[email protected] التجربة الماليزية التي تحققت خلال 02 عاما فقط ونهضت بماليزيا لتتحول من دولة تعتمد علي الزراعة فقط إلي دولة صناعية تقترب من الدول الصناعية الكبري. التجربة أصبحت نموذجا للتنمية المتكاملة. رغم ان عناصر التجربة التي اعتمد عليها مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا لخصها في هدف أساسي هو الإنسان الماليزي الجديد الذي يحتاج إلي خبرات الآخرين، فقرر مهاتير أن ينفتح علي الخارج ويعتمد علي الخبرة اليابانية وأن يستفيد من تجربة سنغافورة وابتعد عن النموذج الأمريكي والأوروبي بل انجذب إلي تجارب الدول التي تقع في المحيط الجغرافي لماليزيا وكان لديها تخلف مماثل لما تعاني منه بلاده وأرسل الآلاف من الطلاب والباحثين إلي الجامعات اليابانية أولا، ثم إلي أوروبا بعد ذلك. كما أسس عاصمة إدارية جديدة وتكنولوجيا جديدة بعد أن اكتشف أن كوالالمبور لم تعد تلبي متطلبات المرحلة الجديدة وانتقل بمكتبه إلي هناك وبدأ العمل من نقطة الصفر. هذه الروشتة التي يعتبرها البعض اكتشافا جديدا وعجيبا في نفس الوقت أعلن تفاصيلها مهاتير محمد عدة مرات فقد ترك مقعد رئيس الوزراء في بلاده عام 3002 وزار مصر عدة مرات وفي كل مرة يشرح الرجل أبعاد تجربته الناجحة للمسئولين في مصر وبمجرد الانتهاء من هذا الشرح وإبداء علامات التعجب والانبهار لما حدث من زيادة معدلات التنمية والمكانة التي تبوأتها ماليزيا والرجل الذي ترك موقعه طواعية دون أي طلب، ينتهي كل شيء إلي لا شيء علي الإطلاق وننسي التجربة الماليزية ولا نتذكر سوي التجربة الدانماركية التي عرضها عادل إمام للجمهور والمسئولين ويتخلص فيلم »التجربة الدانماركية« في كيفية نقل تجربة تدريس الجنس في المدارس من الدانمارك.. وقصة الفيلم معروفة، ولأنه نوع من الفن الهابط فاستمر فترة زمنية طويلة وحقق ايرادات! وخرجنا من هذه التجربة بالمقولة الشهيرة للبطل »كل ما تتزنق اقلع!« يلا سلام! علشان نستريح.. امال إيه.. هكذا تكون الاستفادة من تجارب الغير! نعود للتجربة الماليزية التي عرضها مهاتير محمد عدة مرات سابقة لكن للأسف لم نتعلم منها أو نقيمها لنعرف أين نحن منها وما عوامل نجاحها، وما العوامل التي ساعدت علي فشلنا كحكومات في أن نحقق أشباه التجارب والخطط عندنا.. فنجد أننا نفعل العكس ومازلنا مستمرين بنجاح عظيم!!.. فمثلا عندما قرر مهاتير الانفتاح علي الخارج للاستفادة بخبرات الآخرين اعتمد علي الخبرة اليابانية واستفاد من التجربة السنغافورية، ونحن انفتحنا علي إسرائيل وكانت النتيجة انها دمرت الزراعة المصرية علي مدي 03 عاما وأصابتها في مقتل وأصبحنا متخلفين في هذا المجال الذي كان يشهد لنا فيه الجميع بخبراتنا غير المسبوقة عالميا.. وفي مجال جذب الاستثمارات رحبنا بمستثمرين منهم من نصب علينا وسرق أموالنا وهرب، مع وجود قلة شريفة من المستثمرين لا يتناسب حجمها مع ما ينبغي أن تكون عليه الاستثمارات الوافدة إلينا بالرغم من التيسيرات والحوافز غير المسبوقة التي نقدمها للمستثمرين العرب والأجانب والمصريين! مهاتير لم يعتمد علي تقارير الموظفين البيروقراطيين وكان يطلب أرقاما دقيقة عن أوضاع العاطلين والأميين والمهمشين ولم يسمح أو يترك فرصة للتلاعب أو تجميل المواقف.. ونحن لدينا أرقام وبيانات مختلفة للحالة الواحدة علي الرغم من الحكومة الذكية الإليكترونية الاخيرة التي كان يبدو أن ذكاءها موجه فقط لعمليات الفساد الاليكتروني غير المسبوق في كل المجالات! مهاتير ركز علي إرسال البعثات للخارج لتعلم اللغة واكتساب الخبرات العلمية لزيادة مساهمة الصناعة في الاقتصاد وزيادة معدلات التنمية في بلاده ونحن نمتلك قاعدة بشرية علمية وتكنولوجية حاصلة علي أعلي الشهادات العلمية التي تستطيع أن تقود عمليات التنمية في مختلف المجالات.. ثم نصر علي تعيين وزير القوي العاملة المكلف بأخطر حقيبة وزارية ونعطيها لعامل نقابي! باعتبارها مكسبا اشتراكيا طوال ال60 عاما الماضية! روشتات ونصائح مهاتير محمد المتكررة للمسئولين عن التنمية في مصر لا يتذكر منها أحد شيئا بمجرد انتهاء زيارته لمصر علي اعتبار ان الرجل خد واجبه وسافر بعد أن قام بجولته البروتوكولية!! إن علي الدولة أن تتبني خطة تنمية محددة المعالم تؤدي إلي فك أسر التنمية الرأسمالية أمام الرأسمالية المحلية وانعاش السوق الداخلي لكي تشجع علي زيادة الإنتاج لأن زيادته مرتبطة بتوفير الطلب في السوق وليس بالخطب الحماسية.. وعلي الدولة ايضا. إعادة بناء جسور التعاون الاقتصادي داخل السوق الافريقي والعربي الذي يشكل أفق مستقبل الرأسمالية المصرية، هذا الوضع أيضا يفرض علي رموز الرأسمالية المصرية أن تنخرط في العمل السياسي وأن تنشئ منظماتها الديمقراطية التي تدافع وترسم معالم التنمية المصرية فلا تترك الساحة السياسية نهبا ووفقا للقوي غير الديمقراطية، لأن التنمية الرأسمالية لا يمكن أبدا أن تتم إلا في مناخ ديمقراطي فالفساد السياسي يترتب عليه انهيار مبدأ تكافؤ الفرص والفساد الاقتصادي. فالفساد السياسي يستتبعه فساد اقتصادي، والسلاح الحاسم هو الديمقراطية وإشاعة مناخ الحريات لأن هذا المناخ هو الوحيد القادر علي حماية المصالح الرأسمالية، حماية لصالح باقي طبقات المجتمع، لأن التنمية الرأسمالية تتم عبر منتج رأسمالي، والمنتج الرأسمالي يستدعي قوي عاملة من مهندسين وفنيين وعمال وهؤلاء يتقاضون أجورا ينزلون بها السوق لشراء احتياجاتهم، مما يؤدي إلي انعاش مئات الصناعات الخدمية. إذن لسنا في حاجة إلي أخذ النصائح من مهاتير محمد وتجربته في ماليزيا لأن إقامة التطور الرأسمالي ومتاعبه معروفة لمن أراد أن يعرف وهي باختصار شديد لا تنمية رأسمالية وطنية إلا في إطار مشروع وطني تتبناه الدولة وتحدد أولوياته، ولا تنمية حقيقية إلا في إطار ديمقراطي يمنع انحراف أجهزة الدولة وتسلطها علي المستثمر وعلي المواطن. وفي النهاية فإن عناصر القوة والنمو والتنمية في ايدينا.. فلدينا أيدي عاملة رخيصة، ولدينا فنيون ومهندسون علي درجة عالية من الكفاءة، ولدينا رأسمالية وطنية لم يتح لها حتي الآن المناخ الصحي للنمو ولدينا سوق وطنية متعطشة، وأمامنا سوق عربية وإفريقية تستطيع ان نتنافس فيها بحكم موقعنا الجغرافي وعلاقاتنا التاريخية والسياسية. انحيازنا الي التجربة الدانماركية في بداية الالفية الثالثة.. فكرني بانحيازنا في بداية التسعينيات عندما انهار الاتحاد السوفيتي وتنافس دول العالم علي »العلماء السوفييت« بينما فزنا نحن و»لمؤاخذه« باستقبال »العوالم« السوفييتيات!!