في تعليقه الأول في جريدة المصري اليوم علي مقالاتي عن مكتبة الإسكندرية يلوي سمير فريد أذرع الأسئلة كي يصل إلي مبتغاه. فيتساءل: »وهل كانت المناصب التي تولاها (يقصدني) من مدير صندوق التنمية إلي رئيس دار الكتب والوثائق رغم أنف الرئيس السابق وأسرته؟« وهو تساؤل عجيب، لأن رئيس الجمهورية سواء كان الرئيس السابق أو غيره، وسواء كان في مصر أم في غيرها، يملك من الوسائل ما يمكنه من إبعاد أي مسئول عن منصبه سواء بطرق قانونية أو بغيرها. ليس الرئيس فقط من يملك ذلك بل من هو أقل منه وهو الوزير المختص. ذكرت أن فاروق حسني أقالني من منصبي كرئيس لمجلس إدارة دار الكتب والوثائق بطريقة قانونية اسمها عدم التجديد. وهي طريقة اخترعتها حكومة المرحوم الدكتور عاطف صدقي بإصدار قانون جديد هو القانون 5 لسنة 1991 لاختيار القيادات من درجة مدير عام حتي الدرجة الممتازة لرؤساء الهيئات والقطاعات. كان التجديد لهم يتم كل 3 سنوات، ثم جعلوها كل سنة حتي يسهل تغيير من يريدون تغييرهم. وبالتالي يكون المسئول تحت رحمة وزيره كل عام، وليس رئيس الجمهورية فقط. وللعلم، لم تكن إقالتي من دار الكتب هي المرة الوحيدة التي أقالني فيها فاروق حسني. أصدر قرارا آخر بإقالتي من رئاسة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري عام 2006 وندب علي هلال رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية بديوان عام الوزارة وقتها رئيسا للجهاز. أصدر القرار يوم سبت وهو يوم إجازة رسمية، وسحبه بعد ساعة من استلام أفراد الأمن في الجهاز للقرار الذين أبلغوني به تليفونيا. وقد أصدر القرار قبل موعد التجديد لي بشهور، ويبدو أنه لم يحتمل أن ينتظر هذا الموعد. لكنه سمع لمن نصحه بالعدول عن هذا القرار لأنه غير قانوني من جهة، ولما قد يسببه له من مشاكل من جهة أخري. سبق هذا القرار قرار آخر من الوزير بسحب اختصاصاتي المالية كرئيس للجهاز في سابقة لم تحدث من قبل ولا من بعد في الحكومة. فما دخل رئيس الجمهورية في هذا الموضوع؟ لرئيس الجمهورية دخل، لكن ليس معي، وإنما مع من يختارهم من الوزراء ورؤساء الوزراء. ورئيس الجمهورية السابق هو الذي أبقي، علي سبيل المثال، علي فاروق حسني وزيرا للثقافة من أكتوبر 1987 حتي يناير 2011 علي الرغم من تقديم الوزير الأسبق استقالته خلال هذه الفترة. الأعجب من التساؤل السابق عن »أنف الرئيس« هو التساؤل التالي لسمير فريد : »وهل اختراع هيئة باسم التنسيق الحضاري ليصبح رئيس هيئة، وهو اختصاص المحافظات في مصر وكل الدنيا، أمر لا علاقة له بالرئيس السابق وأسرته، أم أن سمير غريب كان من معارضي النظام في حزب سري قام بالثورة«. هذا التساؤل له شقان : الأول خاص بالتنسيق الحضاري، والثاني متعلق بالثورة. حزنت علي الناقد السينمائي بسبب الشق الأول. فهو يتصور أن الرئيس السابق وأسرته! اخترعوا جهازا قوميا لأصبح رئيس هيئة! وقد قرأت منذ فترة لواحد نشر أن فاروق حسني عمل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري ليعين صديقه ( الذي هو أنا ) رئيسا له. وقد رددت عليه في حينه. ولا أعرف، بعد هذا الكلام، من الذي " اخترع " الجهاز حسني مبارك أم فاروق حسني؟ وأنا " مذهول " علي رأي " واحد تاني " من هذا التسابق الفريد بين رئيس جمهورية ووزيره من أجل إرضاء سعادتي وتعييني رئيس هيئة! هذا كلام »مش معقول خالص«. ولم أسمع أو أقرأ من قبل عن تكوين هيئة قومية جديدة لمجرد مجاملة شخص. ويستطيع الرئيس أو الوزير أن يجاملا أي شخص بسهولة علي حساب الهيئات القائمة بالفعل، فلماذا كل هذا التعب؟ عيب أن يفكر من له عقل مستنير بمثل هذا التفكير الخرافي. نسي فيما يبدو أنني كنت رئيس هيئة بالفعل، في مارس 1999. بل كنت أصغر رئيس سنا لأقدم هيئة في مصر وهي دار الكتب والوثائق. فدار الوثائق تأسست سنة 1828 ودار الكتب سنة 1870. وعندما شنوا حملة ضدي وقتذاك بأنني أجلس علي كرسي توفيق الحكيم قلت لهم علنا »مش عاوز الكرسي خدوه«، خصوصا أن توفيق الحكيم كان يفضل الجلوس علي المقهي التي أمام دار الكتب في باب الخلق. ولعلم العامة، وللحقيقة، فإن مشروع إنشاء الجهاز القومي للتنسيق الحضاري يعود إلي سنة 1990 عندما تقدم به فاروق حسني، وهو صاحب فكرته، إلي رئيس الحكومة وقتها الدكتور عاطف صدقي. وبرغم أن الدكتور عاطف كان صديقه إلا أنه لم ينشئ الجهاز. وتعثر المشروع بين ردهات مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية حتي أصدر رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عاطف عبيد قرارا بتشكيل لجنة عليا للتنسيق الحضاري برئاسته. لم تجتمع هذه اللجنة ولو مرة واحدة!! وهذا عادي في بلادي. بل صدر قرار التشكيل الوزاري ذات مرة بوظيفة فاروق حسني علي أنه »وزير الثقافة والتنسيق الحضاري«. في هذه الوزارة بالذات لم ينشأ جهاز التنسيق الحضاري!! وعندما صدر القرار الجمهوري رقم 37 لسنة 2001 بإنشاء الجهاز كنت رئيسا لهيئة دار الكتب والوثائق. وأسند فاروق حسني مسئولية الجهاز لرجل الوزارة القوي والساعد اليمني الشهير فاروق عبد السلام رئيس قطاع مكتب الوزير بالإضافة إلي »أعماله«. وللتوضيح إنشاء الله بقية.