في حدود معلوماتي لم يلق رئيس أمريكي رفضاً لقراراته وتوجهاته وأسلوبه وربما شخصه مثلما يواجهه دونالد ترامب، الذي أوصلت حماقاته الكونجرس لغلق جزئي للحكومة هذا الأسبوع، فأمام إصراره أن تشمل الميزانية الحكومية 5 مليارات دولار لبناء جدار علي الحدود مع المكسيك، علق المشرعون مساء الجمعة مشاوراتهم للتوصل إلي اتفاق بخصوص الميزانية الاتحادية، ما يعني حجب تمويل نحو ربع المؤسسات الاتحادية الأمريكية،مايتسبب في إغلاق عمل وزارات الأمن الداخلي والنقل والزراعة والخارجية والعدل، كما ستغلق المتنزهات العامة أبوابها. وهي المرة الثانية التي يعلق فيها عمل الحكومة في عهده. ولعله الرئيس الوحيد في التاريخ الأمريكي المعاصر الذي استقال في عهده كل هذه الشخصيات النافذة أو آثروا الابتعاد، والقائمة التالية توضح حجم وخطورة الشخصيات المستقيلة من أمثال:مايكل فلين مستشار الأمن القومي، شون سبايسر المتحدث باسم البيت الأبيض، رينس بريبوس كبير موظفي البيت الأبيض،أنطوني سكاراموتشي مدير الاتصالات بالبيت الأبيض، ستيف بانون كبير المخططين الاستراتيجيين في البيت الأبيض،كاتي وولش نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، مايكل دوبك مدير الاتصالات،سيباستيان جوركا نائب مساعد الرئيس،كاثلين ترويا مكفارلاند نائب مستشار الأمن القومي، توم برايس وزير الصحة والخدمات الإنسانية،جيمس كومي رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية، وأندرو مكابي نائبه، دينا باول نائبة مستشار الأمن القومي، والتر شباك مدير مكتب الأخلاقيات الحكومية، أنجيلا ريد رئيسة قسم الموظفين في البيت الأبيض، روب بورترأمين الموظفين، جوش رافل مسؤول الاتصالات العليا، هوب هيكس مدير الاتصالات الاستراتيجية، جاري كون مدير المجلس الاقتصادي الوطني، جون مكينتي المساعد الشخصي لترامب، ريكس تيليرسون وزير الخارجية، هربرت ماكماستر مستشار الرئيس للأمن القومي، ديفيد شولكين أمين شئون قدامي المحاربين، مايكل أنطون المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، توم بوسرت مستشار الأمن، سكوت برويت مدير وكالة حماية البيئة، نيكي هايلي مندوبة أمريكا لدي الأممالمتحدة، ديريك هارفي مستشار الرئيس للشرق الأوسط، جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض، سالي ييتس وزير العدل بالوكالة، ريان زنك وزير الداخلية، جيف سيشنز وزير العدل »إقالة»، جيم ماتييس وزير الدفاع، وغيرهم، مايشير إلي عدم استقرار إدارة ترامب التي تفتقد إلي رؤية مؤسسية وتتناوشها تصرفات طائشة من رئيس يضع كل رجاله في مأزق، إما مسايرة سياسات صبيانية غير ناضجة كما وصفتها النيويورك تايمز في عددها الأخير، أوالنأي بالذات بعيداً عن معترك الارتجال والعشوائية التي يسببها ترامب ضد كل شيء وأي شيء، خارجياً وداخلياً، مع الأعداء والحلفاء علي حد سواء. وهكذا فنحن والعالم وأوروبا والأمريكيون بالطبع في المقدمة أمام رئيس يصر أن يضع بلاده بحماقاته في وجه العاصفة. ولعل الصورة تتضح أمامك أكثر إذا ماترجمت لك مقتطفات من إفتتاحية الواشنطون بوست 22 ديسمبر الحالي »The last lines of defense against Trump - خطوط الدفاع الأخيرة ضد ترامب» بقلم مجلس التحرير، جاء فيها: » كثيرممن كانوا ينظرون إلي دونالد ترامب علي أنه غيرمهيأ ومضطرب مزاجيا وليس مناسباً لأن يكون رئيساً طمأنوا أنفسهم في البدايةعلي أمل بأن أغلبية الجمهوريين الرصينة في الكونجرس سوف يحجمون شطحاته»، » وقد تحدث الرئيس الحالي لمجلس النواب النائب الجمهوري بول رايان بصوت عال هذا الأسبوع مسلطاً الضوء علي خواء تلك الآمال، ولقد جاراه في ذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ومعظم قادة الحزب الجمهوري في إدانة تصرفات ترامب المتقلبة وتصلب مواقفه غير الموضوعية التي أوصلت إلي إغلاق الحكومة بدلاً من قبول حلول وسط حول الموازنة وعمل الحكومة». تتحول إفتتاحية الواشنطون بوست بعد ذلك لتقول:» كان خط الدفاع الثاني ضد تهور الرئيس هو »الكبار» في الإدارة: وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيم ماتيس، ومستشار الأمن القومي إتش إم ماكماستر، والمستشار الاقتصادي جاري كون، وسفيرة الأممالمتحدة نيكي هالي، ورئيس المخابرات دانييل كوتس، هؤلاء هم الذين كانوا يفهمون قيمة التحالفات، ومخاطر الحروب التجارية، والمخاطر التي لا توصف من الحروب الحقيقية علي مدي العامين الماضيين، ولقد قاموا في بعض الأحيان بتقييد أسوأ دوافع الرئيس، لكنهم ماعادوا موجودين، والبلد يبدو الآن تحت رحمة ترامب». ثم أضافت الافتتاحية:» لكن السيد ترامب لم يشرع في أي عملية لتقييم سياساته قبل الحلفاء المذهولين والكونجرس وموظفي البيت الأبيض من تقلبات الرئيس الفجائية. ويبدو أنه لم ينتبه إلي أنه سيخرب كل شيء، فبكل بساطة،هؤلا يعرف وغالباً لايهتم بأن يعرف أويتعلم كيف ينبغي أن تعمل حكومة دولة كبري كالولايات المتحدةالأمريكية». باختصار فإن ترامب رئيس تضع سياساته بلاده في وجه العاصفة.