تابعت سلسلة المقالات التي كتبها الاستاذ سمير غريب في جريدة »الأخبار« عن مكتبة الاسكندرية. وقد تمنيت علي الاستاذ غريب وهو المثقف المعروف ان يركز علي مكتبة الاسكندرية وانشطتها وما بلغته من مكانة عالمية كمنبر للثقافة والتنوير والحوار والتواصل بين الثقافات وان تصبح أول مكتبة رقمية في القرن الواحد والعشرين تضم التراث المصري الثقافي والانساني. غير اني للاسف وجدت الاستاذ سمير يركز علي رئيس المكتبة العالم الجليل الدكتور اسماعيل سراج الدين وبأسلوب وحول امور كنت آمل ان يرتفع عنها كاتب المقالات. ولست هنا ادافع عن شخص الدكتور سراج الدين، فتاريخه وسجله العلمي والفكري والثقافي ومكانه ودوره في المؤسسات الدولية، والنطاق العريض من اهتماماته الدولية وعضويته في الاكاديميات العالمية واخرها الجمعية الفلسفية الامريكية، وهو ما اكسبته عشرات من درجات الدكتوراه والاوسمة كان اخرها وسام من درجة قائد الذي يمنحه الرئيس الفرنسي لأبرز الشخصيات العالمية. شخصية بهذه المكانة لا تحتاج لمن يدافع عنها، أما من يحتاج الدفاع عنها فهي مكتبة الاسكندرية، فالتعرض لشخص رئيسها هو تعرض وتشويش علي المكتبة وما بلغته من مكانة عالمية لن نبالغ انها لم تكن تبلغه بدون المكانة والسمعة الدولية لرئيسها وعلاقاته بالشخصيات والمؤسسات الفكرية والثقافية العالمية. وقد كنت اتصور ان الاستاذ غريب وهو المتتبع للحياة الثقافية سوف يتذكر مئات المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي عقدتها المكتبة علي قضايا مصرية وعربية وعالمية ودعوتها لكبار الشخصيات الفكرية والعالمية واخرهم هذه الايام جوزيف ستيجليتز الحائز علي جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، ولابد ان الاستاذ غريب قد سمع ان مكتبة الاسكندرية قد تبنت منذ سنوات دعوة الاصلاح في العالم العربي من خلال عدة مؤتمرات شارك فيها العديد من المفكرين والمثقفين في العالم العربي، واصدرت تقريرها الشهير الذي دعت فيه الحكومات العربية للاصلاح في مجتمعاتها وانشأت مرصدا لمتابعة خطوات الاصلاح، واخيرا وليس اخرا فيجب ان نتذكر ان مكتبة الاسكندرية تحتضن وتستضيف مؤسسة اناليندا المتوسطية للحوار بين الثقافات، وهي المنظمة التي كافح الراحل احمد ماهر عندما كان وزيرا للخارجية لكي تكون الاسكندرية مقرا لها مستعينا بالطبع من وجود المكتبة بها. وفي بداية التسعينيات عندما كنت سفيرا في النرويج، وعندما فاز المكتب الهندسي النرويجي »سنوهتيا« في مسابقة تصميم مكتبة الاسكندرية، كنت اتابع بشكل يومي خطوات انشائها وكان يزورني بشكل منتظم رئيسها آنذاك الدكتور الفاضل محسن زهران لكي نتابع مساهمة النرويج والدول الاسكندينافية في انشاء المكتبة، عندئذ لم اكن احلم ان المكتبة سوف تبلغ هذه المكانة العالمية وان تصبح بحق نافذة مصر علي العالم ونافذة العالم علي مصر، وهو ما يجب أن يفتخر به كل مصري ويحرص عليه.