شاءت الظروف ان اذهب إلي سيناء شمالها وجنوبها كثيرا .. تلك المنطقة الرائعة التي تجبرك هلي عشقها مهما كانت مشقة السفر والطريق . زرت العريش والشيخ زويد ورفح ووصلت عند الحدود الدولية .. الفقر شديد في شمال سيناء فلا تنمية ولا اهتمام ولا شئ علي الاطلاق .. من القنطرة شرق عندما تيمم وجهك شطر العريش لن تري الا طريقا اسفلتيا تسير عليه ولن تلمح عينيك كائنا كان اللهم الا كمين للشرطة قبل دخولك إلي بئر العبد .. لن تري سوي الرمال علي امتداد البصر .. وفي العريشالمدينة فقيرة للغاية الا من بعض الفنادق التي تستقبلك علي مدخل المدينة ثم شارع واحد يضم عدة حوانيت تبيع بضاعتها الأتية من القاهرة أو بضاعة جاءت من غزة وإسرائيل ! علي أول الطريق الدولي تلمح نقطة تفتيش تابعة للقوات الدولية "البريهات الزرقاء" بعد مبني المحافظة حيث دهست الدبابات الإسرائيلية في حرب يونيو 1967 خيرة شباب مصر وجنودها بعد احتلال العريش .. آسرتهم ثم أطلقت النار عليهم جماعة قبل ان تمر عليهم الدبابات والمجنزرات .. وفي الطريق للشيخ زويد يقف نصب تذكاري لطيارين إسرائيليين يطل علي الطريق ويخلد ذكراهم بعد سقوط طائرتهم في ذلك المكان وعلي الحجر الصخري العملاق نقشت أسمائهم ولا أدري لماذا لم يذهب مع الاحتلال الإسرائيلي بعد تحرير سيناء ووقف يخرج لنا لسانه ويذكرنا بهم وأغلب الظن كما عرفت انه منصوص عليه في اتفاقية كامب ديفيد .. أنا هنا لا أروي حكايتي مع سيناء لكنني أقدم دليلا علي الاهمال الشديد الذي عانت منه في عهد النظام السابق وكأنه كان يتعمد ان تظل سيناء هكذا بدون تنمية أو عمران ونحن اليوم نجني جزاء ما فعل . في سيناء تمشي علي الطريق بين المدن المختلفة عدة ساعات خلال ساعات النهار فلا تري أحدا وكأن سيناء بلا سكان .. من أوصلها الي هذا الوضع المزري .. من ساعد علي تفريغها من السكان ؟! لقد ظلت سيناء علي مدي الحقب الماضية لها حاكم عسكري والدخول اليها بجوازات السفر وكأنها بلد أجنبي .. ان لم نسارع بصدق واقتناع لتعميرها فسوف ندفع ثمنا فادحا في السنوات القادمة .. يجب ان نعمل هذه المرة بجد وحقيقة من أجل مصر فلا يجب ان نترك هذا الجزء الغالي من بلادنا لأهواء الجماعات المتطرفة لكي يعيثوا فيها فسادا .. يجب ان نسارع لتوظيف الشباب من أبناء سيناء في الجهاز الاداري للدولة والاعتماد عليهم وان ننزع من القاموس كلمات أبناء الوادي وأبناء سيناء .. كلنا أبناء مصر وكلنا تهمنا سيناء البوابة الشرقية لنا والتي عانت سنوات طويلة من الاهمال المتعمد .. الان سيناء تضع أقدامها علي الطريق الصحيح بتمليك أبناءها أرضها بعد أن كان ممنوعا عليهم .. الان سيناء للمصريين فقط وليست للاجانب .. سيناء للاستثمار الشريف وليست لجنسيات لا نعرف من وراءها ولا أهدافها .. اذا اخلصنا النية وحددنا الهعدف فسوف تعود سيناء الي حضن الوطن .. كفانا تخوينا لأبناء سيناء وكفانا ترديدا لشائعات زائفة وكفانا وقيعة بين أبناء الوطن الواحد . لانريد لسيناء ان تعود الينا بالاغاني فقط .. نريدها واقعا فليس من المعقول ان تظل سيناء مهملة لمدة 29 عاما بفعل فاعل.