السريع العميق الذي ينتهجه الرئيس السيسي، لجعل »القمة الثانية والثلاثين» نقطة تحول في تاريخ افريقيا فتبدأ خطوات التنمية المستدامة لدول القارة بمفهومها الشامل وما تتضمنه من حفظ السلم والأمن، وضرب خفافيش الإرهاب والصراعات الداخلية، وتنفيذ خارطة الطريق المنشود للإصلاح والبناء، إلي جانب التعامل الذكي الواعي مع محاولات ومخططات الاستعمار المسئول أساسا عن مشكلات الفقر والجهل والصراعات، والذي يتحرك بإصرار لاستنزاف ما تبقي من الخيرات الافريقية التي تحدث عنها خبير أمريكي معروف قائلا: إن القارة السمراء تمتلك 12٪ من إجمالي النفط العالمي، و40٪ من مناجم الذهب والماس، و18٪ من اليورانيوم، وغيرها من الخيرات التي تجعل قارتنا هدفا للطامعين. صحيح أن التفاؤل بما يمكن تحقيقه بفضل قيادة مصر تفاؤل مشروع وله مقومات ليكون عام 2019 عام الفرص الحقيقية لتحقيق الإصلاح المنشود، لكن الصحيح أيضا أن رئاسة مصر للاتحاد الافريقي »شيلة ثقيلة»كما قال رئيس المجلس الوطني السوداني بسبب المشكلات والتحديات الكثيرة، إلا أن ما لمسناه مباشرة من فكر وجهد الرئيس السيسي يجعلنا نقول بالبلدي: »إننا أدها وأدود». عفوا.. هذه عجرفة.. وهذا ازدراء بين فينة وأخري تلطمنا »صفعة القرن» التي تتخفي وراء مسمي »صفقة القرن»، وكأنها صارت حقيقة أو أقرب ما تكون إليها، وقد جاءت »اللطمة» الأخيرة من خلال قرار الرئيس »دونالد ترامب» بإرسال صهره »أبو نسب» »جاريد كوشنر» اليهودي قلبا وقالبا والذي يحتل منصب كبير مستشاري البيت الأبيض، وفي صحبته »جايس جرنبلات» المبعوث الخاص إلي الشرق الأوسط ، إلي خمس دول خليجية لعرض الجوانب الاقتصادية لخطة السلام »صفقة القرن» علي قادة هذه الدول بهدف الحصول علي تعهدات مالية للدعم الاقتصادي للخطة الأمريكية الاسرائيلية، وبكل عجرفة تصل إلي حد الازدراء أو بالبلدي »الاحتقار» قال المتحدث باسم البيت الأبيض إنه لن يتم إطلاع المسئولين الخليجيين علي المكون السياسي للخطة المزعومة وأن »السيد كوشنر والسيد جرنبلات »سوف يقتصران» في حديثهما علي تحديد مستوي الدعم للشق الاقتصادي من الخطة. هكذا يواصل »ترامب» استهانته بنا منذ اتخذ القرار الصادم الذي لم يجرؤ عليه رؤساء امريكا السابقون بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال اسرائيل، ثم اتخذ إجراءات صاخبة تستهدف ابتزاز وإذلال وتركيع أصحاب القضية العادلة أشقائنا الفلسطينيين وذلك بقطع المساعدات المالية الأمريكية عنهم وتهديد »الأونروا» وأي منظمة دولية تبدي أي تعاطف معهم، إلي جانب التأييد المطلق لما ترتكبه اسرائيل من اعتداءات وحشية وبناء مستوطنات أخري علي أنقاض منازل الفلسطينيين التي يتم تحطيمها علنا، وكذلك مباركة قرار الكنيسيت الإسرائيلي بقانون »الدولة اليهودية القومية» الذي وصفه »بنيامين نتنياهو» بأنه قرار تاريخي يُجسد لحظة »فارقة» في تاريخ إسرائيل وذلك بما ينطوي عليه هذا القرار من إسقاط كل حقوق الشعب الفلسطيني. وبالرغم من أن الهدف الرئيسي لمؤتمر »وارسو» الذي دعت إليه ونظّمته أمريكا هو »حصار.. وتهديد.. وإمكانية ضرب إيران» إلا أن صفعة القرن كانت مطروحة لوضع اللمسات التنفيذية الأخيرة عليها، وان كان »كوشنر» كبير مساعدي »حماه» ترامب قد أعلن ان خطة السلام »الصفقة إياها» سوف يتم الكشف عنها وتحريكها بعد الانتخابات الإسرائيلية في ابريل القادم، وعلي الفلسطينيين، وعلي العرب وعلي المجتمع الدولي أن يحبسوا أنفاسهم انتظاراً لما سيتعطّف به رجل البيت الأسود »الأبيض سابقاً» من قرارات اخري بفرض »الخطة الصفقة» وتوابعها استكمالاً لقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس. والسؤال الآن: هل نقبل هذه »العجرفة»، وهذا »الازدراء». وهذا »المخطط» أم أن النخوة العربية سوف تنتفض فنُعلن الرفض القاطع، والاصرار الحاسم علي استثمار ما تتمتع به أمتنا العربية من إمكانيات بشرية ومادية وتاريخية وجغرافية وحقوق شرعية أكدتها قرارات دولية، لعلنا بذلك ننقذُ قضيتنا المركزية، وربما نضيف ضغطاً علي »ترامب» الذي تطارده حاليا الاتهامات الإعلامية وغير الإعلامية، كما يتخلي عنه بعض أعضاء حزبه »الجمهوري» داخل الكونجرس ويتفقون أحياناً ضده مع المتربصين به من نواب الحزب الديمقراطي. لعن الله من أيقظها كانت فتنةُ التعصب الكروي الأحمق ساكنة »ونائمة» فإذا بها تستيقظ بعنف وشراسة حتي صار ما يدور الآن في الساحة الرياضية »الكروية» أمراً يثير القلق والانزعاج بل الغثيان، فها هم مسئولون كبار في أندية كبيرة يتبادلون الاتهامات والاهانات ويتراشقون بأسوأ العبارات ويشككون في نتائج المباريات، وعلي الجانب الآخر يتلقف بعض متزعمي جماعات »الألتراس» فرصة الفوضي ويدفعون الجماهير إلي معارك صاخبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكأنها حرب أهلية. يحدث ذلك- يا للأسف!- في وقت كنا نتصور فيه إمكانية عودة الجماهير إلي مدرجات الاستادات لبعث الحياة في المباريات كما سبق أن وعد وتعهد وزير الشباب والرياضة د. أشرف صبحي. يحدث ذلك- يا للأسف!- في الوقت الذي نتأهب فيه لاستضافة »كأس الأمم الإفريقية» بعد أن نجحنا باكتساح في الفوز بتنظيمها، وقلنا فيما قلنا انها ستؤكد بالتنظيم وبالجماهير ما نحظي به من أمن واستقرار ومكانة رياضية وسياسية وسياحية خاصة بعد أن سلمت لنا إفريقيا راية الزعامة ورئاسة الاتحاد الإفريقي. يحدث ذلك- يا للأسف!- بعد أن تجاوزت الانفعالات الهوجاء حدود الخلافات بين الأهلي والزمالك اللذين انضم إليهما في المعارك الوافد الجديد »بيراميدز» حيث تضاربت الآراء والمواقف حول جدول المباريات. كل منهم يتشبث برأيه ويرفع راية العصيان والتهديد »بيراميدز» يقسم بأغلظ الايمان أنه لن يتراجع عن موقفه و »الزمالك» يتحالف معه، و»الأهلي» يعلن الحرب والمقاطعة رافضاً وله منطقه تعديل جدول المباريات وفقا لرغبات الاخرين، بينما يرتبك ويتعثر »اتحاد الكرة» تجاوزنا أخطاءه الجسام في كأس العالم، وقلنا لعله يستعيد توازنه ويستعيد النشاط الكروي وهجه ومكانته، وإذا به.. يا للأسف!.. يصير شريكا في حالة الفوضي بعجزه عن اتخاذ مواقف واجراءات موضوعية صارمة. وكالعادة دخل »الاعلام الرياضي» ملعب الفوضي وإثارة التعصب الأحمق ليشعل مزيدا من الفتنة التي سندفع ثمنها غاليا وباهظا، كما شعر وتحدث، نجمنا الرياضي الكروي العالمي »محمد صلاح» في التغريدة التي أبدي خلالها انزعاجه البالغ صارخا مطالبا الجميع بإخمادها وإنقاذ الرياضة من تداعياتها. »الكايزن» جاء.. يا مرحبا.. يا مرحبا تعالوا نعترف بأننا -كلنا -مبهورون بما يحدث في »اليابان»، وما يحققه الإنسان الياباني من أعلي مستويات العمل والإنتاج والالتزام والتفاني لدرجة الانتحار لو اكتشف أنه ارتكب خطأ أضر بعمله أو موقعه، والنتيجة حتي الآن أن اليابان تنطلق بقوة علي طريق التقدم والتفوق والتألق بين أكبر الدول بالرغم من قلة وضعف مواردها الطبيعية وما تواجهه من طبيعة جغرافية وزلزالية. لذلك وباعتباري أحد المبهورين بهذه الدولة المتفردة، تحمست جدا للتوجه نحو انشاء »مدارس يابانية» علي أرضنا المتعطشة لثورة تعليمية حقيقية، أما حكاية »الكايزن» فمعناها باليابانية »التحسين» تحديدا تحسين وتطوير أساليب العمل والانتاج بتوجيه فرق العمل المخلتفة في أي مصنع أو مكان انتاج نحو تطوير وتنفيذ خطة للنمو المستديم. هو إذن منهج لتنظيم الحياة والعمل بما يؤدي إلي الإجادة والتقدم من خلال فرق العمل الجماعي المتجانس الذي يتمتع أفراده بالانضباط والالتزام والروح المعنوية المرتفعة والقدرة علي الابتكار والابداع. اذن - ما دمنا انبهرنا باليابان، ورحبنا باستيراد منهج »الكايزن» الذي يتصل أيضا بمبدأ »التوكاستو» الذي يخلق في المدارس روح وطريقة العمل الجماعي المتوازن الخلاق، علينا أن نترجم قناعتنا بالفكر الياباني إلي عمل وإنجاز حقيقي خاصة أننا انطلقنا علي طريق المشروعات العملاقة والانجازات التي تستهدف التنمية المستدامة ومحورها »الإنسان» رجلا كان أو امرأة أو طفلا. كلمات.. في الصميم.. جدا مع تصاعد موجة »اليمين المتطرف» في أوروبا صار من المحتمل أن يلقي »الاتحاد الأوروبي» نفس مصير »الاتحاد السوفيتي» الذي انهار في عام 1991، وكما قال أحدهم: »إن أوروبا تسير مغمضة العينين نحو حافة الانهيار»، ونقول نحن: »مع السلامة وألف سلامة.. واللي في القلب في القلب!!». »مصر أصل الحضارة الإنسانية، والسيسي أعاد الاستقرار للمنطقة»، قالها سفير بيرو بالقاهرة، ونقول نحن: »شهادة محترمة من رجل محترم».