»في خضم الحديث عن تطوير التعليم وتثويره، لم تطرق أذني كلمة عن أولادنا.. كيف يحلمون؟ أو كيف ينمون خيالهم؟» الخميس: تعريفات عدة طرحها الفلاسفة والمفكرون للانسان، فهو حيوان اجتماعي، وهو حيوان مفكر، وهو حيوان له تاريخ،.. و.. و.. وأظن أن الانسان بالاضافة إلي كل تلك التعريفات، واكثر منها، قادر علي الحلم، والخيال. لا أقصد احلام النوم، وانما احلام اليقظة. ولا أعني بالخيال »الشطحات» التي لايمكن أن يملك صاحبها سبيلاً لتحويلها إلي واقع، وانما ما أعنيه -هنا- خيال المبدع أو المبتكر الذي يستطيع من يمتلكه أن يقدر علي انضاجه، وإن لم يستطع، فإنه يترك لمن بعده فكرة، أو أفكاراً، من شأنها إحداث تحولات وتغيرات في حياة البشر إلي الافضل. وحتي لو كانت البداية »مجرد شطحة»، فبالعقل، والتفكير العلمي، ونبذ الاوهام والاساطير، يمكن أن »يُهذب» الانسان شطحته لتندرج في اطار خيال ايجابي، من شأنه أن ينقل مجتمعه- وربما البشرية - نقلة نوعية، الفضل فيها لصاحب خيال مثمر، فذاك الخيال نافذة، بل جسر نحو المستقبل. لكن كيف يتم تفعيل القدرة علي الحلم، وتنمية الخيال؟ في خضم الحديث عن تطوير التعليم وتثويره، لم تطرق أذني كلمة عن تعليم أولادنا كيف يحلمون؟ أو كيف ينمون خيالهم؟ انها خطوة حتمية لجاهزية الأمة لبناء مستقبل أكثر رحابة. وسط عشرات برامج المسابقات الفنية التي تتسم عادة بالتفاهة وغلبة »البزنس» لصالح الرعاة، والدعاية للفنانين المشاركين واغلبهم لايملك مؤهلات الاكتشاف والحكم علي قدرات المتسابقين، تغيب برامج جادة هدفها اكتشاف اصحاب القدرة علي الابداع والابتكار لامتلاكهم خيالاً خصباً، وقدرة علي تحويل الأحلام إلي واقع يسعي بين الناس بالخير والجمال والتقدم. متي تتبني عدة وزارات (التعليم والتعليم العالي والشباب واكاديمية البحث العلمي) اطلاق مبادرة »كأس مصر للخيال» يتباري تحت مظلتها نوابغ الشباب الجاد ذوو العقلية القادرة علي التفكير-حقاً- خارج الصندوق، بعد أن ابتذل المعني الذي يلوكونه دون فهم أو وعي أو جدية؟ متي تبني مصر جيلاً تعريفه ان الانسان حيوان يحلم ويتخيل؟ أكتوبر بين »باقي» و»اشرف» الجمعة: أيام تفصلنا عن الاحتفال بالذكري ال 45 لحرب اكتوبر المجيدة. وذكريات اكتوبر -بالنسبة لجيلي- ربما كانت الاعز بين ما نملك في طيات الذاكرة، وخلجات النفس، وعمق الضمير. لكن في القلب غصة، بل غصتان! غصة تتعلق بالهجمة الشرسة علي اشرف مروان، والأخري من جراء احساسي بأن اللواء باقي زكي يوسف لم يصله ما يستحق من تكريم حتي الآن! إلي متي يعاني مروان - وهو في ذمة الله- من ظلم ساحق ماحق بالتشكيك في وطنيته، ودوره في خطة الخداع الاستراتيچي، والانصياع للدعايات الصهيونية السوداء الهادفة للنيل من شرفه وانتمائه؟ اقلام واعية فندت فرية »الملاك» المدعاة بحق مروان، بينهم المؤرخ ورجل المخابرات، والاكاديمي، وبالمقابل فإن الأمر لم يخل مما يمكن اعتباره نوعاً من تصفية الحسابات! نعم؛ هناك من لم ينس انحياز مروان في 15 مايو للرئيس السادات، رغم ان الاستاذ هيكل شخصياً كان احد مهندسي العملية، غفروا لهيكل، ولم يغفروا لأشرف مروان، وربما يفسر هذا مشاركة اقلام ناصرية في الحملة التي استهدفت الرجل قبل وبعد رحيله. ألم يحن الوقت للكشف عن هذا الجانب من الحقيقة الذي يبريء ذمة الرجل، ولايبخسه حقه كمواطن شريف خدم وطنه، دون أن يؤثر ذلك علي مقتضيات الأمن؟ اعني الكشف عما لايضر الوطن، ويفيد مواطن حمل روحه علي كفه، بل دفع حياته في النهاية ثمناً لدور اداه بقناعة، ومن الظلم أن يستمر في دائرة الشبهات اكثر من ذلك. الغصة الأخري ترتبط بالضابط المهندس الشاب باقي زكي يوسف الذي لولا تفعيل اقتراحه لاستشهد آلاف لايعلم إلا الله عددهم لحظة العبور، وكانت تكلفته البشرية فوق الطاقة. لم اسمع أو أقرأ ان البطل باقي بث أي شكوي من أن تكريمه لم يكن بقدر ما أسداه لجيش بلاده، حتي مذكرات القادة- وبينهم الفريق الشاذلي- لم تشر لاسم صاحب فكرة تفتيت خط بارليف بمضخات المياه. احلم بأن تفاجئنا القيادة العليا للجيش المصري العظيم بتكريم مستحق -وإن تأخر- للواء باقي بمنحه اعلي الاوسمة أو رتبة شرفية، أو ما تبيحه التقاليد العسكرية من أرقي صور التكريم للأبطال الاستثنائيين في تاريخ الجيوش والحروب. ثم ان تكريم باقي زكي يوسف يحمل في طياته إعلاء لشأن من يحلمون، ويطلقون العنان لخيالهم، إذ ان الرجل فكر في قهر خط بارليف الذي كان يري الخبراء ان القنبلة الذرية وحدها القادرة علي نسفه، بفكرة بسيطة مستوحاة من فترة عمله بالسد العالي؛ فتح ثغرات في الساتر الترابي بالمياه المضغوطة، كان الرجل مبدعاً بقدر ربطه بين خبرة سابقة في عمل مدني، ومعضلة مستقبلية يتوقف علي ابتكار تقنية لمواجهتها مصير وطن، ونتيجة حرب مقدسة لابد من خوضها. ولعل الفقرة السابقة تمثل فكرة لموضوع في مادة المطالعة أو التاريخ باحد المراحل التعليمية لاتمجد ذكري باقي -فقط- وانما تؤكد علي اكثر من معني ومغزي لانجاز بطل مصري، كان شديد التواضع رغم عظمة ما قام به. أتمني ألا تمر هذه الذكري لانتصارنا المجيد إلا وقد زالت كل غصة من حلوق الشرفاء في مصرنا الغالية. القوة الناعمة يادكتورة ايناس الأحد: »7» ناشرين -فقط- لبوا دعوة »أخبار اليوم» للمشاركة في معرضها للمنتجات المصرية بالعراق، بالاضافة بالطبع لجناحي »أخبار اليوم»! غابت وزارة الثقافة، ممثلة بالهيئة العامة للكتاب، وغاب عشرات الناشرين الكبار، وتبخر دور اتحاد الناشرين المصريين، صدمة من العيار الثقيل، أو مفاجأة من النوع السلبي، وكأن لسان حال الوزارة والاتحاد: اذهبوا وانتم ومن شارككم لترفعوا -وحدكم- راية القوة الناعمة المصرية في بلاد الرافدين! لن أصنف من شاركوا، إذ يكفي انهم تحملوا المشقة والمخاطرة، وشرف المحاولة، ولم يفكروا كثيراً بحسابات المكسب والخسارة، بينما أحجم من لن »تفرق معهم» خسارة بضعة آلاف، مقابل حضور مصري قوي في ساحة تتعرض كل ساعة، للاستهداف من القوي الاقليمية التي تسعي لطمس الهوية القومية للعرب، ولاشك أن الكتاب ك »منتج ثقافي» سلاح مهم في مواجهة من يحاولون فرض ظلهم الثقيل عبر كل الادوات المتاحة، وفي المقدمة النفوذ الثقافي بتعدد صوره واشكاله. غاب الذين صدعونا بالحديث عن دور القوة الناعمة المصرية في محيطها العربي، وفاتهم أن العراق يتعرض منذ عقود لاخراجه من معادلة القوة العربية، وأن ثمة حضورا ايرانيا مؤدلجا، إلي جانب سعي تركي متواصل لقضم ما يستطيع الحالم بعودة أمجاد السلطنة الغابرة. الحضور الهزيل للناشر المصري في معرض »أخبار اليوم» ببغداد لاكثر من عشرة أيام، لايجب أن يمر دون وقفة حساب، ولأظن أن أمر المشاركة بلغ د.ايناس عبدالدايم، وإلا لكان لها دور فعال، ليس فقط في توجيه الهيئة العامة للكتاب بالمشاركة، ولكن ايضا في حث الناشرين، وربما تقديم أي حوافز تدفعهم، لتفعيل دور القوة الناعمة المصرية في بلد عربي. مازال يتعرض لضغوط ومخاطر يستهدف من يمارسونها »سلخه» بعيداً عن أمته وقوميته وعروبته وتاريخه. وعد اللواء شعراوي الأثنين: هو من قطع الوعد علي نفسه. بمجرد توليه مسئوليته كوزير للتنمية المحلية وعد اللواء محمود شعراوي بانتهاء أزمة القمامة خلال 3 أشهر. المهلة انتهت والوضع اكثر تدهوراً، لا أزعم أنني قمت بمسح شامل، لكن ما أراه بعيني في مدينة نصر، وما أسمعه من معارف وزملاء وأقارب داخل القاهرة، وخارجها، وما أقرأه من استغاثات في ابواب البريد بالصحف، تقود إلي ذات النتيجة: أزمة القمامة تفاقمت! آخر تجليات الأزمة بالقرب من مسكني، اختفاء صناديق القمامة، ولجوء الكثيرين إلي إلقاء مخلفاتهم حيث كانت الصناديق قائمة! واغلب الظن أن قرار رئيس الوزراء بتشكيل وحدات تدخل سريع بالمحافظات لحل أزمة انتشار القمامة مؤخراً، يؤكد صدق ما ذهبت إليه، وأن أي اتهام بالمبالغة مردود عليه بقرار رئيس الحكومة، ولا حاجة للاستناد إلي شواهد اضافية! اللواء شعراوي بدأ من حيث يجب أن يبدأ باعترافه بعمومية الشكوي من تراكم القمامة، ثم طالب بمشاركة شعبية لحلها، ثم وعد بنقلة حقيقية في أزمة النظافة بجميع المحافظات. لكن مرت الشهور الثلاثة سريعاً، وتبخر الوعد، رغم ان مأساة القمامة كانت علي قمة الأولويات التي حددها الوزير بنفسه لنفسه. الألفة التي صارت اجبارية بين الناس والقمامة تعني اعتياد القبح، وانتشار الأمراض، ثم هدر امكانية تحويل القمامة إلي مصدر للطاقة، وبالمناسبة هناك احياء في مدن اجنبية عديدة تعتمد في طاقتها، علي تدوير القمامة، بل أن أحد احياء تل أبيب يطبق هذه التجربة. ليت اللواء شعراوي يقوم بزيارة مفاجئة لحي مدينة نصر الذي تحول كثير من جنباته إلي عشوائيات بفضل القمامة، والتعديات، والمخالفات،..،.. ربما خرج من المعاينة الميدانية بحلول أكثر واقعية، قابلة للتطبيق والنقل إلي احياء ومدن أخري، حلول جذرية »بصحيح» لمأساة يمكن وصفها بأنها عابرة للحدود، أقصد الحدود بين أقاليم المحروسة! ومضات في المسافة بين الصعب والمستحيل، إصنع الممكن. الدموع في المآقي: تترقرق فتسيل، أو تبرق فتضيء. تشوه الصورة في المرآة، ليس إلا انعكاس لأصل مشوه. الغرور أقصر طريق لتحويل النجم الموهوب إلي موهوم! صمت المتواطيء فساد وسكوت الضعيف جُبن. اراقة الدماء باسم الدين جريمة في حق الخالق والمخلوق. أنصاف المتعلمين اشرف من ادعياء الثقافة. احتراف التبرير مهنة الفاشلين. الطموح وحده قد يشيد وهماً، لكنه لايبني مجداً. دعوة لزيارة عقلك مبادرة تؤسس لمحبة قاعدتها الاحترام. لماذا نلوم خالي الموهبة والكفاءة، ولا نحاسب من ولاه؟