يقول المثل العامي " المية تكدب الغطاس" وطبعا المثل واضح لا يحتاج إلي شرح..في أزمة البنزين التي ما تزال قائمة حتي كتابة هذه السطور هناك محطات كثيرة تضع الحواجز أمام السيارات ولافتة لا يوجد بنزين وهناك محطات تتكدس السيارات امامها في انتظار البنزين ومع ملاحظة ان معظمها سيارات الأجرة من التاكسي والميكروباص. وهناك محطات لا تبيع الا بنزين 95 وهو أغلي الأنواع والتي لا يقبل عليها سوي أصحاب السيارات الفخمة..باختصار هناك أزمة في البنزين فلا يصح ان يخرج علينا المهندس عبد الله غراب وزير البترول ليؤكد انه لا توجد أزمة ويزيد الأمر غرابة حينما اتهم أصحاب السيارات الفارهة بمزاحمة سيارات التاكسي في الحصول علي بنزين 80 وهذا وحده سبب عدم وجود هذا النوع من البنزين رخيص الثمن وتناسي الوزير أن عدم وجود بعض الأنواع الأخري مثل بنزين 92هو الذي دفع بعضهم لتموين سياراتهم بالنوع الرخيص ورغم انه حتما سوف يتسبب في مشكلة فنية كبيرة لهم تكلفهم الكثير مثل تلف الماكينات وليس من المعقول أن صاحب سيارة يزيد ثمنها علي 100 ألف جنيه يسعي لتخريبها فيزاحم للحصول علي بنزين 80 ! دعونا نعترف اننا ما نزال نتكلم بضمير النظام السابق الذي كان ينكر وجود أزمات عند حدوث أي مشكلة وأن الحكاية فل والدنيا ربيع والجو بديع..نعم عندنا مشكلة في البنزين ولكن كيف حدثت وما هي أسبابها وجولة من الوزير ومساعديه علي بعض المحطات تساهم في حل المشكلة وهذا هو المهم الذي يناقش.. بداية فقد ساهم الانفلات الأمني في جزء من المشكلة وأعني ان هناك عددا من البلطجية يتاجرون في البنزين بجميع أنواعه وخاصة البنزين 80 ويحصلون عليه من المحطات بالقوة ويهددون العمال باحراق المحطة وبالتالي يحصلون من خلال الجراكن علي كميات كبيرة يعيدون بيعها للسائقين بسعر أعلي إضافة إلي السائقين الذين يحصلون علي احتياجاتهم بالجراكن أيضا بعد " تفويل" سياراتهم..هذا هو لب المشكلة وفي ظل الانفلات الأمني قل سلاما علي الانفلات الأخلاقي وقل مرحبا للبلطجة والفتونة والشبيحة! القانون يجرم الحصول علي البنزين في جراكن ولكن من يستطيع من أصحاب أو عمال المحطات وخاصة البعيدة ان يقول لا لهم !. علاج أزمة البنزين يبدأ من علاج الانفلات الأمني وعلاج كل مشاكلنا ينتهي عند عودة الشرطة بصلاحيات أكثر وطالما أعدنا العمل بقانون الطوارئ ففيه من العقوبات ما يردع وفيه أيضا الحل لمشكلة البنزين ! المهم ألا يخرج علينا مسئول ليؤكد انه لا توجد أزمة وإلا بماذا يفسر وزير البترول مظاهرة أصحاب محطات البنزين بالقاهرة والجيزة أمس الأول أمام المقر الرئيسي لشركة مصر للبترول بوسط البلد احتجاجا علي عدم التزام الشركة بتلبية طلباتهم من الوقود، واجتمعوا مع رئيس الشركة يحيي شنن ووعدهم بحل الأزمة خلال 15 يوما. وأخيرا أقرأوا معي هذا التصريح للدكتور حسام عرفات رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية باتحاد عام الغرف التجارية : لا توجد أزمة في البنزين وأن هذه الحالة مجرد اختناقات لم تصل إلي حد الأزمات مشيرا إلي أن هذه الاختناقات ستنتهي مع منتصف الشهر الحالي وذلك بعد أن انتهي شهر رمضان، وهو السبب وراء تلك المشكلة علي حد قوله. وأضاف عرفات أن أزمة البنزين تنحصر في بنزين "80" حيث إن هناك أكثر من 75٪ من حجم المستهلكين يقبلون علي هذا المنتج وخاصة في محافظات الوجه القبلي والبحري التي تكثر فيها المناطق الزراعية لاستخدام سيارات النقل والآلات الزراعية التي تعمل بالوقود 80 بالإضافة إلي الموتوسيكلات والتاكسيات ومعظم السيارات الملاكي التي تستخدم بنزين هذا النوع مشيرًا إلي أنه مع انخفاض هذا النوع أصبح الضغط علي البنزين "90-92" شديدا مما تسبب في مشكلة كبيرة ..عينة من هذه التصريحات تعكس إلي حد كبير أننا لا نعترف بوجود أي مشكلة وهذه عاداتنا والا حنشتريها !