كل ما يجري حولنا يؤكد مدي الجريمة التي ارتكبها النظام السابق في حق مصر وشعبها.. ليس فقط بالفساد الذي استشري ولا بالاستبداد الذي ترسخت جذوره، ولكن أيضا بفقدان مصر لدورها ومكانتها وقرارها المستقل، وترك أمن الوطن عرضة للمخاطر القادمة من كل اتجاه. وإذا كان ما نواجهه في سيناء هو التحدي الأبرز الذي يواجه أمننا القومي فإنه ليس التحدي الوحيد، لقد ورثنا سيناء تحت تهديد العدو الاسرائيلي وأيضا في ظل مخاطر الجماعات الإرهابية التي تستفيد من إهمال الدولة الذي طال، ومن أحكام معاهدة لم يعد ممكنا بأي شكل ان تستمر بلا تعديل يعزز قدرتنا علي حماية حدودنا وأمننا القومي. في نفس الوقت.. ترك لنا النظام السابق دورا مصريا غائبا كان من نتيجته ان سار السودان الشقيق في طريق التقسيم، كما كان من نتيجته ان وصلت الأمور في ليبيا الشقيقة إلي ما وصلت إليه في ظل حكم القذافي وابنائه حتي انطلقت ثورة الشعب الليبيي الشقيق بعد أيام من سقوط النظام البائد في مصر.. إن أحد أهم مخاطر الثورة المصرية كما يراها الاعداء، انها تعيد لمصر دورها الغائب الذي افتقدته الأمة العربية طويلا. وأحد أهداف العدوان الاسرائيلي »الذي شملته أمريكا برعايتها!!« وقبله تحريك الجماعات الارهابية في سيناء، هو استنزاف مصر الثورة وإرغامها علي العودة للانكفاء علي مشاكلها ومحاصرة الثورة المصرية وقطع الطريق بينها وبين باقي الثورات العربية.. وهو ما لن يكون أبدا!! جهدنا الأصيل بالطبع نحو تأمين ثورتنا في الداخل، ومواجهة التحديات في سيناء.. ولكننا لا يمكن ان نكون بعيدين عما يحدث في ليبيا حتي تبني نظامها الجديد، و حتي تقهر التحديات الكبيرة التي ستواجهها الثورة من قوي أجنبية تريد ان تفرض سيطرتها، ومن قوي داخلية تريد ان تخطف الثورة تحت رايات التطرف والارهاب!! المعركة حول ليبيا لن تنتهي بسقوط القذافي، ومصر الثورة لن تكون غائبة.. ليس فقط دفاعا عن حدودها، بل دفاعا عن مصير مشترك مع شعب ليبيا الشقيق وثورته المنتصرة. جلال عارف