أتمني أن نتصارح ونتكاشف جميعا ولا نخفي رؤوسنا في الرمال اذ أنه لابد من الاعتراف بمسؤولية هؤلاء الذين نظموا جمعة تصحيح المسار في ميدان التحرير عن ليلة تدمير المسار التي شهدت تلك الأحداث المأساوية التي وقعت أمام مقر وزارة الداخلية في لاظوغلي وأمام السفارة الاسرائيلية ومديرية أمن الجيزة والسفارة السعودية في الجيزة. ذلك أن البيان الذي صدر عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليلة الأحد أكد بوضوح كامل المسئولية الوطنية للجهات الداعية لجمعة تصحيح المسار عن تأمين وتنظيم المواقع كافة التي ستستضيف مظاهرات ذلك اليوم ولم يحدد فقط ميدان التحرير . واذا كانت فصائل الثورة غسلت أياديها من المسؤولية وإذا كانت القوي السياسية التي شاركت في جمعة تصحيح المسار رفضت الاعتداء علي الممتلكات العامة، واستنكرت تحطيم الجدار الأسمنتي واقتحام السفارة الاسرائيلية واحراق سيارات الأمن أمامها ومحاولة اقتحام السفارة السعودية وأحراق السيارات أمامها ومحاولات اقتحام مديرية أمن الجيزة، فمن هؤلاء الذين يورطون مصر في هذا المشهد من الفوضي، ومن هم الذين يخططون لهذه المواجهات الدامية بين الثورة والدولة بعدما تحول الأمر الي تنفيذ مخطط تخريب مصر وتدميرها بكل عنف ؟ . ولا يمكن لعاقل أن يتخيل توجيه الاتهام للقوات المسلحة ولأجهزة الشرطة بأنها تهاونت في استخدام القوة فلو كانت فعلت لاتهمت بالاستخدام المفرط للقوة ولانهالت عليها الاتهامات بالردة عن مباديء الثورة التي أصبح الوكلاء لها وهم كثيرون والمتحدثون باسمها وهم أيضا كثيرون كمن يدعو الي ضرورة اعلان فرض الحرية الفوضوية وهو ما لايمكن قبوله في اطار تعرض الوطن بأكمله لخطر التدمير . واذا كان القائمون بالدعوة الي جمعة تصحيح المسار وتنظيمها بالفعل يستنكرون ما جري فأين كانوا وهم يشاهدون الآلاف يتوجهون الي مبني وزارة الداخلية فلم يحاولوا منعهم أو وقفهم وغابوا تماما عن ايقاف الآلاف الذين توجهوا الي ميدان نهضة مصر الذي تحول بفعل هؤلاء الي ساحة حرب حقيقية بين البلطجية وبين رجال القوات المسلحة والشرطة الذين آثروا الهدوء بل وتركوا المكان تماما خشية اتهام يوجه اليهم بمحاولة وقف مسار الثوار! . والغريب أن الذين هدموا الجدار الأسمنتي قرب مبني السفارة كانوا مجموعة من الصنايعية المحترفين الذين لف كل منهم وسطه بما يعرف ب "حزام العدة " وهي الآلات التي تستخدم في الهدم !. وأليس ما جري في كل مكان في تلك الجمعة هو تنفيذ حرفي لكل توجيهات الشيطان المدعو عمر عفيفي العقيد السابق المفصول من وزارة الداخلية والذي تم منحه الجنسية الأمريكية بصورة تثير الشكوك بعلاقته الوثيقة بالمخابرات الأمريكية والذي شاهدته بأم عيني عبر الفيسبوك يحدد أساليب انهاك قوات الشرطة واستخدام أسلوب الكر والفر ثم السيطرة علي المواقع الحيوية وتحديدا أقسام الشرطة ومقار الوزارات ومحطات الكهرباء والمياه والطرق الرئيسية . وألم يتابع الداعون لجمعة تصحيح المسار التي تحولت الي جمعة تدمير كل المسارات توجيهات عفيفي ؟ وألم يكن ضروريا وقتها - لو كانوا جادين في منع حدوث ما حدث- أن يعلنوا وقف مثل هذه الدعوة . وهل يعلن الثوار من الائتلافات الكثيرة التي لم أعد أستطيع التفريق بينها ومعي ملايين المصريين والجماعات الكثيرة بتسمياتها الكثيرة والتي لم أعد أيضا قادرا عن التعرف عليها عن استنكارهم للدعوات التحريضية التي يعلنها الشيطان عمر عفيفي ؟وهل يؤكد لنا الدكتور محمد البرادعي رئيس الجمعية الوطنية للتغيير موقفه من عفيفي؟ . وأرجو أيضا من المرشحين المحتملين لرئاسة مصر وخصوصا الجادين والمعروفين منهم توضيح مواقفهم من دعوات الشيطان عفيفي الذي رسم بالتفصيل خطط التحرك يوم 9 سبتمبر قبل أيام وان يتوقفوا عن تلك المواقف "المتقلقلة" ومحاولات امساك العصا من المنتصف وهو الوصف الوحيد الذي يمكن استخدامه لوصف مواقفهم بشأن ما جري في ليلة تدمير المسار . وأرجو من الغيورين علي مصر من رجال القانون أن يقولوا لنا كيفية التصرف القانوني حيال مثل هذه الدعوات التحريضية الفجة التي لا تتوقف والقادمة من أمريكا ومن أوروبا وبكل أسف من مصريين بالجنسية وليس بالقلب. لقد قلت أكثر من مرة وفي هذه المساحة تحديدا واعتبار من يوم 9 مارس ان هناك مؤامرة واضحة لتقسيم مصر الي دويلات وأن الاعلان الأول بالصوت والصورة الذي بثته بعض القنوات القبطية للدولة القبطية من واشنطن بصوت الرئيس المنتخب لتلك الدولة المزعومة عصمت زقلمة وما أعلن عن تقديم ملف الدولة ومبرراتها الي مجلس الأمن الدولي اضافة الي التطور الواضح في تحركات النوبيين المصريين الطيبيين من الهدوء الي الحديث عن تدويل القضية وما يجري في سيناء من جانب الاسرائيليين يشير بوضوح الي تفاصيل هذا المخطط الذي يمكن أن يتحقق في أيام قليلة في ظل هذه الحال الاستثنائية التي تعيشها مصر ولا يستطيع كائن من كان أن يوقف مثل هذا المخطط في ظل حالة الاحباط الشديدة التي بدأت تجتاح المصريين شعبا وحكومة وقبلهما وهنا مكمن الخطورة - الجهات المسؤولة عن أمن مصر . ولعل وقفة رجال الشرطة المطالبة بتوقف حملات اهدار كرامتهم والتعامل بقدسية مع ملف شهداء الشرطة الذين وصلت أعدادهم منذ 25 يناير الي 450 شهيدا من الضباط والجنود من أبناء مصر هي قضايا تستحق التوقف عندها لأنها تعتبر جزءا من المخطط الذي تشارك فيها بكل الأسف أياد مصرية سواء بعلم أو بجهل . واذا كانت القوي الثورية غسلت أيديها من أحداث ليلة التخريب فانني لم أر أحدا يناقش الداعين لما عرف بجمعة تصحيح المسار في الخمسة عشر مطلبا التي حددها المنظمون لتلك الجمعة وطلبوا ضرورة الاستجابة لها فورا وكأنه لا توجد حكومة في مصر ولا يوجد نظام قادر علي تحديد المطلوب في هذه المرحلة التي تحول العبث فيها الي القاعدة . فالجميع يريد كل شيء ويطالب بكل شيء ويريد التنفيذ الفوري لكل شيء يريده بغض النظر عن القدرة علي الوفاء بكل شيء من جانب المسؤولين عن ادارة الدولة . لابد من أن يعرف المطالبون بتنفيذ كل شيء أن المسؤولين عن ادارة الدولة حاليا ليسوا كتلة أسمنتية أو حتي جيلاتينية واحدة قادمة من كوكب آخر وانما هم مجموعة من المصريين البشر وليسوا آلهة قادرين علي أن يقولوا للشيء كن فيكون .. ومعظمهم ان لم يكن جميعهم يتمنون اللحظة التي يتخلصون فيها من هذا العبء الرهيب في ظل هذه الظروف الاستثنائية غير المسبوقة . ومن هنا تكون ممارسة المزيد من الضغوط عليهم هو نوع من أنواع العبث المتراكم في دولة لم يفق المسؤولون عنها من أجل أن يبدوأوا خطوات البناء . والدليل علي ذلك أن كثيرين ممن كانوا في المعارضة يتحدثون كثيرا ويطالبون بالكثير وقفوا عاجزين عن فعل أي شيء بعد توليهم مناصب حكومية في ظل هذه الأوضاع الاستثنائية . ان مصر تتعرض لضربات باطشة لمعني الدولة ولهيبة الدولة بصورة لا يمكن فهمها الا في اطار خطة اسقاط الدولة المصريةمن جانب الشياطين والراقصين مع الشيطان .. فاحذروا ثم احذروا وفكروا بهدوء قبل أن يفوت اوان التفكير. اللهم احفظ مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان.