كنت اشاهد مسلسل »لا تطفئ الشمس»، الذي لم تتسن لي متابعته عند عرضه للمرة الأولي، فجأة ظهرت علي الشاشة فتاة رقيقة حالمة ذات شعر ذهبي طويل وهي تعزف علي البيانو، فقلت لابنتي: »دي ليلي زي ما وصفها احسان في الرواية بالظبط» - حيث ان تلك الرواية من الروايات التي ساعدت علي تكويني ثقافيا ووجدانياً حين كنت اتابعها مسلسلة في مجلة »صباح الخير» وأنا طالبة في الثانوي. وحين التفتت الفتاة وتأملت وجهها صحت قائلة (انا عارفاها، مش دي صاحبتك اللي كانت بتجيلك البيت زمان؟ ده انا باحبها قوي). فانفجرت ابنتي ضاحكة وقالت (لا ياماما، مني مش رندا.. دي جميلة بنتها). وعادت بي الذكريات حين كانت ابنتي تدرس في معهد السينما، وكان اصدقاؤها يتجمعون عندي في المنزل، لقربه من أكاديمية الفنون، حتي ذلك الحين، كان هناك ثنائي محبب الي قلبي من هؤلاء الاصدقاء وهما عادل عوض وخطيبته التي اصبحت زوجته فيما بعد، راندا. لقد كان عادل فنانا شابا لديه (جنونة الفن) وطموحات يريد ان يحققها في الاخراج السينمائي، اما راندا، فقد كانت تخطو أولي خطواتها في عالم التمثيل. وتخرج الاولاد، وتزوج عادل من راندا وقدم أكثر من تجربة سينمائية ناضجة ومختلفة منها فيلم »تحت الصفر» من تأليف الراحل العظيم اسامة انور عكاشة وبطولة الرائعة، التي افتقدها بشدة، نجلاء فتحي، جملة اعتراضية: اين انت من السينما يا عادل؟ افتقدك انت ايضاً يا ولدي. ثم حملت راندا، وحين كنت أراها، كنت اري كم اضفي عليها الحمل جمالاً وبهاءً خاصا، وكنت دائماً ما اداعبها قائلة انها اكيد ستنجب بنتا لانها (احلوت قوي) فبادرتني قائلة (لو جبت بنت اسميها ايه؟) فاقترحت عليها اسم »جميلة» فضحكت قائلة: وان لم تكن جميلة (نعمل ايه؟) فأجبتها (انتي وابوها جميلان من الداخل والخارج، لازم حاتطلع جميلة) واسميتها جميلة قبل ان اراها. ومرت الاعوام، وتصادف ان كان جد جميلة، الفنان الراحل محمد عوض، جارنا في العجمي، وكنت التقي جميلة وراندا هناك ورأيت جميلة (الجميلة) تكبر امام عيني. وبعد سنوات حين كنت اصطحب حفيدتي مريم، التي تصغر جميلة بسنوات قلائل، الي العجمي، كانت دائماً ما تحكي عن جميلة ذات الشعر الذهبي (الطوييل) - كما كانت تقول - بانبهار كما كانت تحب رقتها وشخصيتها اللطيفة التي احبتها كل شلة اطفال »زهراء العجمي». وتوالت اعوام، وانقطعت عن الذهاب الي العجمي بعد أن ضعفت الصحة وقلت الهمة، الي ان فوجئت براندا، كما كنت اراها صغيرة، علي الشاشة تمثل بقوة وجرأة، صراحة، لم أعهدها فيها. وذلك حين أدركت انها جميلة، التي اسميتها قبل ان أراها. ففكرت: هنيئا لك يا راندا، لقد اثمر تفرغك ورعايتك لتلك الطفلة عن موهبة فذة. فإياك ان تشعري بالندم علي ما فات وانت ترين جميلة تتألق امامك. برافو جميلة، ورحم الله جدو محمد عوض الذي كان سيصبح فخورا بك وبموهبتك التي يجب ان تعملي علي تنميتها وصقلها حتي تتفتح وتنضج، اما والدك فسيفخر بأنه، ليس عادل عوض المخرج، ولا عادل ابن العظيم محمد عوض ولكن عادل والد الفنانة جميلة عوض.