ليس هذا وقت تبادل الاتهامات، ولا التهرب من المسئولية، ولكنه وقت التكاتف لإنقاذ الوطن من كارثة محققة إذا استمر التناحر والانقسام بين قوي الثورة، وإذا لم نتصد جميعاً لمؤامرة الوقيعة بين الجيش والشعب. لقد تراكمت الأخطاء علي مدي الشهور الماضية بعد الثورة لتصل الي هذا الموقف الخطير الذي يهدد الثورة ويلحق أفدح الأضرار بمستقبل الوطن. لقد نسي الجميع في لحظة النشرة بالانتصار علي النظام البائد أن المعركة مازالت في بدايتها، وأن الطريق مازال طويلاً لتحقيق مطالب الشعب في الحرية والعدالة والكرامة الانسانية. نسي الجميع أو تناسوا أن النظام مازال يحتفظ بمصادر قوته، وأن القوي المضادة للثورة لن تستسلم بسهولة، وأن المؤامرات الخارجية علي الثورة لن تتوقف لأنها تعرف معني أن تستعيد مصر مكانتها، وأن تبني قوتها، وأن تقدم -بالثورة- نموذج الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة التي تقلب الموازين في المنطقة لصالح الشعوب العربية ووحدتها وتقدمها. تراكمت الاخطار، وساد الارتباك في إدارة المرحلة الانتقالية. وعندما تحفظنا علي استفتاء مارس لم يكن ذلك إلا لأننا كنا نلمح الخطر وكنا نريد أن نعطي لقوي الثورة التي تجمعت معاً في ميادين التحرير الفرصة الكاملة لتدعيم الثقة بينها ولتواصل الحوار حول المستقبل، وكنا نريد أيضاً أن نعطي الفرصة للسلطة التي تحكم بإسم الثورة لإنجاز مهمتها في تصفية أركان النظام السابق ومحاكمتهم علي جرائمهم وتمهيد الطريق لتسليم السلطة لقوي الثورة المدنية عبر انتخابات حرة ونزيهة. الآن.. نحن أمام حصيلة الاخطار التي تراكمت، والموقف خطير إذا لم نتكاتف جميعاً علي مواجهته. لقد انقسمت قوي الثورة، وتعددت الميادين، واتهامات التخوين والعمالة اصبحت اسهل من »السلام عليكم«، وقوي الثورة المضادة تتحرك بكل حرية، والقوي المشبوهة تعمل بإصرار وبتخطيط محكم علي الوقيعة بين الجيش والشعب، لتكون الكارثة التي لا ينبغي لأي ضمير وطني أن يتسامح أمامها. فلتتوقف كل محاولات التصعيد، ولندرك جميعاً حجم الخطر، ولتتوافق كل القوي الوطنية علي منع الكارثة، ولتكن هناك فترة للتهدئة ومراجعة الموقف من الجميع، وليكن الحوار الجاد -وليس المواجهة- هو السبيل لحل الخلافات بين شركاء الثورة، ولتكن وحدة الجيش والشعب هي الخط الاحمر الذي لا يجوز المساس به، وليتوقف كل عبث بمصير الوطن. فالثورة في خطر، والإنقاذ هو المهمة العاجلة والمسئولية التي لا ينبغي أن يتهرب منها أحد!