تطوير العملية التعليمية في مصر بالفعل مسألة حتمية ولابد منها وهي قضية أمن قومي بالدرجة الأولي فشعب متعلم وأجيال مثقفة واعية مدركة لحقائق ومعطيات الأمور من حولها يعد بمثابة سد منيع أمام أي محاولات لبث الفرقة والتشرذم والانقسام مما يؤدي بطبيعة الحال إلي فشل أي مؤامرات تحاك ضد الهوية الوطنية للدول.. ومن ثم فإن الاهتمام البالغ لوزير التعليم الدكتور طارق شوقي بالعمل علي تطوير التعليم هو شيء في بداية الأمر يستحق أن نشكره عليه، ولكن هذا لايعني أن يتم الانفراد بخطة التطوير دون مناقشتها مع الخبراء والمتخصصين وطرحها للحوار المجتمعي حتي تحقق نسبة نجاح ملموسة عندما يتم تنفيذها في الواقع العملي.. وقديما قالوا إن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر وهو الذي يرسي دعائم البنية الفكرية والثقافية للإنسان، ومن هنا فإن لي ملاحظة هامة علي مايتردد عن تطوير يبدأ بتطبيق نظام جديد للثانوية العامة يتشكل من ثلاث سنوات تراكمية مع استخدام وسائل إلكترونية حديثة كالتابلت وماغير ذلك، وهنا أري أن التطوير لابد أن يبدأ من القاعدة من مرحلة التعليم الابتدائي ويتدرج حتي يصل إلي الإعدادي ثم الثانوي حيث يصبح الطالب مؤهلا بالفعل لنظام جديد للثانوية العامة يؤهله للتعرض لتعليم جامعي متميز يتفق مع حاجة المجتمع، وبنفس التوازي لابد من تأهيل المدرسين في المراحل التعليمية المختلفة ليتواكبوا مع هذا التطوير. أن تنفيذ التطوير السريع في الثانوية العامة أي من أعلي إلي أسفل هو شيء قد لايحقق نجاحا بل سوف يزيد الأمور تعقيدا ويزيد من الأعباء علي كاهل الأسرة المصرية.. نحن مع التطوير وبقوة ولكن علينا أن نبدأ من أول السطر وليس من آخره ، أي مع البراعم الصغيرة التي تتأهل لدخول المدرسة ومن ثم تكون قادرة علي استيعاب كل تطوير بصفة متدرجة، وهذه هي الروشتة التي اتبعتها الدول التي خاضت هذه التجربة من قبل وحققت النجاح المطلوب.