في »بنجلادش« 144مليون نسمة غالبيتهم العظمي من المسلمين رفعت مُدرسة دعوي تعد عليها باليد واللفظ ، من جانب أحد الإداريين بالمدرسة التي يعملان فيها. سبب الاعتداء يرجع إلي أن المدرسة رفضت أوامره بوضع ما يخفي شعرها خلال ساعات العمل الرسمية! يوم أمس الخميس أصدرت المحكمة العليا في »بنجلادش« حكمها التاريخي في هذه الدعوي ب :»منع إجبار الطالبات، والمدرسات، والإداريات، علي إرتداء الحجاب، أو الإيشارب، رغما عنهن«. ولم تكتف المحكمة برد الاعتبار للمدرسة، وإنما ألزمت الموظف الذي أراد أن يفرض رأيه بذراعه وليس بالموعظة الحسنة بتقديم اعتذاره وشديد أسفه للمجني عليها. وقالت محامية المدرسة سارة حُسين لوكالة الأنباء الفرنسية تعقيباً علي الحكم الذي أنصف موكلتها »إن النقاب غير إجباري في البلاد، ورغم ذلك فكثير من الفتيات والنساء يتعرضن لضغوطات عنيفة لإرتداء النقاب وهو ما يتساوي مع جريمة التحرش الجنسي«. وبالصدفة.. تزامن هذا الحكم مع عزم بلجيكاوفرنسا علي حظر ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة. الأحزاب البلجيكية المشاركة في الائتلاف الحاكم سبق أن وافقت علي هذا الحظر، وينتظر أن يجري التصويت بعد ساعات علي مشروع بقانون الحظر في البرلمان. وفي فرنسا.. أعلن أمس عن نية الحكومة في طرح مشروع بقانون في شهر مايو القادم يحظر ارتداء النقاب في كل الأماكن العامة بالبلاد. رئيس الجمهورية »ساركوزي« ورئيس الحكومة »فيلون« طالبا جميع الوزراء بتجنيد أنفسهم من أجل إقرار هذا القانون بدءاً في اجتماع مجلس الوزراء، مروراً بجلسة مجلس الدولة، وعند مناقشته في البرلمان، و وصولاً إلي الجلسة الحاسمة التي سيعقدها المجلس التشريعي. الحظر العام، والشامل، أحدث انقساماً بين رأيين. الأول يؤيده، ويرحب به. والثاني يرفضه، ويستبعد إمكانية تطبيقه. اللافت للنظر أن هناك في الحزب الحاكم من يعارض هذا الحظر حتي وإن كان شخصياً يتمني اختفاء البرقع من أمام عينيه نهائياً لأن هذا الحظر يفتقر لأي سند قانوني، وسيتفرّغ كثيرون من المتضررين، ومن غير المتضررين.. معاً للطعن في عدم قانونية، وعدم دستورية، هذا الحظر الشامل مما يزيد من تباعد الفرنسيين المسلمين عن الفرنسيين الآخرين في حين أن الهدف من هذا الحظر كما يقول أنصاره هو تمكين المرأة الفرنسية المسلمة من التمتع بكامل حريتها في اختيار ملابسها بنفسها وليس المجبرة علي ارتدائه. أنصار الحظر يرون أن »الناس في الأماكن العامة يجب أن يكشفوا عن وجوههم ويجب أن ندافع عن قيمنا فيما يتعلق بحرية وكرامة المرأة، خاصة أن الدين الإسلامي لا يفرض علي المرأة ارتداء النقاب أو البرقع«. رافضو الحظر يتوقعون معارضة قوية تتولاها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان، تبدأ بالمسيرات، وتمر بالتجمعات ، وتنتهي برفع شعارات تتهم حكومات وشعوب أوروبا بلجيكاوفرنسا تحديداً بمعاداة الإسلام، وكراهية المسلمين. مؤيدو الحظر يردون بأن من يريد الإقامة في أوروبا عليه أن ينتمي إلي قيمها، وحضارتها، وهناك مثال شهير يتردد علي ألسنة المسلمين وينصح الآخر ب:»كل إللي يعجبك وإلبس إللي يعجب الناس«، فلماذا يعترضون إذن علي حظر البرقع والنقاب؟! معارضو الحظر يتركون القيم والمباديء والعادات والتقاليد جانباً، ويطرحون سؤالاً اقتصادياً مهما، ولاذعاً: »إذا فرضنا حظر ارتداء النقاب فماذا سيكون رد فعل أصحاب متاجر شارع الشانزليزيه، وفي الشوارع المتفرعة منه، عندما ينقطع تردد النساء الخليجيات الثريات القادرات الوحيدات تقريباً علي شراء أغلي المعروضات في تلك المحلات؟!«. ولا يستسلم أنصار الحظر أمام هذا التساؤل المهم، الذي يهدد مستقبل أشيك وأغلي وأرقي متاجر العاصمة الفرنسية، ويردون عليه بسؤال مضاد يقول: » نحن لا نطالب السائحات الخليجيات بأكثر أو أقل مما تعامل الأوروبيات والأمريكيات عندما يزرن أو يقمن في دول الخليج. إن السلطات الخليجية خاصة السعودية لا تسمح لفتاة أو سيدة أوروبية بالسير في الشارع أو التردد علي أي مكان عاما أو خاصا إلاّ وهي منقبة، أو محجبة علي الأقل! والزائرات والمقيمات الغربيات يحترمن المحظورات المطبقة علي المرأة في الخليج، ولا تعترض واحدة منهن علي هذا الحظر واتهام العرب بمعاداة المسيحية، وكراهية الأوروبيين والأمريكيين! المطلوب فقط: المساواة في التعامل«. الصراع بين هؤلاء وأولئك لم ينته. إنه مايزال عند نقطة البداية.