شعرت بالتفاؤل من مستقبل الاعلام المصري المرئي والمسموع وانا اشاهد الحوار الذي دار بين الاعلامي المتألق خيري رمضان وبين الكاتب والصحفي ورئيس التحرير الذي صار وزيرا للاعلام اسامة هيكل في برنامج »هنا العاصمة« فقد كشف الوزير الذي لم يمض عليه في منصبه سوي شهر واحد انه لم يضيع دقيقة من وقته.. وانه حدد رؤيته وقام بدراسة مشاكل عويصة ورثها عن العهود السابقة من بينها مشاكل اكثر من 34 الف موظف.. وديون تصل إلي المليارات.. وعدم عدالة في توزيع المرتبات والدخول.. والاهم انحدار مستوي التليفزيون المصري بعد ان كان هو الرائد والوحيد في المنطقة.. وقد ظهرت قدرة الوزير علي ان يعيد للتليفزيون المصري مكانته عندما قرر ان تكون قناة النيل الاخبارية هي الوحيدة التي تنقل علي الهواء مباشرة محاكمة الرئيس السابق واعوانه.. وان تنقل عنها القنوات الخاصة والاجنبية هذه المحاكمات مجانا.. فالقضية لم تكن من وجهة نظره ادخال إلي خزينة التليفزيون الخاوية الملايين.. ولكن ان تنقل القنوات ومنها قنوات يشاهدها مئات الملايين مثل ال CNN واليورو نيوز.. وال B.B.C وغيرها صور المحاكمة وعليها »اللوجو« أو العلامة الخاصة بقناة النيل الاخبارية. لقد طمأنني فكر الوزير ورؤيته إلي ان المستقبل سوف يكون لكوادر التليفزيون والاذاعة الذين سوف يتحولون إلي نجوم.. مثلما كان الحال عندما استطاع التليفزيون في بداية عهده ان يقدم نجوما لامعة مثل ليلي رستم التي استطاعت في برنامج واحد ان تجمع بين الدكتور طه حسين وكل رموز الثقافة في الستينيات امثال نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوي وثروت اباظة ويوسف السباعي وانيس منصور وغيرهم. ولاشك ان من واجب الادارة والاعلامية الحكيمة ان تساعد علي خلق نجوم من المقدمين والمعدين والمخرجين ومهندسي الديكور والصوت من داخل المبني.. لا ان تعتمد علي الصحفيين والممثلين والمخرجين الذين صنعوا نجاحهم واسماءهم من خارج المبني. ان كل من استمع إلي وزير الاعلام في حواره الذي استمر اكثر من ساعة لابد ان يشعر بالتفاؤل بوجود عقلية اعلامية مستنيرة علي رأس اخطر جهاز اعلامي مرئي ومسموع في مصر اصبح يتنافس مع العديد من القنوات الخاصة والعربية والاجنبية ويحاول ان يعود إلي ما كنا نتفاخر به في بداياته.. عندما كان رائدا في المنطقة. الحيرة بين مسلسلات رمضان! لا احد يستطيع مقاومة جاذبية مسلسلات رمضان.. ومع انني لا اكاد اشاهد اي مسلسل طوال العام إلا انني في رمضان بالذات اتابع المسلسلات واحدة بعد الاخري حتي استقر علي ثلاثة أو اربعة مسلسلات علي الاكثر .. ولكن الاختيار يقتضي مني في الاسبوع الاول من الشهر ان اشاهد كل ما يعرض تقريبا.. فأظل اقلب بين القنوات.. واقوم بحذف ما اتوقع انه لا يثير اهتمامي.. ثم ابدأ في التركيز علي مسلسلاتي المختارة.. فمثلا ما الذي يعنيني من سمارة التي لعبت دورها منذ سنوات بعيدة في الاذاعة الممثلة والراقصة العظيمة تحية كاريوكا.. صحيح انني احب تمثيل ورقص لوسي التي تفوقت حتي في الجمال علي غادة عبدالرازق ولكنني اعرف الموضوع وحكاية الراقصة التي تقع في حب ابن الذوات قديمة.. ايضا ما الذي يعنيني من حكاية الشحرورة.. وانا بحكم عملي اعرف صباح شخصيا واحبها لانها انسانة طيبة القلب جدا.. لكنني لا يمكن ان اضيع وقتي في متابعة قصص زواجها وطلاقها.. ايضا »كيد النسا« فمع انني اجد ان فيفي عبده لها حضور غير عادي رغم التغيرات التي طرأت علي جسدها ووجهها إلا انني لن استفيد شيئا من مشاهدة وصلات الردح بينها وبين غريمتها سمية الخشاب.. وأصل إلي »الريان«.. فأجد ان خالد صالح ممثل رائع وعتويل.. وكان يمكن ان اتابع المسلسل لولا انني قرأت لابني العزيز حازم الحديدي المؤلف ان الاحداث وبعض الشخصيات من تأليفه وليس لها علاقة بالريان الحقيقي.. طيب يا عزيزي حازم.. ما الذي يدفعني لمشاهدة احداث غير حقيقية مع انني كنت مشتاقة جدا لان اعرف الكيفية التي استطاع بها الريان ان يستولي علي عقول الناس وملايينهم.. جائز جدا انك كتبت هذه العبارة لانك تخشي ان يرفع عليك الريان الحقيقي قضية امام المحاكم.. ولكن صدقني ان العبارة »صدت نفسي« وجعلتني اتابع المسلسل من اجل خاطرك وحدك.. نفس الشيء تقريبا بالنسبة »لعابد كرمان« فانا من اشد المعجبين بكاتب السيناريو بشير الديك والمخرج نادر جلال.. ولكن قرأت ان القصة ليست حقيقية وانها من تأليف العزيز بشير الديك.. وهناك مسلسلات اخري لم تشدني لمجرد وهذا ظلم ان اسماءها لم تعجبني.. واخيرا استقر رأيي علي ثلاثة مسلسلات اتابعها باهتمام شديد.. المسلسل الاول هو »رجل من هذا الزمان« للكاتب محمد السيد عيد والمخرجة انعام محمد علي اللذين يقدمان تاريخ رجل من اعظم رجالات مصر. الدكتور علي مشرفة.. ياسلام.. شيء جميل ان يتابع الانسان حياة عظيم مثل حياة عالمنا الكبير.. والمسلسل الثاني هو »الشوارع الخلفية« قصة الكاتب الراحل الكبير عبدالرحمن الشرقاوي وسيناريو مدحت العدل واخراج جمال عبدالحميد.. وبطلة هذا المسلسل »ليلي علوي« تستحق الاوسكار عن دورها فيه.. وجمال سليمان الذي يلعب البطولة امامها يؤدي دوره بحرفية عالية.. وهذا المسلسل يحدثنا عن مصر في الثلاثينيات.. ونضال الشعب ضد الانجليز.. ثم يعرض لنا مشاعر شديدة الجمال بين امرأة ورجل في سن النضوج.. والمسلسل الثالث هو »دوران شبرا« الذي يقدم هذا الحي الذي تعيش فيه عفاف شعيب المسلمة المحجبة واسرتها في نفس الطابق مع جارتها المسيحية واسرتها وكأنهما اسرة واحدة.. ان الفكرة نفسها وعلاقات الاخوة والحب بين المسلمين والاقباط هي التي شدتني للمسلسل. وكل واحد من هذه المسلسلات الثلاثة اتابعه وسط العديد من برامج »التوك شو« التي لا يستطيع الانسان ان يتجاهلها في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر التي جاءت في رمضان.. واستطاع بعضها ان يشد الناس بعيدا عن المسلسلات الدرامية.. خاصة ذلك المسلسل الواقعي الذي تبدو احداثه اقرب إلي الخيال.. مسلسل محاكمة الرئيس السابق واعوانه. المرأة ممنوعة من منصب المحافظ! ظهرت حركة المحافظين وليس فيها امرأة واحدة! وهأنذا اعود لاقول للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الذي تم اختياره عن طريق شباب وشابات الثورة.. ومن جموع الشعب رجالا ونساء في ميدان التحرير »ما كانش العشم يا دكتور شرف«.. وكانت الاشاعات قد رشحت اكثر من سيدة ممتازة لتكون اول محافظة في مصر.. ولكن الاشاعات قتلت بظهور الحركة.. مع ان تعيين ولو امرأة واحدة في منصب المحافظ كان سوف يعطي اشارة مطمئنة للمرأة المصرية بانها غير مستبعدة من مواقع الحكم واتخاذ القرار بعد ثورة 52 يناير التي شاركت فيها المرأة المصرية حتي بالاستشهاد. وكانت المفاجأة المؤسفة هي ما اعلنه السيد وزير التنمية الادارية المستشار عطية من ان السبب في عدم اختيار المرأة في هذه الحركة هو الإشفاق عليها!! وهو عذر اقبح من ذنب يا سيادة الوزير.. فمن الذي اعطاك الحق في ان تشفق علي المرأة ويكون من نتيجة هذا الاشفاق ان تحرمها من منصب تستحقه.. ووصلت من قبله إلي مناصب اعلي منه مثل سفيرة ووزيرة؟ ثم ان هذه الحجة المزعجة هي نفس الحجة التي ترددها النظم الاستعمارية عندما تتحدث عن الشعوب التي تستعمرها.. وهي نفس الحجة المستهجنة التي رددها رئيس الوزراء الاسبق احمد نظيف وهو يتحدث عن الشعب المصري وعدم استعداده للحكم الديمقراطي. ان المرأة المصرية تخشي ان يكون استبعادها عن المشاركة في الوزارة بعدد مناسب من الوزيرات.. ثم اقصاؤها عن الحكم المحلي.. ومن قبل عدم تواجدها في اللجنة التي عدلت بعض مواد الدستور.. وايضا في المسارعة بالغاء كوتة المرأة في قانون الانتخابات هو اتجاه لتحجيم دورها في الحياة العامة تحت تأثير بعض التيارات الظلامية التي اطلت برؤوسها مثل الخفافيش التي تريد ان تعود بالمرأة بل بالوطن إلي زمن التخلف والجاهلية. ولعل دعوة بعض المنظمات النسائية الاهلية هذه الايام إلي انشاء اتحاد نسائي مصري تشارك فيه اكبر عدد من نساء مصر للدفاع عن حقوق نصف الامة هو واجب علي كل امرأة مصرية ان تشارك فيه سواء كانت عاملة أو ربة بيت.. سواء كانت فلاحة أو عاملة أو وزيرة.. لان المرأة المصرية في حاجة إلي من يقف ويدافع عن حقوقها التي يتصور لبعض ظلما انها تحققت في ظل العهد البائد وعلي يد سوزان مبارك.. وهو امر لم يحدث علي الاطلاق.. وانما هي دعاوي بعض الرجال الذين يريدون قهر المرأة المصرية بأكثر مما هي مقهورة.. سواء علي مستوي الثقافة المجتمعية أو علي مستوي القوانين. انها فرصة للمرأة المصرية ليكون لها اتحاد نسائي قوي يتحدث باسمها ويدافع عن حقوقها.. ويقف في مواجهة التيار المتخلف. مطلوب زعيمة نسائية! في مصر لا توجد زعامة نسائية فالوحيدة التي كان مسموحا لها بالزعامة والقيادة والرئاسة لمدة ثلاثين عاما هي السيدة سوزان ثابت المعروفة بسوزان مبارك.. فكان يطلق عليها »الست الرئيسة« أو »السيدة الاولي« أو »الهانم«.. مع ان كلمة الهانم »الخاتم« تركية وتوحي بامرأة كسولة خاملة تقضي يومها علي الشلتة في الحرملك.. ولا افهم من الذي ادخل في عقل السيدة سوزان بأن وصف »الهانم« هو الوصف المناسب لزوجة رئيس جمهورية.. المهم ان الهانم لم تكن تسمح لاي امرأة ايا كانت حتي زوجتي ابنيها ومهما كان مستواها الثقافي أو العلمي أو حتي الدولي ان يرتفع رأسها ليقترب من رأسها.. فكل الرؤوس يجب ان تبدو منخفضة امامها. فهي قرينة الرئيس.. والسيدة الاولي.. ورئيس المجلس القومي للمرأة.. ورئيسة المجلس القومي للامومة والطفولة.. ورئيسة حركة سوزان مبارك للسلام.. وامين مكتبة الاسكندرية.. والحاصلة علي الدكتوراهات الفخرية من جامعة القاهرة والجامعة الامريكية وجامعات اخري اجنبية.. وهي اشيك امرأة في مصر.. فهي لا ترتدي إلا الفساتين »السينيه« والفستان لا ترتديه إلا مرة واحدة لا غير.. ومع كل فستان أو تايور طاقم مجوهرات مناسب في اللون لؤلؤ أو زمرد أو ياقوت حتي انني كنت اعجب واتساءل.. ألا تشعر هذه السيدة بالحرج أو بالخجل وهي تعرف ان 04٪ من ابناء الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر.. اي ان نصف الشعب تقريبا جائع وعريان ويسكن العشوائيات والمقابر والبيوت الصفيح.. وان هناك في شوارع مصر مليوني طفل وطفلة علي الاقل ينامون تحت الكباري وفي الانفاق والاماكن المهجورة حيث يكون علي طفلة في الرابعة من عمرها طردتها زوجة ابيها بعد موت والدها إلي الشارع ان تدبر لنفسها كل يوم بضع لقيمات تسد بها جوعها ولو من صناديق القمامة.. وان تجد قطعة قماش تستر بها عريها.. وان تعاني وقبل ان تبلغ العاشرة من الاغتصاب الجماعي كل ليلة بواسطة زملائها اولاد الشوارع.. وعندما تحمل وتلد في الشارع لا تجد امامها ما تفعله بالمولود المسكين سوي ان تلقي به في صندوق القمامة لتنهش لحمه الكلاب الضالة أو الفئران.. وفي احسن الاحوال تتركه امام باب احد المساجد أو الملاجيء ليعاني من المعاملة السيئة والانتهاك الجسدي وهذا السيناريو وابشع منه روته لي بعض بنات الشوارع ونشرت لهن مآسيهن مرات ولم يكن لهذا النشر اي رد فعل.. وقد تفجرت مأساة اطفال الشوارع مع قضية التوربيني الذي كان هو نفسه من اولاد الشوارع وكان يغتصب الاولاد والبنات ويلقي بهم من فوق اسطح القطارات أو يشعل فيهم النار. وقد تصورت ايامها ان المجلس القومي للطفولة والامومة والمجلس القومي للمرأة اللذين ترأسهما »الهانم« سوف يسارعان بايجاد حلول لهؤلاء المشردين الذين طالما كتبنا ان كل واحد منهم يعتبر قنبلة موقوتة.. وبالفعل فقد تحققت المخاوف من تواجدهم في الشارع وانفجرت هذه القنابل في صورة البلطجية الذين كبروا وصارا شبابا ورجالا.. فكيف يمكن ان تعلن بعض الاجهزة الرسمية في مصر ان عدد البلطجية الذين تضمهم شوارع مصر يبلغ الخمسين الف بطلجي؟ من اين اتي كل هؤلاء ان لم يكن معظمهم من ابناء الشوارع؟ ورغم ما أثارته قضية التوربيني من مخاوف لدي الناس إلا ان شيئا لم يحدث سوي الحكم باعدام التوربيني وكأن اعدامه قد انهي المشكلة.. وكانت الدكتورة نبيلة الشوربجي استاذ علم النفس في احدي جامعات الاقاليم قد قدمت لي دراسة فاعلة لحل مشكلة اطفال الشوارع وذلك عن طريق بناء مدينة متكاملة لهؤلاء المواطنين الصغار المطرودين من رحمة الدولة وطبعا لم يكن هناك اي رد فعل لنشر هذه الدراسة.. لان هذا المجلس القومي للمرأة الذي يتصور البعض انه كان في خدمة المرأة المصرية وابنائها .. كان مجرد ديكور لمؤسسة الهدف من ورائها ان يكون للهانم وضع رسمي في الدولة.. وان تسافر وتحضر المؤتمرات وتقيمها باعتبارها رئيسة لهذا المجلس الذي كان يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة والذي كانت تخصص له ميزانية ضخمة من الرئاسة.. وكانت اهم ايجابياته هي استخراج بطاقات انتخابية لاكبر عدد من النساء خاصة في الريف من اجل الحصول علي اصواتهن في انتخابات مجلسي الشعب والشوري.. وكانت ومازالت مرتبات الاداريين في هذا المجلس تعد من اعلي المرتبات في الدولة. والغريب ان هذا المجلس الذي انشيء في عام 0002 اي منذ احد عشر عاما.. والذي بلغت ميزانياته مبالغ طائلة لم يقترب منه حتي الان جهاز الكسب غير المشروع.. مع ان المبالغ التي انفقها كان يمكن ان تقام بها مثلا مدينة لاطفال الشوارع لانقاذ جيل كامل من المشردين الذين اصبحوا عبئا علي الدولة.. أو ان ينفق علي مشروعات صغيرة للنساء المعيلات الفقيرات أو اي مشاريع اخري نافعة. ان المجلس القومي للمرأة.. وايضا المجلس القومي للطفولة والامومة هما مجلسان يستحقان الالتفات اليهما من حكومة الدكتور شرف.. واعادة هيكلتهما.. وايجاد لكل منهما رئيس أو امين عام لها تاريخ في الكفاح من اجل قضايا المرأة خاصة المهمشة لا ان يكون في خدمة الهوانم ونساء الطبقة الحاكمة. انني اعلق امالا كبيرة علي انشاء الاتحاد النسائي المصري الذي يمكن ان يفرز زعيمات من شابات ثورة يناير.. فهذا الجيل الثوري المكافح من الشابات هو الذي يمكن ان يغير من ثقافة المجتمع الذي مازال لا يؤمن بان حقوق المرأة مساوية لحقوق الرجل.