وبعد اسبوعين من اعلان ترشحي جاءت النتيجة بفوز ساحق واصبحت بذلك أول صحفية أو صحفي عربي يفوز بهذا المنصب. قال لي حفيدي بحماس لقد قمت أمس مع عدد من زملائي بزيارتك في الأممالمتحدة. وقلت ولكنني لم أكن بمكتبي بالأممالمتحدة أمس فضحك وقال لكن صورتك كانت معلقة هناك وبالتالي أخذنا صورة بصحبتك. وقصة صورتي المعلقة بالاممالمتحدة ترجع الي عام 1984 ومن دواعي فخري واعتزازي أن الصورة التي كتب عليها اسمي كتب عليها كذلك اسم وطني الحبيب مصر وجريدة الاخبار التي اعتز بالعمل بها. وكنت منذ بدأت بالعمل كمراسلة لدار أخبار اليوم في عام 1977 اعتبر انني مندوبة لبلادي في المنظمة الدولية وأحرص علي المشاركة في كافة الاحداث التي تهمنا لأنقل للقراء ما يدور حولي دون حاجة إلي توجيه أو مطالبة من جانب دار أخبار اليوم. وفي بداية شهر نوفمبر 1984 طلب مني عدد من الزملاء اعضاء جمعية مراسلي الاممالمتحدة الذين يزيد عددهم علي 350 صحفية وصحفيا يمثلون كبريات وسائل الإعلام الدولية التقدم للترشح لتولي رئاسة الجمعية ولم أكن متحمسة تماماً للفكرة حيث كنت إلي جانب عملي مشغولة بصندوق »داج همرشولد» لزمالة الصحفيين وهو صندوق يقدم سنويا منحا لأربعة من الصحفيين بالدول النامية للحضور لمدة 3 أشهر لمتابعة أعمال الجمعية العامة والتعرف علي اسلوب العمل بالمنظمة الدولية. وعلي الرغم من ذلك فوجئت بالزميل مايك ليتل جونز رئيس وكالة رويتر بالمنظمة وتصحبه الزميلة جيتا باور رئيسة ومراسلة مجلة دير شبيجل الالمانية وقد حضرا إلي مكتبي وهما يحملان استمارة الترشح وقد وقعا عليها لمساندتي وطلب توقيعي بالقبول. وبعد اسبوعين من اعلان ترشحي جاءت النتيجة بفوز ساحق واصبحت بذلك أول صحفية أو صحفي عربي يفوز بهذا المنصب. وتم تعليق صورتي بنادي جمعية المراسلين الذي يقع بالدور الثالث بالمنظمة الدولية والذي تعقد به العديد من المؤتمرات الصحفية الهامة. وأصبحت ثاني شخصية مصرية تعلق صورتها بالاممالمتحدة حيث كانت الصورة الأولي للسفير محمود عزمي الذي تولي رئاسة الجمعية العامة في الستينيات. وبطبيعة الحال كانت الصورة الثالثة للدكتور بطرس غالي بعد انتخابه سكرتيراً عاماً للأمم المتحدة، وأتمني أن يزيد عدد ابناء مصر الذين ستبقي صورهم إلي مالا نهاية في الاممالمتحدة. ومازالت ذكريات تولي رئاسة جمعية المراسلين باقية في ذهني وأعتز بالخطاب الشخصي الذي تلقيته من خافيير بيريزدي كويلار سكرتير عام الاممالمتحدة في ذلك الوقت والذي اعرب فيه عن سعادته لانتخابي وذكر مهنئاً أنني سأكون دائماً مستعداً لمساندتك في تنفيذ مهامك الهامة. وفي واقع الامر أن دي كويلار كان عند وعده فقد كانت الأوامر أن التقي به كلما طلبت ذلك كما كان حريصاً علي دعوتي للمشاركة في دعوته لرؤساء الدول لحفل غداء أو عشاء يقتصر حضوره علي رئيس الدولة ووزير خارجيته. وعندما أعلن خبر فوزي قام الاستاذ سمير صنبر الذي كان يتولي منصب نائب السكرتير العام لشئون الإعلام بطبع بطاقة دعوة خاصة لدعوة السكرتير العام وسفراء الدول الاعضاء بحضور حفل استقبال خاص بي.. وأقيم الحفل بالدور الثلاثين بناطحة سحاب يمتلكها شقيق الاستاذ صنبر. ولم يكتف بذلك بل بعث لي بسيارة رولز رويس لتحملني من وإلي منزلي حتي لا أقود سيارتي في هذا اليوم.. وقد ذهلت اسرتي لحضور هذه السيارة إلي منزلنا. وإذا كانت مهام الجمعية قد زادت من الاعباء الملقاة علي عاتقي فقد كنت حريصة علي استمرار نشاط الجمعية بدعوة كبار السياسيين بمشاركة زملائي لعقد مؤتمرات صحفية وندوات. ولكن انشغالي بالجمعية لم يحد من اهتمامي بصندوق زمالة الصحفيين الذي يحمل اسم داج همرشولد وبمجرد انتهاء مهمة رئاسة الجمعية قام اعضاء اللجنة التنفيذية للصندوق بانتخابي لرئاسة الصندوق.. وتولي رئاسة الصندوق ليس مجرد لقب بل مهمة جسيمة تحتم تنظيم الاعلان سنوياً عن مسابقة يتقدم لها مايزيد علي 150 صحفيا ليتم اختيار 4 منهم.. ويتطلب ذلك فحص الملفات والمعلومات المقدمة ويشارك في ذلك كافة المتطوعين من اعضاء جمعية المراسلين لضمان اختيار افضل المتقدمين لاستمرار ثقة الدول التي تتولي تمويل الصندوق. ويتم تعيين مراقب للحسابات لضمان انتظام الانفاق واعداد الدفاتر التي تقدم للفحص بمعرفة الجهات الحكومية الامريكية وقد ظللت اتولي مهمة رئاسة الصندوق بالانتخاب سنويا لمدة عشرين عاماً حتي اصابني الارهاق وذلك حيث كان علي متابعة الاتصال بالدول التي تتولي التمويل. ويجدر بالاشارة إلي أن الخطابات التي كنت اوقعها لتلك الدول كانت تشير إلي أن الرئيس الشرفي هو سكرتير عام الاممالمتحدة وأن مراسلة الاخبار هي الرئيس المنتخب. تعتبر الصور التي نشرت لي مع العديد من الزعماء والقادة طوال سنوات عملي تسجيلا وتوثيقا لما كتبته عن بعض هذه اللقاءات الهامة.. وعلي الرغم من انني لست من هواة تجميع الصور فإن هناك صورة اتمني لو انني حصلت عليها. وهذه الصورة التقطت لي مع الرئيس السادات في واشنطون ببلير هاوس وهو قصر الضيافة الأمريكي الذي يقع في مواجهة البيت الابيض. وقد التقطت هذه الصورة في نهاية آخر زيارة قام بها الرئيس السادات للعاصمة الأمريكية وكان ذلك قبل اغتياله الغاشم بثلاثة اشهر. وكنت اثناء هذه الزيارة الصحفية الوحيدة التي اتفق كل من الجانبين المصري والأمريكي علي تواجدها داخل بلير هاوس وذلك لضيق البهو الأساسي بهذا القصر وكانت مهمتي متابعة لقاءات الرئيس السادات وكبار المسئولين الامريكيين لأنقل ما يتوافر لدي من معلومات إلي جميع الزملاء الصحفيين من المصريين والأمريكيين الذين كانوا يتواجدون أمام قصر بلير هاوس. ونظراً لتواجدي داخل قصر بلير هاوس فقد كان من حظي أن التقي بالسيدة جيهان السادات التي كان لها برنامج منفصل عن برنامج الرئيس ولم أكن مسئولة عن تغطية هذا البرنامج. وكانت السيدة جيهان السادات حريصة في بداية الزيارة أن تسألني إذا كنت قد احضرت الاوتوجراف الخاص بي وقلت لها: نعم... أما عن هذا الاوتوجراف فقد رأته السيدة جيهان السادات عندما كنت الصحفية الوحيدة التي رافقتها في الجولة الرائعة التي اعدتها الإدارة الأمريكية بعنوان: »مصر اليوم» وقد تمت الجولة في شهر ابريل الذي سبق زيارة الرئيس السادات في شهر يوليه التالي. وقد اجمع الخبراء علي أن هذه الجولة كانت أكبر دعاية للتعريف بمصر وحضارتها. وأتيح لي خلال تلك الزيارة اجراء حديث خاص مع السيدة جيهان السادات نشر بمجلة »آخر ساعة» وأثناء تناول فنجان من القهوة قلت للسيدة جيهان إن لدي شيئا اريد اطلاعك عليه ونظرت إلي الاوتوجراف لتري توقيع الرئيس السادات في عام 1957 وقد كتب: »ابنتي العزيزة ثناء ارجو من الله أن يجعل من حياتك قدوة وسعادة وهناء» فطلبت مني السيدة جيهان السادات اطلاع الرئيس علي ما كتبه لي عند زيارته القادمة لواشنطون. ولما كنت في حرج من تعطيل وقت الرئيس اثناء محادثاته الهامة في بلير هاوس فقد ترددت في اطلاعه علي ما كتب لي.. وفي اليوم الأخير للزيارة أصرت السيدة جيهان علي اطلاعه علي ما كتب لي وهنا ضحك الرئيس وقال: أنا أريد تأكيد ما كتبت لك مرة أخري وبالتالي فإنني سأعيد التوقيع وأضع التاريخ الجديد.. وكانت سعادتي بالغة عندما قام المصور الصحفي الشهير فاروق ابراهيم بالتقاط صورة لي مع الرئيس ووعد بإعدادها لي عند حضوري إلي القاهرة... ثم حدث ما حدث وواقعة المنصة الغاشمة.. ولم أحصل علي الصورة. وفي ديسمبر الماضي وبمناسبة ذكري ميلاد الرئيس الراحل السادات قام الرئيس ترامب بتوقيع مرسوم بيان لاعتماد قرار صدر عن الكونجرس الأمريكي بمنح الميدالية الذهبية لسم الرئيس انور السادات بمناسبة مرور مائة عام علي ذكري مولده في 25 ديسمبر ومن الجدير بالذكر أن الرئيس السادات هو أول زعيم عربي يحصل علي هذه الميدالية التي لا تمنح إلا للقيادات السياسية الشامخة التي تترك سياستها آثارها علي سلام وأمن المجتمع الدولي. وقد قام الكونجرس بإنشاء هذه الميدالية في عام 1779 وكان أول من حصل عليها الرئيس الأمريكي جورج واشنطون لدوره في تحرير بلاده والعمل علي ضم الولايات المتناثرة. كما حصل الزعيم الافريقي نلسون مانديلا علي هذه الجائزة ايضاً لدوره في مكافحة العنصرية. وتناولت حيثيات منح الرئيس السادات لهذه الميدالية الهامة نبذة عن حياته وكفاحه من أجل تحرير مصر عنه ما كان في مطلع شبابه ثم دوره الهام في ثورة يولية. وأشادت الحيثيات ببصيرة الرئيس السادات وشجاعته عندما اقدم علي عقد اتفاق السلام مع اسرائيل الذي اتاح لمصر استعادة الاراضي التي احتلتها اسرائيل إلي جانب ضمان توفير الأمن والحماية للوطن وابنائه. وتناولت الحيثيات ايضاً كيف كرس رئيس مصر نفسه لاقرار السلام وتعزيز الامن القومي المصري. كما أشادت الحيثيات بما ذكره الرئيس السادات في كتابه »البحث عن الذات» الذي نشر في 28 ديسمبر من عام 1970. ومن جهة اخري حرص الرئيس ترامب عند تصديقه علي المرسوم الذي صدر عن الكونجرس علي التصريح بأن الرئيس السادات كان زعيماً محترماً وبطلاً للسلام مشيداً بسياسته التي جعلت من بلاده ركيزة للسلام في منطقة الشرق الاوسط.