هل هناك دلالات واضحة للهجرة النبوية المشرفة تبين أن الإسلام لم ينتشر بالقوة؟ - بداية أحب أن أذكر القارئ الكريم بأن الهجرة النبوية تعد أهم باعث من بواعث الإلهام والعمران لهذه الأمة؛ لأنها وقعت بعد أشد ألوان الابتلاء والتمحيص الذي ابتلي به سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.. نبينا بقي في مكة قبل البعثة أربعين عاما، وبعد البعثة ثلاثة عشر عاما، واقتضت حكمة الله ومشيئته أن هدي للإيمان مع النبي صلي الله عليه وسلم الضعفاء والفقراء من القوم، ولو شاء لآمن بالنبي الأقوياء وأصحاب الجاه، ولكن آمن الضعفاء وعاني القوم من الاضطهاد ووصلوا إلي أشد مراحل الضعف حتي هاجر صلي الله عليه وسلم إلي المدينة وهو ما يبرهن علي أن الإسلام لم ينتشر بالسيف ولا بالقوة ولا بالفتوة، وبقي في المدينة عشرة أعوامٍ فقط بني فيها دولة، ويتبين لنا كذلك أن الابتلاءات تقوي الهمة والعزيمة وتدفع إلي البناء؛ ولكن مما لا شك فيه ولا جدال أنه لا نصر ولا عزة من غير أن نعود إلي الله، والهجرة تؤكد لنا علي ضرورة بناء الإنسان أخلاقيا وبدنيا وإيمانيا، وثقافيا وعلميا وفكريا وسلوكيا، واقتصاديا، واجتماعيا، بناء يدفع إلي تطور وطنه.