من الطبيعي أن تقوم الدنيا ولا تقعد لأي تصريح لوزير التعليم يمس المجانية التي جعلت التعليم كالماء والهواء منذ أن كان طه حسين وزيرا للمعارف ولولا المجانية لما استطاع الملايين من المصريين أن ينالوا حقهم العادل في التعليم الذي لا يساوي بين الغني والفقير والذي أتاح الفرصة لكل مجتهد أن يحسن وضعه الاجتماعي ولما استطاع أبناء مصر من النوابغ العلماء والأدباء أن يظهروا مواهبهم ويضيفوا لحضارة مصر تطويرا في التنمية وقوة يعتد بها في المحافل الدولية.. لكن التطبيق السييء لمجانية التعليم أفرغ الشعار من محتواه وحاد به عن هدفه فأصبح هناك تعليم موازٍ من عدة مستويات كل علي قدر تكلفته فهناك التعليم الخاص والدولي الذي يقتصر علي أولاد الأثرياء الذين يلتحقون بالجامعات الأجنبية وينالون أفضل الوظائف ولا نلوم أولياء الأمور علي لهفتهم ولهاثهم خلف الدروس الخصوصية التي تستنزف 12 مليار جنيه بينما تنفق الدولة 90 مليار جنيه علي التعليم حسب ما صرح به وزير التعليم الذي سارع بنفي ما نسب إليه من الحديث عن مجانية التعليم لأنه حق ورد بالدستور مؤكدا أن كلامه اجتزأ من سياقه ونشر بطريقة بعيدة عن الدقة والمهنية فتعرض لحملات من الهجوم والتهكم قبل التحقق من صحته وأنه كان يرد علي سؤال عن إلغاء مجانية التعليم التي يري الوزير أنها لم تتحقق بدليل التكلفة الباهظة للدروس والكتب الخارجية التي يعاني منها الفقير والغني علي حد سواء مما جعل التعليم مكلفا وليس مجانيا وأن التشاور حول اقتصاديات التعليم ضروري ومنطقي ويجب بحثه في حوار مجتمعي أتمني أن تشارك فيه جميع فئات المجتمع والتربويين لنستكمل منظومة تطوير التعليم.