البصر أحد الحواس الاساسية التي نتعامل بها مع العالم الخارجي في اطار المشاهدة الحية للواقع المادي المحيط بنا، ومن خلال هذه النعمة العظيمة نستطيع ارساء دعائم المحبة مع من نحب والتواصل مع الاخر ونشيد الاعمال الجيدة التي يذكرها التاريخ . والبصيرة تعني العقل والإدراك والفِطْنة والنظر إلي خفايا الأشياء ، وهي اعمق واقوي من حاسة البصر لانها للانسان بمثابة الترمومتر الذي يقيم حالته الصحية والنفسية والعقلية، فهي التي تكشف الأشياء علي حقيقتها الاصلية، وتمكنه من الحكم علي الواقع بشكل موضوعي عن طريق الاستدلال بالادلة والبراهين الظاهرة التي تنير الطريق وتؤدي الي تحقيق نتائج ايجابية صحيحة 0 وبالحق والمنطق نقول ان رموز الفساد الاداري والمالي والسياسي كانوا يملكون حاسة البصر فقط والتي مكنتهم من رؤية ثروات هذا الوطن الكامنة في البر والبحر والجو وتحت الارض بالعين المجردة، والتعامل معها بمبدأ اخطف وسيطر، وثقافة الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا0 ولانتجاوز الحقيقة كثيرا اذا قلنا ان رموز الفساد بأنواعه لم يكن لديهم البصيرة الكافية التي تمكنهم من العلم بحقيقة وجوهر هذا الشعب العظيم الذي يصبر علي ما لا يطيقه أهل الصبر ويرضي بالقليل ويقدر الكبير، ولم يضعوا في اجندتهم احتمال ظهور هلال يوم الحساب في الدنيا وقاموا بناء علي ذلك بتغيير ملامح هذا الوطن ونهب ممتلكاته والاستيلاء علي ثرواته وباعوا مستقبله لكل الجنسيات. ويجب ان تكون لدينا البصيرة في معالجة الفساد الذي يسخر منه البعض بأنه وصل للركب واستخدام احدث الاساليب في تشخيص حالة الفساد، والمقصود بالتشخيص " الوسيلة التي يتوصل بها الطبيب إلي تحليل حالة المريض ومعرفة الداء الذي يسكن جسده ونفسه، وبدون التشخيص لايستطيع الطبيب كتابة الخطوة الأولي في علاج أي مرض . ولعلاج الفساد - من وجهة نظري - يتعين زيادة الوعي بمخاطر الفساد من خلال وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتعريف المواطنين بحقوقهم التي كفلها القانون بما يؤدي الي امتناعهم عن التعامل مع أصحاب الضمائر الميتة، وفي القانون قاعدة أصولية تفرض علي الناس العلم به وتمنع ان يكون جهله عذرا مقبولا، وفي الوقت نفسه مراجعة جميع القوانين المنظمة لعلاقة المواطنين بمرافق الدولة بألفاظ وعبارات قاطعة لاتقبل التلاعب، فاللغة المعقدة تجعل القانون مغلقا، كما أن اللغة غير الدقيقة تجعل القانون مبهما.