تكرار الحدث في غير سياقه، في غير موضعه، بدون منطقية حدوثه، يدخل أحيانا في باب العبث، ويفتح كل الاحتمالات علي المجهول، اليوم استعيد جلال المليونيات التي كانت ابداعا خلاقا خلال حقبة الثورة، الثورة التي شارك فيها الشعب المصري كله، ثورة يناير ابداع مصري صرف بكل ما صاحبها ورافقها، لم تكن ثورة شباب فقط، انما شعب كامل انتفض وفقا لمقومات تاريخية وحضارية خاصة بدأ بتكوينه، وهذا الشعب يتواري الآن بجميع مكوناته وعناصره في اطار الفوضي التي تسود الساحة المصرية بفضل ظهور قوي كانت متوارية، والتدخلات المريبة، والشخصيات الانتهازية، من بين عناصر الابداع الثوري في يناير مليونيات أيام الجمع والتي انتهت بجمعة الرحيل، كانت المليونية لا يقتصر معناها علي الميدان فقط، انما تمتد الي كل شبر في أرض مصر، كانت روح مصر تنتفض في لحظة نادرة مازلنا في حاجة الي تفحص اسبابها، واطوارها، وادراك عبقريتها. المليونية ابداع مصري صرف، عظمته في رمزيته، في ظهوره عند حلول الظرف الموائم وليس افتعاله. حتي كتابة هذه السطور قبل سويعات قليلة من احتشاد المليونية التي سنشهدها اليوم لا نعرف بالضبط اهدافها، أو الاسباب المحركة لها. واذا كان الاسم عنوان الوجود، فاننا حائرون امام اسم مليونية اليوم، ومنصات اليوم، وخطباء اليوم، والهدف الحقيقي من احتشاد اليوم، هل هو إظهار قوة الاخوان والسلفيين وقدرتهم علي الحشد؟ هل هي مواجهة بين القوي التي تعمل تحت شعار الدين لجعلها مليونية بارزة في اتجاه الدولة الدينية؟ هل هي لمواجهة جماعات الشباب التي بدأ بعضها يظهر التطرف في الفعل والمطالب؟ هل هي مليونية اعلان المطالب؟، هل هي مليونية مواجهة المجلس العسكري بما قد يؤدي الي الاجهاز علي ما تبقي من الدولة المصرية؟ لماذا الحشد في وقت عصيب وكل ما اعلن من اهداف كان يمكن اعلانه وتسليمه الي من بيده الأمور، بدون مليونية غامضة الاهداف، وتعدد الاسماء يعكس ذلك، انها مليونية في غير أوانها. جمال الغيطاني