أحداث الأمس بين مسرح البالون وميدان التحرير تقطع بهشاشة الوضع بعد أكثر من أربعة شهور من الثورة وتفرض علينا جميعا مراجعة الموقف قبل أن نشهد ما هو أسوأ! وسوف نخطئ أكبر الخطأ لو اكتفينا - كالعادة- بتحميل المسئولية ل»الفلول« و»البلطجية« و»المعادين للثورة«.. فهؤلاء بالطبع لم ولن يتوقفوا عن محاولات ضرب الثورة وتعطيل مسيرتها واستنزاف قواها، ولكن السؤال هو: هل كنا نتوقع من هذه القوي غير ذلك؟ ولماذا منحناها الفرصة وتركنا لها الساحة لتنفذ مخططاتها؟ هل هي الغفلة أو التسامح أم العجز عن حسم الأمور في هذه المرحلة الصعبة، لتبدو الأمور في النهاية وكأننا نسير في طريق دائري يبدأ من التحرير.. وينتهي إليه!! باختصار.. أعداء الثورة واضحون، ومتماسكون، ويملكون أدوات التأثير، فماذا عن قوي الثورة التي تفرقت وانقسمت وتم وضعها بعد أسابيع فقط من الثورة في قلب الصراع الانتخابي، ثم جرها ومعها المجتمع كله إلي معارك الدستور والانتخابات دون الوصول إلي الحد الأدني من التوافق الوطني حول تصفية بقايا النظام البائد، وكيفية عبور المرحلة الانتقالية بالغة الخطورة، وملامح النظام الذي سنرتضي جميعا أن يجمعنا في المستقبل. والنتيجة.. حكومة عاجزة عن الوفاء باستحقاقات المرحلة الانتقالية وقوي توحدت في أيام الثورة تم فرقتها »غزوة الصناديق« وماتبعها من معارك حقيقية أو وهمية، وانتهازية سياسية تخنق روح الثورة الحقيقية وتأجيل للحسم في قضايا لا تحتمل التأجيل، لتكون الحصيلة في النهاية هي هذا الوضع القابل للانفجار في أي لحظة، خاصة مع »فلول« مستعدة، وقوي لم تتوقف عن التآمر علي الثورة، وجماعات تدافع عن مصالحها التي قامت علي الفساد وتخشي من حساب الثورة لها. ومع ذلك فإن أسهل الأمور أن نكتفي بإلقاء الاتهامات علي »الفلول« أو ان نتجاهل أن قدرة القوي المضادة للثورة علي التحرك تأتي من أخطائنا ومن التردد وعدم الحسم في مواجهتها. فلنتحرك قبل فوات الأوان، ولنعترف بالأخطاء ونصحح المسار، ونستعيد روح الثورة. ولندرك جميعا حجم الخطر في أن تسير الثورة في طريق دائري يبدأ من التحرير.. وينتهي إليه!! جلال عارف