هدف واحد ورجلان ينتظران علي متن دراجة نارية ثم يطلقان النار من مسافة صفر علي الضحية ويفران من مسرح الجريمة دون ترك أي أثر.. الشخصية المستهدفة وطريقة التنفيذ توجه بوصلة الاتهامات نحو مشتبه واحد فقط.. جهاز المخابرات الإسرائيلي »الموساد» الذي نسبت إليه في السنوات الأخيرة عمليات اغتيال مشابهة ضد علماء عرب وفلسطينيين. تلك كانت تفاصيل عملية اغتيال العالم الفلسطيني في مجال الطاقة والقيادي بحركة حماس »فادي البطش» بالعاصمة الماليزية كوالالمبور. والبطش هو خبير في الهندسة الإلكترونية والكهربائية وساعد حماس التي يلتزم بأيديولوجيتها في مشروعات تطوير الطائرات بدون طيار والتحكم بها عن بعد وتحسين دقة الصواريخ. وتوالت الاتهامات الفلسطينية تجاه إسرائيل كونها المستفيد الأول من قتل البطش خاصة بعد إعلان ماليزيا أن اغتياله ربما تورطت فيه جهات أجنبية. نفت إسرائيل ضلوعها في مقتل المحاضر الفلسطيني، وقالت إنه قُتل في إطار نزاع داخلي مع ان عملية الاغتيال تتشابه حسبما يري محللون عسكريون إسرائيليون مع عمليات سابقة تميز تحديدا الموساد في استهداف العلماء والنشطاء العرب. فإسرائيل تتابع بشكل خاص سعي حماس لتطوير وامتلاك أسلحة أكثر فاعلية ترجح ميزان قوة الردع لصالحها، وتحاول منع ذلك بأي وسيلة عبر ذراعها الطويلة »الموساد». الخبير العسكري بجريدة »إسرائيل هيوم» (يوآڤ ليمور) قال إنه إذا كان الموساد هو المسئول فعلا عن مقتل البطش فمن المحتمل أنه وضع تحت مراقبة منذ فترة من قبل الموساد وجهاز الأمن الإسرائيلي »الشاباك» في غزة والاستخبارات العسكرية. وأشار إلي أنه تم اغتيال »فتحي الشقاقي» مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في جزيرة مالطا عام 1995 وكذلك اغتيال علماء النووي الإيرانيين بطهران العقد الماضي، بالطريقة نفسها التي اغتيل بها البطش. وذهب »روبن برجمان» الباحث والمحلل العسكري في صحيفة »يديعوت أحرونوت» في تفسيره لعملية الاغتيال علي تويتر إلي أنها »تعيد للأذهان عملية اغتيال الطيار التونسي (محمد الزواري) في مدينة صفاقسالتونسية عام 2010» الذي كان جزءا من جهود حماس لمشروع تطوير طائرات بدون طيار عرفت باسم »أبابيل»، وقتل في عملية مشابهة نسبت للموساد. كما ذكر تقرير لصحيفة »تايمز أوڤ إسرائيل» أن من بين العمليات التي اتهم فيها الموساد أيضا، هو اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني »حسان اللقيس» في بيروت عام 2013. وكان اللقيس المسئول عن أبحاث تطوير الأسلحة لدي الجماعة التي تصنفها تل أبيب بالإرهابية. زعيم حزب الله »حسن نصرالله»، بدوره، اتهم إسرائيل باغتيال البطش، وملاحقة العلماء والأكاديميين العرب من إيران إلي تونسوماليزيا. وأشار إلي اغتيال عقول لبنانية وعربية في ظروف غامضة حول العالم خلال الأشهر الماضية. ففي ظروف غامضة فبراير الماضي، قتل الطالب اللبناني »هشام سليم مراد» المتخصص في الفيزياء النووية بفرنسا والشاب »حسن علي خيرالدين» المتخصص في الاقتصاد بكندا بعد إعداد بحث حول سيطرة اليهود علي الاقتصاد العالمي. ماليزيا التي وصفتها القناة العبرية ال10 ب»الجنة» بالنسبة لحماس، كونها أصبحت البيئة المناسبة لتجنيد أهدافها أو التطوير والتدريب لتنفيذ هجمات في السنوات الأخيرة، لاتربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ولذلك فمن المحتمل أن حماس هي من مهدت سفر البطش إلي كوالالمبور، لحمايته والتنقل بحرية للتعمق في أبحاثه ودراساته. فقد اعتمدت حماس علي نقل وتوزيع مراكز الأبحاث خارج القطاع خوفا من اغتيال الخبراء في غزة أو نقص الموارد المطلوبة وللابتعاد عن أذرع المخابرات الإسرائيلية. بخلاف ماليزيا، عملت الحركة في تركيا وإندونيسيا وتونسولبنان وقطر، وفق تقرير لصحيفة هآارتس العبرية، علي جذب التمويل وإقامة العلاقات وتجنيد طلاب وعلماء فلسطينيين وعرب لخدمة مشاريع في تطوير أسلحتها وقدراتها الهجومية. كما نقل التقرير علي لسان مسئولين بوزارة الدفاع الإسرائيلية أن الوضع في لبنان يختلف، حيث وصل إلي هناك عدد من قادة حماس خلال السنوات الأخيرة في مسعي لإقامة منظومة صواريخ لاستخدامها عندما يندلع القتال بين الحركة وإسرائيل مجددا. عملية اغتيال البطش الأخيرة ربما تكشف عن بوادر حرب خفية تدور رحاها وراء الكواليس بين حماس وإسرائيل تنذر بتوابع وخيمة علي غزة. فقد هدد وزير الاستخبارات الإسرائيلي» يسرائيل كاتس» باستهداف قادة حماس، إذا نفذت الحركة عمليات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، وذلك بعدما قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس إن قتل البطش يأتي في سياق محاولات سابقة للموساد لاغتيال علماء فلسطينيين. وأكد كاتس أن إسرائيل قد تعود لسياسة اغتيال القادة الفلسطينيين، وأن هنية سيكون من بينهم. • أحمد شعبان