مستعدون لدفع التعاون الثلاثي في أفريقيا والعالم العربي في السلم والأمن شعب مصر اختار بإرادته الواعية طريق الإصلاح.. ونواصل التصدي للإرهاب بصرامة أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر تُعد شريكاً حضارياً وتاريخياً للصين في مبادرة الرئيس الصيني "تشي جين بينج" الحزام والطريق، والتي تقوم علي إعادة إحياء طريق الحرير، وأشار السيسي إلي أن مصر أبدت تأييدها الكامل لهذه المبادرة، وعبرت عن أهمية المشروعات التي يتطلع الجانبان إلي تنفيذها في منطقة قناة السويس في إطار المبادرة، وأضاف السيسي وزيارة الرئيس الصيني إلي مصر في يناير 2016 شهدت توقيع مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين، بهدف تعزيز التعاون في قطاع البنية التحتية وتنفيذ المشروعات الوطنية الكبري، خاصة فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة. جاء ذلك كلمة السيسي خلال زيارته أمس لأكاديمية الحزب الشيوعي الصيني، وأعرب الرئيس عن سعادته للتحدث امام الأكاديمية العريقة للحزب، بما تمثله من صرح أكاديمي رفيع، وبما تعبر عنه من مستقبل مشرق لأجيال الشباب الصيني المقبلة، التي تحمل علي عاتقها مسئولية مواصلة تلك النهضة الكبيرة التي أذهلت العالم بنموذجها التنموي، وتعكس في الوقت ذاته الحضارة الصينية العريقة، التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وقال: يقيني أنكم فخورون بما تمثله الصين من إضافة وإسهام للعالم. ووجه السيسي الشكر والتقدير لدولة الصين الصديقة، حكومة وشعباً، علي كرم الضيافة وحسن الاستقبال، وأعرب عن حرصه علي تلبية الدعوة بزيارة الصين، وسعادته الشخصية بها، نظراً لخصوصية العلاقات بين بلدينا، والتزامنا معاً بتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين. وقال السيسي إن زيارته الخامسة إلي الصين تأتي انعكاساً لتطور العلاقات المتميزة بين البلدين، وتأكيدا للحرص علي استشراف آفاق أرحب للتعاون، ليس فقط علي الصعيد الثنائي، ولكن أيضاً بين الصين وأفريقيا، وبالأخص في المرحلة المقبلة حيث تتولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام 2019. وأشار السيسي الي أن المباحثات التي أجراها مع الرئيس "تشي جين بينج"،أسفرت عن تأكيد استمرار توافق رؤي ومواقف البلدين تجاه شتي القضايا الإقليمية والدولية وفي المحافل الدولية، والأهمية التي نوليها لتعزيز علاقاتنا الثنائية في مختلف المجالات، والاستفادة من التجربة الصينية في مجالات التكنولوجيا والتطور الصناعي، وتعزيز العلاقات التجارية والثقافية، والتواصل بين الشعوب، باعتباره الضمانة الحقيقية لترسيخ نتائج التعاون القائم بين البلدين. وأعرب السيسي عن ثقته بأن طلاب الأكاديمية علي دراية بحراك التنمية الشاملة في مصر خلال المرحلة الأخيرة التي أسفرت عن نمو بلغ 5.3% في عام 2017/2018، وحجم احتياطي نقدي تجاوز 44 مليار دولار، وسط جهود لتخفيض عجز الموازنة إلي أقل من 10% من الناتج القومي الإجمالي مشيراً الي ان ذلك يعكس التوجه الجاد للحكومة المصرية لتحقيق نمو اقتصادي متسارع، من خلال برنامج إصلاح اقتصادي جاد وغير مسبوق في فلسفته وطريقة تنفيذه وسرعة تحقيقه للنتائج الملموسة، ويتم ذلك بالتوازي مع تنفيذ مشروعات كبري في مختلف المجالات، خاصة البنية التحتية وتشييد عدة مدن وعاصمة إدارية جديدة، بالإضافة إلي مشروعات الطرق والأنفاق واستكشافات حقول الغاز الطبيعي، وتحقيق الاكتفاء في الطاقة الكهربائية وبناء محطة نووية لتوليد الطاقة، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، مروراً بمشروع إنشاء محور التنمية بمنطقة قناة السويس، وجميعها مشروعات جاذبة للاستثمارات، ونتطلع إلي دور أكبر للشركات الصينية فيها. وشدد السيسي علي أن تحقيق التنمية التي تحتاجها شعوبنا وتستحقها، مرهون باستعادة الاستقرار السياسي في المنطقة، ووقف هدر الدم والطاقة والموارد الذي تعرضت له شعوبها ولا تزال. وأشار السيسي الي أن السنوات الماضية عرضت النظام الإقليمي العربي لأزمات حادة، لعلها الأخطر منذ انتهاء حقبة التحرر الوطني، وبات مستقبل بل ووجود الدولة الوطنية ذاتها مهدداً، بفعل ضغوط داخلية وتدخلات خارجية تهدد بتقويضها، وتفضي لفراغ استراتيجي، مشيراً الي أن التجارب أثبتت أنه لطالما مثل البيئة الملائمة لنشوء التوترات الطائفية والأعمال الإرهابية التي تواصل مصر التصدي لها بصرامة ومن خلال مقاربة شاملة تضم بجانب النواحي العسكرية والأمنية، الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية. وتابع السيسي: كان الوجه الآخر للجهود الكبيرة التي قامت بها مصر علي مدار السنوات الأربع الماضية لإعادة بناء دولتها واقتصادها، هو استراتيجية نشطة للتحرك الخارجي تستعيد بها زمام المبادرة في المنطقة، وتعيد لشعوبها مقدراتها، وترأب الصدع الذي أصاب النظام الإقليمي العربي ودوله الوطنية، وتستعيد الاستقرار الإقليمي، وتسترجع قيم الانتماء والعمل والثقة في المستقبل لدي الإنسان المصري والعربي. وأضاف السيسي أنه من هذا الأساس استندت مواقف مصر في التعامل مع جميع الملفات السياسية في المنطقة، فقد تمسكت مصر بأن مفتاح الخروج من المأزق الليبي هو المعالجة الشاملة لأزمة غياب الدولة، من خلال حكومة تمثل جميع الليبيين وتمارس سلطاتها علي جميع أنحاء ليبيا، وجيش قوي يواجه الإرهاب ويحمي الاستقرار، وانتخابات حرة تستكمل المؤسسات التشريعية للدولة. وأوضح السيسي انه لا وقف لنزيف الدم في سوريا، إلا بحل سياسي يبدأ بإعادة كتابة الدستور السوري بالطريقة التي تؤدي لإعادة بناء النظام السياسي والدولة الوطنية، وتلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري الشقيق. وقال السيسي : وكذلك لا مخرج في اليمن إلا بالحل السياسي، وبإنهاء كافة محاولات طرف معين الاستقواء بأطراف غير عربية لفرض إرادته علي سائر بني وطنه بقوة السلاح. وشدد علي أنه لا مجال لإنهاء أقدم صراعات المنطقة، إلا بإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية في إطار المرجعيات الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة. وتطرق السيسي في كلمته إلي العلاقات الثنائية المتميزة بين الصين والدول الأفريقية، مؤكداً أنها تنبع من اهتمام وحرص القيادة السياسية الصينية علي تطوير ومتابعة تنامي العلاقات في مختلف المجالات مع افريقيا، مشيرا إلي أن العلاقات بين الجانبين دخلت مؤخراً في حقبة ذهبية، يجب البناء عليها لتحقيق المصالح المشتركة لشعوبنا، وأصبحت الصين أكبر شريك اقتصادي لأفريقيا. وأعرب السيسي عن تطلع القاهرة الي أن تشكل مصر قاعدة للاستثمار والتصنيع والتجارة وصولاً إلي أسواق قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا، من خلال اتفاقيات التجارة الحرة التي تجمع مصر مع دول الاتحاد الأوروبي والكوميسا والدول العربية، وقال انه يمكن للصين الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي الفريد لبناء صناعات مشتركة ومتطورة للوصول لأسواق مختلفة بطاقة استهلاكية تماثل حجم السوق الصيني، فضلاً عن الاستثمار المباشر للانتفاع بالمزايا التي تقدمها منطقة قناة السويس والمناطق الصناعية الجديدة في المحافظات المختلفة، وتعتبر منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر والصين أو ما يُعرف بالمدينة الصينية "تيدا" تجسيداً للشراكة الاقتصادية بين البلدين، فضلاً عن الفرص المتعددة أمام الشركات الصينية للمشاركة في المشروعات القارية الكبري، ومنها مشروع بناء الطريق القاهرة- كيب تاون، ومشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وأننا نؤكد ترحيبنا بمساهمة الصين في هذه المشروعات. وقال السيسي إن لمصر والصين دوراً ريادياً في مجالات السلم والأمن والتنمية علي المستويين الأفريقي والدولي وهو أمر نتطلع لاستمراره وتطويره، حيث تتمتع مصر بمكانة جيواستراتيجية هامة، كما أننا مستعدون لدفع التعاون الثلاثي في أفريقيا والعالم العربي ليس فقط اقتصادياً وإنما في مجالات السلم والأمن. ومن جانبه صرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الأكاديمية تعد إحدي أهم المؤسسات التعليمية في الصين، والمسئولة عن تدريب المسئولين والقيادات وتأهيلهم لتولي المناصب العليا. وأضاف راضي أن الرئيس استهل زيارته بتفقد متحف الأكاديمية والتي يعود تاريخ إنشائها إلي عام 1933، بما يضمه من ذاكرة أرشيفية لمراحل تطور الأكاديمية وعرض دورها في إعداد القادة الصينيين علي مر العصور. وعقب ذلك عقد الرئيس لقاءً مع رئيس الأكاديمية وقادتها، والذين أعربوا عن ترحيبهم بزيارة الرئيس للأكاديمية، مستعرضين دورها في تأهيل وتدريب القادة الصينيين، وما تضمه من مجالات تشمل مختلف قطاعات الدولة. وأعرب الرئيس عن سعادته بزيارة الأكاديمية، مشيراً إلي إعجابه بدورها الهام في تدريب النخبة السياسية الصينية، والكوادر الحكومية، فضلاً عن توسيع رؤيتهم العالمية وتعزيز تفكيرهم الاستراتيجي بما يمكنهم من تولي مهام مناصبهم بشكل متميز. كما وقع الرئيس في سجل الشرف بالأكاديمية بكلمة أعرب خلالها عما تمثله الأكاديمية من صرح رفيع المستوي ساهم في تخريج أجيال حملت علي عاتقها مسئولية نهضة الشعب الصيني ورفعة شأنه، متمنياً للشعب الصيني الصديق دوام الرفعة والازدهار. وأشار راضي الي ان الرئيس اجري حوارا مفتوحاً مع طلاب الأكاديمية بحضور لفيف من قادة الأكاديمية وقادة الحزب الشيوعي الصيني، وأجاب خلالها علي استفساراتهم بشأن العلاقات المصرية الصينية ومستقبل الأوضاع في مصر والمنطقة العربية في ظل ما تواجهه بعض الدول العربية من تحديات كبيرة، وقد أكد أهمية الدور المصري في تعزيز العلاقات الصينية بالقارة الأفريقية والمنطقة العربية وأوروبا، وذلك في ظل ما تحظي به مصر من علاقات متميزة مع مختلف تلك الدول، فضلاً عن موقعها الجغرافي المتميز ودخولها في العديد من اتفاقيات للتجارة الحرة مع العديد من الدول بتعدادهم البالغ حوالي 1٫6 مليار نسمة، الأمر الذي يسهل من نفاذ المنتجات المصنعة في مصر إلي أسواق تلك الدول، خاصة مع ما تقدمه مصر من تسهيلات للصناعات والاستثمارات الأجنبية في العديد من المناطق الصناعية الجديدة التي تم إنشاؤها، فضلاً عما تمثله قناة السويس من محور عالمي لتسيير حركة التجارة، بما يساهم في نقل البضائع إلي مختلف أنحاء العالم. كما استعرض الرئيس ما تم من إصلاح اقتصادي ومشروعات كبري خلال الفترة الأخيرة، بهدف توفير البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، سواء من خلال توفير البنية التحتية من شبكة طرق حديثة وزيادة القدرة علي توليد الطاقة الكهربائية وبناء العديد من المدن الجديدة وتطوير وزيادة عدد الموانئ البحرية، وتوفير التشريعات المحفزة للاستثمار، وأشار السيسي الي المضي قدماً في عملية إصلاح اقتصادي، كان للشعب المصري الدور الأهم في تحمل نتائجها الصعبة بما لديه من وعي وإدراك لطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر، وهي العملية التي بدأت بالفعل في أن تؤتي ثمارا يشير إليها التحسن المستمر في المؤشرات الاقتصادية. وأعرب الرئيس بأن مصر تنظر إلي الصين بكل التقدير والإعجاب، خاصة مع نجاحها في أن تقطع شوطاً كبيراً في عملية البناء والتنمية، مؤكداً الحرص علي التعاون مع الصين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية والعلمية وغيرها، وذلك للاستفادة مما يتوفر لديها من خبرات وتجارب ستساعد في تحقيق التنمية المنشودة في مصر. كما استعرض الرئيس التطورات التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، مشير إلي أنه في ظل الأحداث التي وقعت منذ عام 2011، جاء تركيز الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الأخيرة علي الحفاظ علي أركان الدولة والحيلولة دون انهيارها، وذلك من خلال إعادة بناء المؤسسات، فضلاً عن إعادة الاستقرار والأمن والتصدي للإرهاب. وأكد الرئيس أنه مع انشغال الدولة بتنفيذ تلك الخطوات تم العمل في ذات الوقت وبالتوازي علي تنفيذ خطة تنموية طموحة تشمل الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتنفيذ مشروعات عملاقة لتأهيل الدولة للإنطلاق إلي مستقبل أفضل، وأشار الرئيس إلي أن المرحلة القادمة ستشمل بجانب الاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي، الاهتمام بتطوير وتحديث التعليم والصحة والإصلاح الإداري.. ورداً عن استفسار بشأن الربيع العربي وتداعياته بالمنطقة، أوضح الرئيس أن الفراغ الذي أفرزته ثورات الربيع العربي تم ملؤه من قبل بعض التيارات الدينية المعروفة بالإسلام السياسي، سعت إلي استغلال الفرصة للوصول إلي الحكم وتولي السلطة، دون اكتراث منها بأهمية الحفاظ علي الدولة الوطنية أو سقوطها، وبفهم خاطئ لحقيقة الواقع الذي تعيشه المنطقة وشعوبها ولمفهوم الدولة، كما شدد الرئيس علي أن الشعب المصري اختار بإرادته الواعية طريق الإصلاح لينأي بمصر عن خطر الانزلاق والانهيار. وقال السيسي إن عملية الاصلاح الاقتصادي، كان للشعب المصري الدور الأهم في تحمل نتائجها الصعبة بما لديه من وعي وإدراك لطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر، وهي العملية التي بدأت بالفعل في أن تؤتي ثمارا يشير إليها التحسن المستمر في المؤشرات الاقتصادية.