التجلي الأخير للوريث "سيف الإسلام القذافي" وسط العاصمة الليبية طرابلس.. أعاد لذاكرتي مشهدا طريفا علق بذهن ذاكرة السينما المصرية.. مشهد من فيلم " إسماعيل ياسين في الجيش" فيه يظهر الجندي اسماعيل وسط كتيبة عسكرية يردد فيها كل عسكري شغلته علي المدفع أمام "صول التعليم" وتركز الكاميرا علي وجهه وهو يردد سريعا وبلهوجة شغلته علي المدفع: (بلوولوم..!)..! فيحملق في وجهه "صول التعليم" رياض القصبجي بكل غيظ وحنق وفي ذهول مميت يراجعه: "شغلتك علي المدفع بلوولوم يا عسكري".. ثم يتفرس" صول التعليم"مرة ثانية في وجه الجندي إسماعيل كأنه يتأكد من شيء تذكره فجأة بعدما كان قد غاب عنه ويقترب أكثر منه في حزن ممزوج بتعجب قائلا: (هو.. هو بغباؤه.. وشكله العكر..!). فلا ندري ماذا أراد "سيف الإسلام" بتجليه الأخير وسط العاصمة.. وما الرسالة الخايبة وراء حديثه الموجه لجماهير العالم قائلا: (فليطمئن العالم علي ليبيا وأننا نسيطر علي طرابلس).. وكأنني اسمع نفس عبارات الجندي إسماعيل في فيلمه "بلوولوم.." عبارات بلا معني ولا مغزي.. هل العالم فعلا كان مؤرقا عليه وعلي عدم سيطرة آل القذافي علي ليبيا.. وما معني سيطرته علي طرابلس ثم اختفائه المريب ثانية..؟! يبدو أن لا أحد يتعلم من خطايا الآخرين وان كل ديكتاتور يصنع أخطاءه بنفسه ويردد دائما هو وأتباعه. بلادنا ليست كبلاد الآخرين.. لماذا لم يتعظ آل القذافي مما فعله الديكتاتور صدام حين تجلي وسط العاصمة العراقية بغداد ثم اختفي بعد ذلك وسقط حكمه الديكتاتوري إلي غير رجعة.. أليس هو نفس تجلي سيف الإسلام نجل العبقري الغرائبي ملك ملوك إفريقيا وجالب المرتزقة العقيد المخفي "معمر القذافي"! أظن نفس المشهد يتكرر مع زعماء الديكتاتورية العرب في تونس نفس الخطاب الملغز: (أنا فهمتكم فهمتكم).. واتضح انه لم يفهم شيئا فلو كان قد فهم لتخلي في خطابه عن السلطة طوعا وكرامة لكنه هرب واختفي.. ونفس خطب مبارك الثلاثة الاخيرة.. لا نفهم منها سوي عضه بالنواجذ علي مقاليد السلطة حتي اجبر علي التخلي عنها كرها لا كرامة.. وما زال يمارس نفس الغباء علي عبد الله صالح في اليمن.. والسفاح بشار الأسد في سوريا..! كل ما نشاهده كأنه فيلم سخيف يتكرر.. الديكتاتور يتمسك بالحكم.. يخطب في شعبه مرة تلو المرة ولأنه يكذب فلا يصدقه شعبه.. فيعاود الخطاب مرة أخري.. والمدهش انه يتكلم في كل خطبه عن إرادة شعبه.. ولا يشعر ولا يحس ان الشعب لا يريده.. ربما لا يكون كاذبا في شعوره لان طول مدة بقائه في سدة الحكم تدخل في روعه وتسرب في وعيه أحقيته في تملك بلاده وتوريثها لعقبه من بعده.. وان من لا يريد رؤيته حاكما فهو بالتأكيد خائن ومبرمج من الخارج ويعمل ضد مصالح البلاد..! ويتجلي دائما في خطب الديكتاتور نهمه للحكم والسيطرة واستنزاف موارد بلاده مهما بدا له ولغيره مدي تخلف وتعطل التنمية وكل أشكال الحكم الرشيدة.. بينما يؤكد في خطبه التي لا تحمل سوي شعارات وبعض الأكاذيب وعدم الصدق في تحويل بلاده نحو حكم ديمقراطي سليم.. وكيف يصدقه الشعب ورغبة الشعب الأولي هي تنحيته عن الحكم.. لكنه لا يصدق سوي ما يريده.. وهو البقاء في الحكم.. ويردد نفس العبارات ويظهر للشعب في تجل أخير متصورا انه سوف يغير القدر.. ونردد نحن حين نراه في تجليه نفس عبارات صول التعليم "هو.. هو بغباوته وشكله العكر..!"