مصر مشغولة بنفسها هذه الأيام، وطوال الشهور التسعة الماضية، والعالم مشغول بما يحدث في مصر، والتطورات الجارية فيها، والمستجدات التي تطرأ علي ساحتها، وتتزاحم علي أرضها، وتتسابق متسارعة في كل يوم،...، وهذا طبيعي نظرا للأهمية الكبيرة لمصر في المنطقة، والثقل والوزن الذي تمثله بحكم الموقع وعبقرية المكان، وخصوصية التأثير، وتفرد المكانة، وحقائق التاريخ، وتوقعات ورؤي المستقبل. ولكن العالم أيضا مشغول بمتغيرات عديدة وجسيمة تجري في المنطقة من حولنا، وتدور في سماء واجواء الاقليم الذي نحن فيه، بدأت ملامحها تطل علينا وعلي دول الجوار، راسمة علي خريطة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية خطوطا جديدة، لتفرض وضعا مغايرا لما كان قائما طوال عشرات السنين الماضية منبئة عن واقع جديد، ومختلف. ذلك يحدث في كل مكان من حولنا، ونظرة سريعة، أو التفاتة متعجلة للدائرة المحيطة بنا، والتي نحن في موقع القلب منها تكفي للدلالة علي عمق المتغيرات الجارية علي أرض الواقع، وضرورة الاهتمام بها، ووضعها موضع التقدير والحساب، رغم جسامة المشاغل التي نحن غارقون فيها، وأهمية القضايا التي نحن مستغرقون فيها. وإطلالة، أو التفاتة، أو نظرة عبر الحدود المباشرة لنا جنوب مصر، أو غربها، أو شرقها، أو حتي في الشمال منها عبر المتوسط، نجد قدرا هائلا من الاحداث، وكما ضخما من المتغيرات، وقدرا جسيما من المستجدات والتطورات، تستدعي منا الانتباه، والتدقيق، والدراسة، وأيضا التحسب والحذر، حتي لا نفاجأ بأوضاع جديدة، وواقع مختلف، وترتيبات جديدة للمنطقة التي نحن فيها، تتم في غيبة منا، وفي ظل انشغالنا الكامل بما نحن فيه، عما يجري حولنا. اقول ذلك رغم ادراكي الكامل بأن الغالبية العظمي منا، إن لم نكن كلنا، تضع الاولوية الاولي في اهتمامها، للشأن الداخلي، وللقضايا الملحة في هذا الشأن، وعلي رأسها ترسيخ اقدام الثورة، وتصحيح مسارها، وتحقيق أهدافها، والالتزام بخريطة طريق واضحة لذلك، وما يتصل بهذا كله من الاتفاق علي الدولة المدنية الحديثة، والوصول الي توافق حول طريقة اجراء الانتخابات، ولجنة إعداد الدستور،...، و...،...، وغيرها من القضايا التي نحن غارقون فيها، نظرا لاهميتها البالغة والملحة. ولكني أقوله ايضا للضرورة، وحتي لا تغيب عنا حقيقة ان الدنيا تتغير من حولنا، وتتغير بعمق وقوة،...، وهذا يستوجب منا الانتباه، والدراسة، والاستعداد،...، بل والحذر أيضا.