شعرنا أخيرا بقيمة موسيقار يقف في مصاف الكبار في العالم، موتسارت، شوبان، باخ، وغيرهم. بليغ حمدي قيثارة النغم، القلب الذي شكله الله في تكوين خاص، فضخ في أوردته وشرايينه دماء ممزوجة بالموسيقي، يتنفس الأوكسجين ألحانا، يتدفق إبداعا وفنا، يعيش حياته بإحساس فنان حين يحب، وحين يحزن، وفي كل الأحوال تخرج شحنته الهائلة في ألحان وأغنيات وأوبريتات غنائية تدخل قلوب الناس ولا تخرج أبدا. أنا شخصيا سعيدة بالاحتفال المميز الذي تقيمه وزارة الثقافة خلال شهر سبتمبر من خلال الأوبريت الغنائي الاستعراضي "سيرة الحب" الذي يقوم فيه الفنان الرائع محمد الحلو بدور بليغ، ويشاركه كوكبة ممتازة من الفنانات والفنانين، منهم: مروة ناجي، مجدي صبحي، أحمد عزمي، ناصر عبد الحفيظ، شيكو، نهلة خليل، أحمد الشريف، هاني عبد الهادي، أحمد الأمير، رشا سامي العدل وغيرهم. الأوبريت تأليف أيمن الحكيم وإخراج د.عادل عبده. تدور أحداث الأوبريت حول قصة حياة بليغ حمدي، وأهم المحطات في حياته، وحتي رحيله الميلودرامي الحزين في الغربة، متعرضا لغدر أقرب المقربين، ومتهما في قضية هو بريء منها. تتناول الأحداث بدايات بليغ، رحلته مع الموسيقي، الشخصيات التي لعبت دورا مهما في حياته، ومشواره الفني وعلي رأسهم الفنان محمد فوزي الذي قدمه لأول مرة لأم كلثوم. كذلك قصته مع عبد الحليم حافظ ووردة وفايزة أحمد، ومحمد رشدي، ومحرم فؤاد، ويتعرض العمل لدوره الوطني بعد نكسة67، وانتصار 73. العرض الذي تجري الآن بروفاته علي قدم وساق علي مسرح البالون، سيرتفع الستار عنه خلال أيام، ويتضمن أكثر من 25 لحنا من أشهر ألحان بليغ حمدي. أتوقع نجاحا كبيرا للعرض، وأتمني أن يخرج في حجم توقعاتنا. فهو يحكي عن بليغ وسيرته، سيرة الحب، وهو شخصية غنية علي المستوي الإنساني، الفني، والإبداعي، عاشت ألحانه حتي الآن وستعيش طويلا لأنها تندرج تحت إسم"الأعمال العظيمة" التي يخلدها الزمن، وتبقي في قلوب الناس، تتوارثها الأجيال بنفس الزخم، وذات الإحساس وقت أن صدرت، وهذا شأن كل عمل فني عظيم، سواء موسيقيا، أدبيا، أو تشكيليا. تلك الأعمال تزداد قيمتها بمرور الزمن، مثل العطر المعتق، يفوح ليملأ رئة وجداننا بالمعني، الإحساس والجمال. سعيدة كذلك باحتفال جميع الإذاعات المصرية والعربية، وجميع الفضائيات بإحياء الذكري الخامسة والعشرين لرحيله. شئ جميل أن نستمع، ونستمتع بألحان بليغ النابضة بالحب والحياة، نستمع إلي أم كلثوم في: حب إيه، أنساك، حكم علينا الهوي، سيرة الحب، بعيد عنك، فات الميعاد، ألف ليلة وليلة، الحب كله، ظلمنا الحب. ونستمع إلي عبد الحليم حافظ في: تخونوه، سواح، عدي النهار، التوبة، علي حسب وداد قلبي، الهوي هوايا، مداح القمر، فدائي، البندقية، موعود، عاش اللي قال، حبيبتي من تكون وغيرها. ونستمع من وردة إلي: العيون السود، خليك هنا، حكايتي مع الزمان، دندنة، بودعك، لو سألوك، اسمعوني، اشتروني، مالي، عايزة معجزة،دار يا دار، وحشتوني، حنين، ولاد الحلال، احضنوا الأيام، والله يا مصر زمان، بدوب في الهوا، يا نخلتين في العلالي، أحبك فوق ما تتصور، ليالينا،، ليل يا ليالي، علي الربابة، عجبي علي دنيا، مسا النور والهنا. بليغ حمدي الفنان الجميل الذي عاش حياته من الأول إلي الآخر بصدق نادر، سيبقي حاضرا، متوهجا بيننا بمئات الأعمال التي أبدعها، والفن الأصيل الذي ينشر نوره في قلوب الناس، بليغ الذي مات مظلوما، مقهورا، سيعيش مرفوع الرأس، مزهوا بألحانه الخالدة التي يصنع منها المبدعون الشباب كل يوم عملا جديدا، مستوحي من قصته، متأثرا بروحه، سائرا علي مدرسته الفنية الفريدة في التلحين والغناء. قصة بليغ تستحق فيلما روائيا طويلا، غنيا في إنتاجه، يحكي سيرة حياة لإنسان فريد، لو كان ولد في بلد آخر لرأينا فيلما عبقريا يستفيد من مادة حية، وقصة ملهمة لعشرات الشباب والشيوخ أيضا!