لعل أشد ما يشعر به الآن الرئيس السابق حسني مبارك هو الندم.. الندم علي عدم الاكتفاء بمدتين اثنتين في الحكم مثلما كان ينص الدستور المصري قبل اختراع الكلمة التي تسمح للرئيس بالحكم مدي الحياة وهي كلمة »مدد رئاسية«.. الندم علي استمراره في الحكم ثلاثين عاما وكان لايزال يطلب المزيد. الندم علي شعور ظل مسيطرا عليه عشرات السنين بأن مصر سوف تموت من غيره و أن المصريين لن يعرفوا طعم العيشة بدون مبارك.. الندم علي فكرة توريث الحكم لابنه وكأن مصر بلد أبوه ورثها أبا عن جد ولديه الحرية كاملة ليفعل بها ما يشاء.. الندم علي شراء رضا ماما أمريكا و طنط اسرائيل مقابل موافقتهما ومباركتهما تسلم جمال الابن للحكم تحت مظلة انتخابات يعلم العالم أجمع أنها صورية و مزورة مثل أي انتخابات جرت في مصر منذ عام اثنين و خمسين .. لعله يحدث نفسه الآن: كل ده كان ليه.. كان فيها إيه لو كنت حكمت مدة واحدة أو مدتين أو حتي ثلاث مدد.. ما كانش لازم أتمسك بالحكم ثلاثين سنة.. يا ريتني حتي ما كنت حكمت أصلا.. استفدت ايه من الطمع.. استفدت ايه من الملايين و المليارات.. هل ستعفيك من المحاكمة.. هل ستعفيك من العقوبة التي تنتظرك.. عرفت الآن أن سلطانك قد هلك عنك للأبد و لن ينفعك بعد الآن المنافقون الذين أحطت نفسك بهم طوال ثلاثين سنة.. عرفت الآن أن وعد الله حق و أن عين الله ساهرة و أن الله اذا أمهل العبد العاصي فانه لن يهمله و سوف يجازيه حتما بالعدل والقسطاس.. عموما يا أيها العبد العاصي ليس لك الآن غير الامتثال لأمر الله.. وانتظر عدل الله فيك واستقبله بالرضا عسي أن يكون تقبلك لحكم الله فيك شفاعة لك عند الله يوم القيامة .. يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم . رمضان جديد أول رمضان يهل علينا في مصر بعد زوال العهد البائد.. عهد من تصور نفسه حامي الحمي وصاحب العزبة والوحيد الذي يملك حق تقرير مصير الشعب المصري »شعبي وأنا حر فيه« هو كان شعبك صحيح يا كابتن.. أم كان شعبا حرا لا يقبل الاستعباد أو التوريث.. المهم أن رمضان هذا العام سيكون له طعم مختلف حتما و مزود برحيق الحرية.. لذلك علينا أن نمتن لله شكرا علي هذه المعجزة الغالية التي حققها لنا بحوله وقوته.. علينا أن نقابل الاحسان باحسان أجمل منه وخاصة فيما بيننا نحن المصريين. علينا أن نحب بعضنا البعض وأهم من ذلك أن نحب مصر الحب الذي تستحقه.. فعلا وليس بالكلام فقط.. علينا أن نجعلها أقوي وأكبر وأغني فنحن لا تعوزنا المهارة أو الخبرة أو الارادة.. وليس لنا اي حجة في الكسل أو التقاعد عن العمل فالذين كانوا يسرقوننا وينهبوننا وكرهونا في عيشتنا خلاص غاروا في ستين داهية.. والحياة أصبحت جميلة حقا.. ولعل هناك من يقول كيف أصبحت جميلة ونحن نعاني من البلطجة.. وأرد قائلة إن هذه البلطجة هي ثمن زهيد جدا للحرية التي ننعم بها الآن.