في بعض المدارس الواقعة تحت السيطرة الإخوانية، اعتاد التلاميذ أن ينشدوا »جهادي.. جهادي» بدلاً من »بلادي.. بلادي»، ووضعوا في أيدي التلاميذ أعلاماً سوداء أو خضراء أو عليها سيفان.. والهدف من كل ذلك قتل فكرة الولاء للوطن في نفوس الصغار، وغرس مفهوم أنه مجرد »حفنة تراب» كما وصفه سيد قطب. الجماعة الإرهابية تعلم جيداً أن الولاء للوطن، مسمار في نعش خلافتهم المزعومة، وأنه كلما هتف المصريون باسم بلدهم، تبددت في الهواء أطماعهم العدوانية، وزعموا كذباً أن عشق الأوطان ضد الأديان، وأن أرض المسلمين لجميع المسلمين، وأن حاكم مصر ليس ضرورياً أن يكون مصرياً، بل مسلماً حتي لو كان من الهند أو باكستان أو ماليزيا، وكلما نجحوا في إذابة الولاء للوطن، اقتربوا خطوة من الحلم الزائف. تأتي أهمية مؤتمرات الشباب، في إيقاظ المفاهيم المنسية والمعاني التائهة في الزحام، وأهمها أن الوطن هو الولاء والانتماء والغاية الكبري، نفتديه بأرواحنا، ونسعد برفعته ونشقي بآلامه وأوجاعه، وننتفض كالأسود لنزيل عن كاهله شبح الهزائم والانكسارات، ونفرح أن سلمناه لأبنائنا المخلصين، مثل الأب الذي ينام قرير العين، إذا كان أبناؤه أوفياء. استعادة الولاء للوطن، ليست بالخطب والأغاني والشعارات والمثل يقول إن الشعوب تؤمن بالدليل أكثر من القسم، وأقصر الطرق إلي حب الأوطان، فكرة العدل »حكمت فعدلت فأمنت فنمت».. ورسم المؤتمر طرقاً مشروعة للوصول إلي العدالة الاجتماعية: أولاً: ضرب الفساد وإزاحة الفاسدين: وأهم ندوات المؤتمر السادس للشباب، العرض الرائع الذي قدمه رئيس الرقابة الإدارية الوزير محمد عرفان، وفريق من رجاله الأشداء، حراس المال العام، وملخصه أن مصر تنتقل من دولة بوليسية أو دولة معلوماتية، وتستخدم أحدث الوسائل التكنولوجية في العالم، فأصبحت البلاد مثل الخريطة واضحة المعالم والتفاصيل، فيسهل مراقبة أنشطتها والحفاظ علي مواردها، وكشف الفساد فور وقوعه، ووضع الأسس والضوابط للوقاية منه. الشباب - بالذات - يشعرون بالولاء للوطن، إذا أحسوا أن ذراع القانون الباطشة لا تفرق بين كبير وصغير أو شريف وضعيف، والرقابة الإدارية لا سلطان عليها إلا القانون، وليست هناك خطوط حمراء أو سوداء تحكم عملها، وأهم ما يميزها المعلومات الدقيقة والأساليب العلمية الحديثة في تتبع الجريمة وضبط الجناة. ثانياً: الولاء للوطن يبدأ من إحساس المواطن برعاية الدولة له وسهرها علي خدمته، وكان الرئيس واضحاً وصريحاً وهو يستعرض كيف كنا وأين أصبحنا، في مسيرة استرداد الدولة من أنياب الجماعة الإرهابية، التي كانت تسعي إلي طمس المعالم، وتستبدلها بأدبيات قادمة من عصور التخلف والظلام، وتغيير مصر التي يعرفها شعبها، بمصر أخري غريبة المعالم والهوية، واستكملت الدولة معركة استرداد الوطن، بإنجازات غير مسبوقة في تاريخها، ولكن قليل من الصبر حتي تنضج الثمار، ويدرك المصريون أنهم يعيشون في وطن محترم ودولة قوية. ثالثاً: يزداد الولاء للوطن عمقاً، إذا أمن الإنسان علي صحته، والصحة في مصر تحتاج ثورة حقيقية، في الأدوات والإمكانيات والنفوس والجشع والإهمال، وظل هذا الملف مهملاً عشرات السنين، ولم تظهر إرادة الدولة وعزيمتها في الاهتمام بصحة الإنسان المصري، إلا بعد الحرب الشاملة ضد فيروس سي، الذي أنهك صحة المصريين واستنزف مواردهم، والدولة التي قهرت فيروس الرعب، تستطيع أن تستكمل منظومة التأمين الصحي المحترمة التي تحدثت عنها وزيرة الصحة. المصريون لا يثورون إلا لكرامتهم، ومفهوم الكرامة هو العزة بالوطن والولاء له واحترام ثوابته، وأن يشعروا بأن دولة قوية تحتويهم وترعي مصالحهم. مؤتمرات الشباب جسر بين الدولة وشبابها، ووسائلها الحوار والإقناع وتبادل الرؤي والأفكار.. تحت رعاية الرئيس وكبار رجال الدولة، ومن أحسن تجهيز أبنائه، أمن علي مستقبلهم.