بيجماليون أسطورة يونانية تحكي قصة المثّال "بيجماليون" الذي وقع في غرام تمثاله الجميل "جلاتيا" فتهبها الآلهة الحياة لتصبح زوجته، الاسطورة يعالجها برنارد شو من منظورٍ آخر في رائعته "سيدتي الجميلة"، حيث لم يقع "هيجنز" في حب الفتاة الراقية التي خلقها من بائعة الورد "إليزا"، وأصر علي أن يعاملها معاملة التلميذ، وتختار هي الأخري استقلالها الاقتصادي والروحي عن أستاذها رغم محاولتها إغراءه بالزواج. رؤيتان مختلفتان لصناعة المستقبل من صلصال الماضي، تجلّيتا كلتاهما في المشهد الثوري المصري. فهناك من يحاول إضفاء القداسة علي الشباب المصري ككيانٍ اعتباريٍ مستقل فوق النقد، بل واختزلوا المشهد الثوري كله في ميدان التحرير متجاهلين - قصداً أو جهلاً - تاريخاً طويلاً لنضال أجيالٍ متلاحقة من أجل دولة الحريات المدنية. وعلي النقيض من هذا، نري فئةً أخري تري نضالها قد تحقق علي يد جيلٍ شاب امتلك جسارة ومهارة الخروج واستحق معه وعلي إثره المشاركة في صنع المستقبل والقرار، ولكنها تنكر علي هذا الجيل الشاب هذا بدعوي عدم أهليتهم قاصرين هذا عليهم وهم الأساتذة . كل طرف يريد صنع تمثاله الخاص به ليقدّسه علي حساب إقصاء الآخر، وتتعدد المشاهد والترددات بين كليهما، فهناك من يؤمن بأحقية كل طرف، وهناك من يزايد به أو عليه، وهناك من يصمت عن هذا وذاك مكتفياً بدور المشاهد للتمثال بعد صنعه ليحدد مواقفه، والحقيقة في كل هذا غائبة، والأرجح أنها تفيد بأنه ما كان لهؤلاء الشباب أن يخرج لولا أن هيأ لها المناخ أجيالا سبقته ، والأكيد أنه ما كان لتلك الأجيال السابقة أن تخرج أبداً لولا خروج هؤلاء الشباب، وعلي بيجماليون إذن أن يفكّر في صنع تمثال جديد علي غرار أبي الهول، نصفه أسدٌ شاب ، ونصفه الآخر إنسانٌ ، ليشترك الطرفان في الجسد والرأس وليكن اسمه علي سبيل التغيير والتثوير أبي القول لا الهول.