83 عاما مضت علي حرب العاشر من رمضان ... حرب العزة والانتصار الذي اعاد لكل المصريين ولشعوب العالم العربي كرامتهم وامجادهم ..ورغم مرور كل هذه السنوات وكل ماكتب وسرد من قصص حول بطولات الجنود المصريين علي ارض المعركة في سيناء ..الا انه لا تزال الكثير من القصص البطولية الكامنة في مستودع ذكريات ابطال هذه الحرب الذين مازالوا يعيشون بيننا ..وامس الاول اناب المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة اللواء مصطفي حنفي لتكريم 750 من اسر الشهداء والمصابين من الضباط والجنود المدنيين وتوزيع الهدايا المادية والعينية عليهم تقديرا لما قدموه من بطولات وتضحيات في سبيل الوطن خلال حرب العاشر من رمضان مبعث اعتزاز الشعب المصري وقواته المسلحة .."الاخبار" كانت هناك وسط هذه الاحتفالية الرمضانية الضخمة وتناولت طعام الافطار مع اسر الشهداء ومصابي العمليات الذين كرمتهم القوات المسلحة . في البداية يقول السيد عبدالله مأمون احد مصابي حرب اكتوبر 1973 ..كنت جنديا في سلاح المدرعات ويوم 6 اكتوبر73 اقتحمنا خط بارليف وبعد العبور توجهت مع فرقتي الي احد النقاط المنيعة علي احدي الممرات التي كان يحتلها الكيان الصهيوني وكان عدد اليهود في ذلك الممر كبير جدا ومسلحين باحدث الاسلحة ولديهم دبابات امريكية الصنع وكلفنا باقتحام الممر وبفضل من الله وبمجرد هجومنا عليهم اصاب اليهود الذعر وتفرقوا في كل اتجاه وحاصرناهم رغم قلة عددنا من كل اتجاه وقتلنا منهم اعداد كثيرة واستطعنا في ذلك اليوم ان نأسر 37 جندي اسرائيلي وخمسة دبابات واثناء صعودي فوق واحدة من الدبابات الخمسة لقيادتها الي الوحدة الخاصة بنا فوجئنا بهجوم جوي سريع علينا وخلال هذا الهجوم اصيبت بعدة شظايا تسببت احداها باصابتي بالعمي وكان ذلك يوم 13 رمضان وكان الجميع صائما وحملني زملائي فوق اكتافهم الي ان وصلت الي احدي المستشفيات وظللت اعالج اكثر من 4 شهور حتي استعدت بصري وفي كل عام تقوم القوات المسلحة بتكريمنا وقد التقي بأحد زملائي في الكتيبة فاشعر بسعادة لامثيل لها ونحن نتبادل الذكريات. و يضيف السيد عبدالله قائلا افخر بانني كنت يوما احد افراد القوات المسلحة واليوم بعد ثورة 25 يناير تضاعف فخري لان القوات المسلحة ظلت علي عهدنا بها حامية للشعب ومدافعة عنه ضد عدوان الظالمين ووقف الجيش بجوارنا في ثورة 25 يناير وبجوار عم السيد جلس العشرات من مصابي العمليات الحربية واسر الشهداء في حربي اكتوبر1973 ويونيو 1967 ..الجميع جاء من محافظات مختلفة ليحضروا تكريم القوات المسلحة وجلسوا في انتظار تناول طعام الافطار الذي سيليه حفل التكريم وكانت فرصة لنا لان نحصل علي اكبر قدر من القصص والاراء من خزينة ذكرياتهم.. و رغم مغادرة عنفوان الشباب لاجسادهم منذ سنوات الا ان جينات الشجاعة والاقدام مازالت تجري في دمائهم ودماء ابنائهم الذين حضروا معهم الاحتفال وبحديثي اليهم اكتشفت ان الكثير منهم ومن ابنائهم قد شارك في ثورة 25 يناير.. وفتحوا صدورهم امام نيران واعتداءات البلطجية ورجال النظام وقاوموهم ووقفوا بجوار الشباب حتي نجحت الثورة ..واعتبر نبيل سيد ابوعيد احد مصابي حرب اكتوبر ان ما فعله وقدمه شهداء ومصابي 25 يناير لمصر يكاد يكون من وجهة نظره افضل مما بذلوه هم من دماء وتضحيات لتحرير سيناء من ايدي الصهاينة المحتلين وبرر ذلك قائلا بانهم في ذلك الوقت كانوا يعرفون جيدا من هو عدوهم اما بعد حرب اكتوبر اصبح اعداء الوطن مثل الحرباء لديهم القدرة علي التلون بكل لون ويرتدون زي الطهارة والاخلاص لمصر ويتحدثون لغتها ويتمتعون من خيراتها ويرفعون شعارت الوطنية وكنا نصدقهم لانهم ببساطة كانوا مثلنا مصريين ولم نكن نعلم ان ما فعلوه في مصر كان اخطر واشد فتكا من احتلال اليهود لاراضينا لذلك نحن مصابوا اكتوبر نقدر جيدا ما فعله شهداء 25 يناير لمصر وللمصريين ويتابع نبيل قائلا اصبحت الان فخور وانا اروي قصص بطولات وتضحيات زملائي في ايام الحرب ولا امل من تكرارها امام احفادي ..اما محمود عرفان الشيمي وكان ضمن قوات الجيش الثالث التي نزلت إلي سيناءوفتح ثغرات في خط بارليف وسالته عن لحظة العبور وكيف عاشها فأجاب قائلا هذه اللحظة تحديدا أكاد اتذكرها كما لو انها حدثت منذ ساعات فقط جسمي كله يصاب بقشعريرة وانا استرجع ذكريات هذا اليوم مع زملائي ففي اللحظة التي تعالت فيها اصوات التكبير باسم الله شعرنا مسلمين ومسيحيين اننا جنود عمالقة محاطون بفرسان من الملائكة الجبارين تلاشت في هذه اللحظة أي خوف او حزن او تعب رأيناه في سنوات الاستعداد للحرب ويضيف عرفان قائلا نفس روعة هذه اللحظة شعرت بها عندما خرجت في الشارع مع احفادي لنحتفل بتنحي مبارك عن الحكم ..صحيح ان مبارك حارب معنا لكنه تبدل وتغير عندما وصل الي السلطة وتحول الي فرعون لا انكر انني في البداية كنت ضد محاكمة مبارك لكن بعد الكشف عن هذا الفساد والنهب لم اعد متعاطفا معه ابدا وتمنيت ان يموت ليستريح ونستريح .. وهنا تركتهم يتحدثون وذهبت لاجلس مع احدي زوجات شهدائنا الابراء في حرب اكتوبرالذين تركوا من ورائهم زوجات في سن الشباب وأبناء في عمر الزهور. من بينهم نجية عبدالله حمزة زوجة الشهيد حجاج عبدالهادي حجاج وكان متطوعا خدم في سلاح المركبات، تقول : استشهد زوجي وعمري 19عاما، لم أفكر في الزواج من بعده وقررت أن أتفرغ لتربية ابنتي التي تركها لي وعمرها 7 أشهر والآن تخرجت في كلية العلوم قسم الكيمياء وتزوجت ولديها 3 بنات. بعداستشهاد زوجي برجولة دفاعاً عن أرضه ووطنه ليكون فخراً لابنته من بعده قررت ألا أكون أقل منه تضحية فقد ضحي بحياته فلماذا لا أضحي وأصبر من أجل ابنتي وتخليد ذكراه في قلبي وحياتي؟ وهنا ارتفع في السماء صوت المؤذن رافعا بصوته اذان المغرب وتأهب الجميع لتناول طعام الافطار الذي شاركهم فيه اللواء مصطفي حنفي هويدي وقام بعض الحاضرين من المصابين القدامي بالهتاف بصوت مرتفع الله اكبر.. الله اكبر لتعيد للجميع ذكريات العبوروقشعريرة الانتصار.