كلهم يتسابقون علي الكرسي والعرش والسلطة، كلهم يريدون أن يحمدوا بما ليس فيهم، كلهم يزعمون أنهم يعملون لوجه الله والوطن وما هم بفاعلين شيئا، لا لوجه الله ولا لوجه الوطن، كلهم يؤمنون بالمقولة المستبدة ( أنت بهم وهم بغيرك، وهم بك وبغيرك ،أنت الخاسر). الكل يريد اسقاط الكل، لا أحد يسمع أحدا ، هل تستطيع أن تقول لي: ما اسم هذا الحوار بيننا؟ روح من الهزل تغرقنا نحن في حالة من العبث ، والعبث في معناه الفلسفي: فقدان المعني ، فقدان المنطق، فقدان دلالة الالفاظ، الكل يتكلم، الكل لا يسمع، ثرثرة ينبغي أن يعتذروا عنها، لا قضية، لا هدف، لا رؤية، جد مكان الهزل، وهزل في مقام الجد، شماتة لا حدود لها ، وشتات في كل اتجاه، ما يقولونه بالأمس ينكرونه اليوم، مضاربات ومفارقات، متناقضات تفقد أصحابها المصداقية، مصادرة الآخر اقصاء وتخوين، بلطجة سياسية ودينية وثقافية واجتماعية، حق بلا قوة، وضعف غاشم يزهق القوة، أصوات زاعقة لطبول جوفاء، فلاسفة ومنظرون ، تخمين وتنجيم ، ولاعبون بالبيضة والحجر، كثيرون يدعون أن لهم فكرا تقدميا لكنهم مشدودن بألف خيط للوراء، مكابرون في البدايج وساعة أن تساقط الأقنعة تبدو وجوههم مثيرة للغثيان، انهزاميون في الأعماق ومنتصرون في آفاق الفضائيات، أموات يبعثون من جب التاريخ، وأحياء في بئر النسيان والنكران، الدين والديناميت، القبعة والعمامة، والاهتزاز والابتزاز، الاختراق والاحتراق، مولد وصاحبه موجود وغائب لا يهم. أوضاعنا معروفة، وأحوالنا مكشوفة، وأوراقنا مقروءة من كل الجوانب، وأوجاعنا لا تستدعي المزيد من التشخيص، كفانا انكشافا، نحن نحتاج إضاءات ساطعة من أهل الذكر والإختصاص للإقلاع نحو المستقبل، نريد إشعال مصابيح للتنوير والإستنارة، النفق طويل، والزيت شحيح، والشمعة باهتة، والضوء خافت، والتعثر وارد، وإن كانت الإرادة بلا حدود، فمن يشعل المصباح؟ من يرسل النور؟ إنطلاقا من تفتيت اللحظة الراهنة وتفكيك عقدتها، وإن بدت عصية، حتي نتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر الثوري، من يطرح بنية أساسية وتأسيسية ينبني عليها كل ما يقيم عمارة المجتمع الجديد، حتي يتوازن المعني والمبني، وتتوازي المعادلة المجتمعية الهادرة من الفعل الثوري الذي لا يقبل القسمة ولا يعترف بالإنشطار، أو يفترض ذلك. متي نفيق؟ أفتونا أيها الملأ. واذكركم بما جاء في الأثر التاريخي أن " الحجاج بين يوسف الثقفي" قال عن المصريين في وصيته للقائد "طارق بن عمرو": ( لو ولاّك امير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل، فهم قتلة الظلمة وهادمو الامم، وما اتي عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الام رضيعها وما اتي عليهم قادم بشر إلا أكلوة كما تأكل النار اجف الحطب، وهم اهل قوة وصبروجلدة وحمل، ولايغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم، فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج علي رأسه، وإن قاموا علي رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه، فاتق غضبهم ولا تشعل نارا لا يطفئها إلا خالقهم، فانتصر بهم فهم خير اجناد الارض، واتق فيهم ثلاثا: نسأهم فلا تقربهم بسوء وإلا اكلوك كما تأكل الاسود فرائسهافف ارضهم وإلا حاربتك صخور جبالهمفف دينهم وإلا احرقوا عليك دنياك، وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليها احلام اعدائهم وأعداء الله).. هل من مدكر.....؟ نفسي الأمارة بالشعر ادثريني.. وانثريني.. واحتويني.. اذكريني.. كلما لامستْ روحَك أنوارُ الجلالْ واذكريني.. كلما "آنستِ ناراً " واذكريني.. كلما قلتُ "امكثوا" واذكريني... كلما جن عليك الليلُ شمساً وضحاها واذكريني.. كلما طاف عليكِ ، طائفٌ يحمل مني ذبذبات الشوقِ في قلب تغشاه الجمالْ .