لا يترك المجرمون من أصحاب العقول الظلامية جبهة إلا واجتهدوا لمحاربة الإسلام فيها لخلخلة ثوابت بسطاء الناس ومعتقداتهم، بما في ذلك أحدث الوسائط التكنولوجية حيث يجدون من يُنفق علي توفيرها لهم بسخاء، ولذلك فإن دفاعاتنا لا بد أن تتفوق علي تلك الأدوات بما يسمح بمواجهتها علي الجبهات كافة، والحقيقة أن الأزهر الشريف أدرك مُبكرًا أهمية التواصل الاجتماعي والإنترنت في التأثير علي الشباب والرد بعدة لغات علي الفتاوي المغلوطة والأفكار المتطرفة التي يُروجها الإرهابيون.. وفي هذا التحقيق نبحث دور الوسائل التكنولوجية الحديثة في مواجهة الأفكار المتطرفة: فريضة الوقت د. محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة حلوان، أوضح أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الرد علي المفاهيم المغلوطة والتعريف بالإسلام الصحيح في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الخارج أصبحت فريضة الوقت، وأن المقرر شرعا أن الوسيلة إلي الواجب واجبة، حيث إن الدفاع عن الإسلام أمام التزييف الحاصل بفعل الجماعات الإرهابية والإسلاموفوبيا بواسطة النت فريضة يتعين اللجوء إليها، فالإنترنت وسيلة عالمية عابرة للحدود ويُقبل عليها النشء والشباب. كما يجب عدم الاقتصار علي اللغة العربية واللغات العالمية وهو ما بدأت فيه بالفعل مؤسسة الأزهر والأوقاف والإفتاء، لكننا بحاجة إلي المزيد في هذا الاتجاه. الأزهر »أون لاين» د. أسامة هاشم الحديدي، منسق عام الفتوي الإلكترونية بمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوي الإلكترونية، أكد أن الأزهر الشريف »أون لاين» وأكثر تواصلا الآن مع تكنولوجيا المعلومات من أي وقت مضي بفضل جهود الإمام الأكبر بما يخدم البلاد والناس جميعًا. وأشار إلي أن الهدف من إنشاء مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوي الإلكترونية هو مواجهة فوضي الفتاوي، وكذلك التصدي للفتاوي المتشددة والأخذ بالمعتمد من فتاوي الفقه الإسلامي، والمركز يهدف إلي التيسير علي الناس والوصول إليهم عبر وسائل التواصل الحديثة والمتنوعة مرتكزًا علي التعددية الأصيلة في منهج الأزهر الشريف بما يتناسب مع معطيات العصر ولا يخالف الشرع، مع المساهمة بمزيد من نتاج البحوث العلمية الشرعية لحل وحسم النوازل والقضايا الشائكة ونشر المعلومات الصحيحة عن الدين الإسلامي في مصر والعالم كله من خلال الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة. بكل اللغات وأشار د. أسامة الحديدي إلي أن المركز يقوم بالرد علي الفتاوي بطريق مباشر بكل اللغات وخاصة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، مع إصدار البحوث التأصيلية في القضايا الشائكة بهذه اللغات لمواجهة ما يُسمي ظاهرة الإسلاموفوبيا. رصد يومي ومن جانبه أشار د. محمد عبد الفضيل، مدير مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوي الإلكترونية، إلي أن مؤسسة الأزهر أصبح لها حضور كبير في تكنولوجيا المعلومات في أكثر من قطاع، وخاصة مرصد الأزهر ومركز الفتوي الإلكتروني ومركز الأزهر للترجمة التي يجمعها »مركز الأزهر العالمي»، وهذا الحضور ملموس أيضًا في الاستخدام المتعمق للشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث يقوم الأزهر ببث حملات توعية شبابية وبرامج تثقيفية، لتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة وتوعيتهم بأمور دينهم ومنهجه الوسطي. وأضاف د. عبد الفضيل أن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يقوم برصد يومي لأربعة مستويات من الأخبار والمقالات أو التقارير: »أ» ما تنشره الجماعات المتطرفة عن أنشطتها وأفكارها وأيديولوجيتها، »ب» ما تنشره الصحف والمواقع الإخبارية والبحثية عن الجماعات الإرهابية المتطرفة من إحصاءات وتقارير، و»ج» الأخبار والمقالات الخاصة بشؤون الإسلام والمسلمين والأقليات في العالم، بما في ذلك الأخبار الخاصة بالأزهر الشريف وشيخه وقياداته، و »د» الأخبار السياسية والعسكرية الخاصة بالجماعات الإرهابية من حيث توسعاتها أو انحسارها أو انتشارها. وأشار إلي أن تقارير المرصد العربية والأجنبية تنشرها كثير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وقد اهتمت قنوات تلفزيونية كبري بعمل برامج حول المرصد وإنتاجه، مثل قناة فرانس 24، وقناة سي بي سي، والقناة الأولي النمساوية، والقناة الثانية الألمانية، فضلا عن الصحف والمواقع الأجنبية التي نشرت للمرصد تقارير مهمة في مجال مكافحة التطرف، بالإضافة إلي التعاون الموجود بين المرصد ومؤسسات ومعاهد دولية، مثل المعهد الملكي بالأردن، ومركز صواب بالإمارات، ومرصد الإسلاموفوبيا في إسبانيا، ومرصد باريس، ولجنة مكافحة التطرف بمجلس الأمن التي قامت من قبل بزيارة المرصد.