إلي أين نحن من هنا.. من ميدان التحرير؟ وإلي أين يصل الانقسام بين الحركات السياسية والائتلافات الشبابية وبين التيارات الدينية علي خلفية الشعارات الاسلامية التي رفعها الاخوان والسلفيون؟ والي اين يمضي الطريق للخروج الآمن للوطن من النفق ومن الفوضي السياسية؟. الحال صار لايسر احدا ولا يوحي بالتفاؤل والاطمئنان ولايدفع الي التوافق المطلوب بين الحركات السياسية في هذه المرحلة الانتقالية، بل ان الصورة تكاد تختلف تماما عن الصورة المتماسكة في ميدان التحرير في 52 يناير وما بعده من ايام الثورة والتي اذهلت العالم.. ولكن سرعان ما تشرذمت الائتلافات وتوزعت الي اكثر من مائة وخمسين حركة وبدلا من توحيد الصفوف والتنظيم لمرحلة الانتخابات البرلمانية والانتخابات الرئاسية والاستعداد لخوضها بالمرشحين الذين يمثلون هذه الحركات والائتلافات، اختلطت الاوراق وتاهت الخطي والمباديء المطروحة للمنافسة.. وبينما كان المأمول ان يؤدي نجاح الثورة وتلاحمها الي مزيد من الزخم لكي تكمل مسيرتها.. وصار الامل معقودا علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد ويحافظ علي تماسك الدولة والشرعية!. وقد حددت القوات المسلحة مسئوليتها منذ البداية بعدما ساندت الثورة وقامت بحمايتها، فإنها لم تكن تطمح في الحكم ولم تكن ترغب في الاستيلاء علي السلطة ولم تكن تضع في حسابها ان تكلف بهذه المهمة.. وربما يكون هناك عدم فهم في متابعة الموقف بشكل اوضح واشمل، ولذلك كان المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلي واضحا وصريحا حينما حدد حقائق اساسية: 1 ان القوات المسلحة مصرة علي تسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة من الشعب في انتخابات حرة نزيهة. 2 ان القوات المسلحة تعمل مع الشعب المصري كتفا بكتف ولا غني عن ذلك والثوار ابناؤنا واخواننا. 3 ان هدف القوات المسلحة في المرحلة الحالية الانتقال الي مصر اكثر قوة وديمقراطية وتحقيق الاستقرار واستعادة الامن والامان. 4 ان الشعب مقتنع بالقوات المسلحة مائة في المائة ولذلك فان المرحلة تضطرنا الي ان نتحمل. 5 نحن القوات المسلحة في مهمة خاصة سنعود بعدها الي ثكناتنا وحماية مصر ضد اي اعتداء!. 6 اننا القوات المسلحة عازمون علي السير في اتجاه واحد وسنتعامل مع الامور بالعقل والمنطق. واتوقف امام ما قاله المشير طنطاوي لضباط الجيش الثالث: ان القوات المسلحة عندما تسلمت امور البلاد وضعت لنفسها اهدافا محددة وتوقيتات للانتهاء من مهمتها التي جاءت علي غير رغبة منها من اجل مصر.. وان الشعب المصري يقف الي جانب القوات المسلحة التي حمت الثورة وجعلت كل الثوار يقفون في اماكنهم آمنين مطمئنين، فهي ثورة الشعب ونحن من الشعب.. وان القوات المسلحة هي القادرة علي حماية الشعب ومصالحه!. ولعل في ذلك ابلغ رد علي حملات التشكيك التي يروجها بعض المغرضين تنفيذا لاجندات اجنبية وتحاول النيل من المجلس الاعلي والوقيعة بين الجيش والشعب.. فانه لايوجد من يؤتمن علي الثورة في الفترة الانتقالية غير الجيش فهو القادر علي حمايتها، باعتبار انه شريك مع الشعب في الثورة ويحرص علي تحقيق اهدافها!. اجد نفسي منحازا الي القوات المسلحة دائما لانني اثق في وطنيتها وشرفها العسكري ولايمكن المزايدة علي ولائها.. فان العسكرية المصرية تعرف واجبها وتدرك مسئولياتها، ولاتتواني عن القيام بها في ادق الظروف واصعبها، وهذه هي عقيدتها التي تؤمن بها من اجل الوطن.. وقد خاضت ثلاث حروب منذ قامت ثورة 32 يوليو ضد العدوان الخارجي وقدمت الاف الشهداء الذين ضحوا بحياتهم للدفاع عن مصر وارضها ويكفي بطولات حرب اكتوبر!. لا اتصور ان يحدث خلاف بين المجلس العسكري وبين الثوار مثل حركة 6 ابريل لان القوات المسلحة هي الضمان لسلامة الوطن في المرحلة الانتقالية التي يمر بها، ولذا فلا يجوز ان تندفع عناصر جامحة من الشباب بالانتقاص من هيبة العسكرية المصرية ومكانتها والتعدي بالهتافات المعادية في ميدان التحرير، رغم ان المشير طنطاوي قال عنهم: »انهم نبت طاهر في ارض مصر«.. ولذلك من الضروري فتح قنوات الفهم المتبادل بين الجانبين ولابد ان يعي الشباب طبيعة الموقف بشكل أوضح واشمل حتي لايكون هناك التباس في بعض الامور مثل التباطؤ وغيره، لان طبيعة قرارات القوات المسلحة تقوم علي التخطيط المدروس وليس الاندفاع الي المجهول. ويتبادر السؤال: لماذا الجيش مستهدف؟ لانه المؤسسة الوحيدة التي مازالت متماسكة بعد سقوط النظام.. ولان أعداء مصر يريدون اسقاط الدولة من وراء المخططات التخريبية كما حدث بمحاولة الاستفزاز في العباسية.. وما يحسب للجيش هو ضبط النفس في مواجهة تلك المحاولات.. فإنه الضمان الوحيد للوطن وأمنه!.